مطلوب تطبيق التجربة الماليزية للحج والعمرة في ظل ارتفاع أسعار رحلة أداء فريضة الحج انقسم الناس إلي عدة فرق . فريق يري ان الرحلة واجبة وان استدان لها حتي يسقط الفريضة وفريق ثان يري أنها لا تجب حتي يتيسر له أمور نفقاتها. وفريق ثالث يحرص علي تكرار العمرة والحج سواء كان قادرا أو غير مستطيع ويضطر إلي الاقتراض رغم ما تمر به البلاد من أزمات اقتصادية فهل يقر الشرع ذلك؟ أم الاولي تخصيص نفقات الحج لدعم الاقتصاد ورعاية الفقراء والتكافل الاجتماعي. يقول الشيخ عمر الديب من علماء الازهر الشريف إن الاستطاعة لاداء فريضة الحج تكون جسدية فالمريض غير مستطيع وله أن ينيب غيره واستطاعة مادية فغير القادر ليس بمستطيع ولا تجب عليه الفريضة وتكرار الحج أمر مرغب فيه شرعا قال الرسول صلي الله عليه وسلم : »تابعوا بين الحج والعمرة لانهما ينقيان الذنوب كما تنقي النار خبث الحديد» وهذا في غير المكان والزمان الذي لا يحتاج فيه الاخرون هذه الاموال وفي زماننا هذا يحتاج الناس للعون حتي يستطيعوا تأدية طلبات حياتهم ومع هذا الغلاء الفاحش والازمة الاقتصادية التي يتعرض لها الوطن انصح الذين يحرصون علي تكرار اداء الحج القيام بواجبهم تجاه الاسر التي تعيش حياة طاحنة فلقمة في بطن جائع خير من بناء جامع وخير من تكرار الحج والعمرة فالاستدانة للحج في الاصل غير واجبة ولكن يجوز الاقتراض للحج ويسدد القرض علي اقساط بعد العودة ولكن لابد أن يكون لديه من المال ما يكفي لسداد القرض فإن لم يكن قادرا علي السداد فهو أمر محرم لانه كبل نفسه بدين لاداء نافلة في حالة تكرار الحج، ويضيف الشيخ الديب أن توجيه أموال تكرار الحج والعمرة لدعم اقتصاد مصر في الظروف الراهنة ضرورة لاعلان قيم التكافل وذلك بتقديم الاهم علي المهم ويمكن الاستفادة من اموال تكرار الحج والعمرة بتطبيق التجربة الماليزية لتيسير الحج والعمرة حتي لا يضطر غير المستطيع للاستدانة حيث انشأت الحكومة الماليزية مؤسسة غير ربوية تقوم علي ادخار اموال المواطنين الراغبين في الحج واستثمارها وقد حظيت هذه التجربة بتأييد شيخ الازهر آنذاك الامام محمود شلتوت إبان زيارته لماليزيا عام 1962 ومنطلق الفكرة مراعاة حال الذين يدخرون لرحلة الحج سنوات عديدة ويستدينون ويبيعون جزءا من ممتلكاتهم لتأمين تكاليف الرحلة فبادرت الحكومة بإنشاء صندوق الحج وهو صندوق تكافلي تدخر فيه الاسر الماليزية لابنائها منذ ولادتهم بمبلغ زهيد شهريا، فما أجل ان تعمم هذه التجربة المميزة لتجتمع الجهود المشتتة للجمعيات الخيرية تحت مظلة الدولة يشرف عليها نخبة من العلماء ويديرها عدد من الاقتصاديين. تيسير العبادات ويقول د. عبدالفتاح أدريس استاذ الفقه المقارن بجامعة الازهر: فريضة الحج لا تجب إلا علي المستطيع لقوله تعالي: »ولله علي الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا» وقد سأل الصحابة رضي الله عنهم الرسول صلي الله عليه وسلم عن سبيل الحج؟ فقال : هو ملك الزاد والراحلة أي النفقات الخاصة به والنفقات من يعولهم من أسرته لان نفقتهم متعلقة بحقوق الادميين وهم أحوج لان نفقتهم واجبة بينما الحج واجب علي التراضي عند الشافعية ومن وافقهم. ومن ثم من لا يملك نفقات الرحلة فلا يجب عليه الحج ولا يأثم ان لم يؤده وبالتالي لا يجوز له الاقتراض لاداء الفريضة كما أجمع العلماء لان التكاليف الشرعية منوطة بوسع المكلف وطاقته قال الله تعالي: »لا يكلف الله نفسا إلا وسعها» والاقتراض له شروط أهمها الحاجة الملحة وليس الحج من الحاجات التي تسوغ الاقتراض. ويضيف اذا كان المسلم عليه دين فالدين يمنع من الحج اذا جاءموعد سداده علي الفور بخلاف الحج فإنه يجوز علي التراخي حين الاستطاعة. إما اذا كان الدين مؤجلا سداده فإنه حتما سيحل عليه موعد السداد فإذا انفق ما معه علي الحج ولم يجد ما يوفي به دينه فلا يلزمه اداء الحج حتي يوفي دينه ويتوافر معه المال لاداء الفريضة . وان كان معه مال ولكن يحتاجه ليقف لنفسه بالزواج إن خاف الوقوع في الفاحشة فالنكاح مقدم. ويقول د. اسامة الحديدي عضو المكتب الفني لوكيل الازهر: هذا التيسير من الله علي العباد في العبادات فقد سقط عن الفرد اداء الزكاة ما دام لا يملك النصاب أو يحل عليه الحول وكذلك الصوم فمن كان مريضا أو علي سفر فعدة من أيام آخر.. اذا كان هذا التيسير بشأن الفرائض فما بالنا بالنوافل ومن هنا لا يجوز ايضا ان يقترض الشخص ليخرج للحج للمرة الثانية أو الثالثة أو زيادة أو يحج عن غيره ما دام غيره أصلا غير مستطيع.