بعض ما كشفته التحقيقات في وقائع فساد كبار المسئولين السابقين تؤكد الحاجة إلي سرعة إقرار مشروع القانون الذي تم إعداده ليمنع استغلال كبار المسئولين في الدولة لمواقعهم في تحقيق مصالحهم الخاصة بعيدا عن الرقابة. ولقد كان هذا هو الباب السري لفساد المسئولين الذين تاجروا مع الدولة »بالمخالفة للدستور« ونهبوا الأرض واستباحوا المال العام واستولوا علي قروض البنوك وتسهيلاتها ووصلت الرشاوي إلي جيوبهم باعتبارها هدايا لا يجوز ردها! في التحقيقات مع السيدة سوزان ثابت قيل ان الأموال التي كانت في حساباتها التي خضعت للتحقيق هي تبرعات وهدايا تلقتها للإنفاق علي جمعيات ومشروعات خيرية ترأسها، وبالتالي فقد ردتها للدولة وأخلي سبيلها مع استمرار التحقيق في الوقائع المنسوبة لها. والأمر بهذه الصورة يثير الكثير من التساؤلات حول الخلط بين الخاص والعام، وحول »التبرعات« التي تدخل في الحسابات الشخصية للمسئولين، وحول الهدايا التي يتلقونها والثمن السياسي الذي يدفعونه في مقابلها!وليس بعيداً عن ذلك ما قيل في الحكم الصادر بإخلاء زكريا عزمي أمين الرئاسة السابق، من أن ما يملك من أموال وعقارات لا تتناسب مع دخله يبررها أنه كان يحصل علي مكافآت وهدايا من رؤساء الدول المختلفة وملوكها.. وهو أمر قالت المحكمة إنه لا يندرج تحت بند الكسب غير المشروع (!!).. وقد يكون هذا صحيحا من الناحية القانونية ولكن السؤال يبقي: تحت أي بند يندرج مثل هذا التصرف؟ وما المقابل الذي يتم دفعه لهدايا تتجاوز قيمتها الملايين؟ وهل هناك رقابة علي هذه التصرفات؟.. ثم ماذا عن الهدايا التي كانت تأتي من رجال أعمال مصريين ومن مؤسسات صحفية ومن وزارات الدولة وما المقابل لكل ذلك؟ مشروع القانون الجديد كما نشرته »الأخبار« بالأمس يضع حدا للهدايا التي يمكن لرئيس الجمهورية وكبار المسئولين قبولها بحيث لا تتجاوز 003 جنيه، فإذا اضطر لقبول هدية تزيد قيمتها عن ذلك ذهبت لجهة العمل. وينظم القانون طريقة الرقابة علي أموال كل مسئول، ويفرض احترام أحكام الدستور التي تمنع تعامل الرئيس والوزراء التجاري مع الدولة. ولا أعرف ان كان نفس القانون سيطبق علي أعضاء البرلمان أم ان هناك قانونا آخر لمعالجة الأمر وسد هذا الباب الذي دخل منه الفساد وعشش في كل مؤسسات الدولة.