العلاقات المصرية الافريقية علاقات تاريخية واستراتيجية تحرص القاهرة دائماً علي تدعيمها في شتي المجالات وعلي جميع المستويات. دائماً افريقياً تمثل أهمية خاصة للمصالح المصرية ليس فقط لان مياهنا التي نشربها ونروي بها زراعتنا ونستصلح بها صحارينا تأتي منها، بل لأن الروابط الازلية من تاريخ وجغرافيا وثقافة تتجمع معا لتصب في النهاية في مصلحة أمننا القومي ولا يصح أبدا - ولم يحدث - أن نظر صانع القرار المصري إلي أفريقيا علي أنها القارة التي ننتمي إليها فقط. بل إنها الفناء الخلفي وخط الدفاع لمصر من شتي الجوانب.. لهذا يمثل الاهتمام بها أولوية قصوي في السياسة الخارجية المصرية.. وانطلاقاً من هذا المعني تأتي الجولة الافريقية الجديدة التي قام بها د.عصام شرف رئيس مجلس الوزراء والتي زار فيها كلاً من أوغندا وأثيوبيا علي رأس وفد وزاري رفيع المستوي لتعزيز العلاقات باعتبار ذلك مشاركة استراتيجية وركيزة الاستقرار والتوجه إلي التنمية بخطوات مهمة.. فهذه الزيارة هي الثانية لافريقيا بعد زيارة كل من الخرطوم وجوبا والتي حققت نجاحات لمصلحة البلدين الشقيقين. فليس غريبا ان تكون حكومة ثورة 52 يناير في توجهها المتنوع الشامل اللا محدود افريقيا وعربيا وخليجيا وعالمياً تؤكد علي أهمية تنشيط التعاون المتوقف منذ فترة مع افريقيا بعد مهمة الدبلوماسية الشعبية إلي القارة والتي فتحت المجال أمام التعاون الرسمي والشعبي بصورة كبيرة في ظل رغبة مصرية افريقية. في جولة رئيس الوزراء والتي توجهت إليها الانظار وكانت لأوغندا والتي ترتبط مصر معها بروابط قوية حيث إنها عضو في تجمع الكوميسا وتحتل مكانة مهمة علي الأجندة المصرية حيث إن 51٪ من مياه النيل تأتي من بحيات فيكتوريا والبرت. ولاوغندا تأثير قوي علي الأوضاع بدول حوض النيل كما أن المباحثات التي أجريت مع الرئيس يوري موسيفني عقب مشاركة مصر في احتفالات تنصيبه بعد إعادة انتخابه في الانتخابات الرئاسية فتحت افاق التعاون المشترك اقتصادياً وتجارياً واستثماريا.. وشهدت الصادرات المصرية لأوغندا زيادة حوالي 052٪ خلال السنوات الخمس الأخيرة ونفذت مصر مشروعاً مشتركاً مع أوغندا لمقاومة الحشائش بتكلفة 5.81 مليون دولار اضافة لتنفيذ مشروع تطوير شاطئ جابا وتحويله الي ميناء استراتيجي. المحطة الثانية كانت اثيوبيا حيث نسج نهر النيل علاقات وثيقة بينها وبين مصر وشهدت العلاقات السياسية تحسنا واضحاً ووصفها المراقبون بأنها من أكثر الفترات ازدهاراً ومر علي قيام العلاقات الدبلوماسية بين البلدين ما يزيد علي 38 عاماً. وأمتد التنسيق والتشاور بين البلدين في جميع المجالات.. وأعرب الجانبان خلال المباحثات الدافئة بين شرف وزيناوي عن رغبتهما في تقوية علاقات التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري وتشجيع المشروعات المشتركة.. حيث زاد حجم التبادل التجاري إلي 052 مليون دولار ومن المتوقع الوصول الي مليار دولار خلال عام كما ان الاستثمارات المصرية في اثيوبيا تجاوز 2 مليار دولار وتنوعت مجالاتها وقد تم الاتفاق علي مضاعفة حجم استيراد اللحوم المبردة وتنظيم استيراد الابقار الحية.. وتنشيط مجلس الاعمال المصري الاثيوبي لزيادة الاستثمارات. لهذا تأتي الجولة الافريقية لشرف بنتائج مهمة في شتي المجالات خاصة في مشروعات حوض النيل ومياهه وهي قضايا مصيرية وحيوية وآمل أن تحقق تقاربا جاداً وأن تفتح صفحة جديدة بين دول الحوض بدلا من تضميد الجراح.