وألقيت بنفسي مع الثوار في ميدان التحرير رئيس مصر القادم يجب أن يكون منحازا لمحدودي الدخل عشت معارضا للنظام فعاقبني بالاستبعاد والتهميش! عاش حياته ثائرا ومعارضا للنظام.. حتي جاءت اللحظة التي لم يتوقعها وقامت الثورة فهرع بتقديم استقالته كمتحدث رسمي للأزهر الشريف وألقي بنفسه في ميدان التحرير وانضم للثورة والثوار غير عابئ بأي شئ سوي الثورة علي الظلم والاستبداد من أجل الحرية والكرامة والمساواة ويعكف الآن علي دراسة ترشحة للرئاسة.. تدرج في السلك الدبلوماسي حتي أصبح مساعدا لوزير الخارجية وكان آخر منصب تقلده سفير مصر في ليبيا ورغم كفاءته التي يشهد بها الجميع ألا أن النظام عاقبه سواء بتهميشه أو استبعاده من المناصب الحيوية بالدولة.. انه السفير محمد فتحي رفاعة الطهطاوي حفيد الشيخ رفاعة الطهطاوي رائد النهضة العلمية الحديثة وهو ايضا حفيد عبدالرحمن باشا عزام جده الأكبر لوالدته وهو المجاهد الإسلامي الكبير وأول رئيس للجامعة العربية.. التقينا به ودار هذا الحوار. هل كنت تتصور أن تحدث ثورة وتنجح؟ أحب أن اقرر أولا ان يوم 42 يناير لم اتوقع ان تقوم مظاهرات ضخمة وكنت اتصور أن الأمر لا يتعدي المظاهرات المحدودة التي تعرفنا عليها وظل هذا تقديري حتي جاء يوم 82 يناير »جمعة الغضب« وهنا أدركت ان هناك شيئا حقيقيا يحدث وان هناك تباشير ثورة شعبية تلوح في الأفق وهنا أدركت اننا في معركة سيتقرر فيها مصير مصر وفي ذلك اليوم نزلت ميدان التحرير وانضممت للثوار بعد ان تقدمت باستقالتي كمتحدث رسمي لمشيخة الأزهر الشريف ورغم انني لم اقم بأي دور في الاعداد بالثورة وكانت مشاركتي فيها مشاركة واحدة من الملايين فقد كان تقديري انه عندما يصبح مصير مصر في الميزان فلابد من ان يلقي كل منا بوزنه في كفة الشعب مهما كان هذا الوزن ضئيلا لأن كل صوت يعلو وكل يد ترتفع في مواجهة الطغيان يمكن ان تحدث فارقا والأمر شأنه مثل قطرات المطر التي تتجمع قطرة في قطرة ثم تصبح سيلا عارما يزيل قلاع الظلم والطغيان. ما أهم مكتسبات الثورة؟ الثورة أعادت لنا الثقة في أنفسنا وأوضحت للقاصي والداني ان شعب مصر حي لم يمت وانه قد يصبر علي الظلم ولكنه إذا انتفض حطم السلاسل وارتفعت قامته ليعود كما كان عملاقا هائلا يصنع الحضارة ويقود المنطقة كلها من أجل التحرر والتقدم، فالثورة كسرت حاجز الخوف لدي المصريين وأكدت أننا لن نقبل مرة أخري ان نسقط أسري للفساد والاستبداد والثورة اسقطت رأس النظام السابق وخلخلت أركانه لكنها لم تقتلع النظام من جذوره ولم تقضي علي بقاياه ولم تعاقب المجرمين من اعضائه ولم تستطع بعد ان تقيم نظاما شعبيا بديلا إذن الثورة نجحت نجاحا كبيرا لكنه نجاح لم يكتمل وتكون قد حققت اهدافها عندما يصبح في مصر نظام ديمقراطي مدني حر وعندما نستطيع ان نبدأ في مسيرة تقدم اقتصادي واصلاح تعليمي واجتماعي وعندما نستطيع ان نقيم نظاما يتسم بالحرية والسياسة والعدالة الاجتماعية وباستقلال الوطن. ما قصة ترشحك للرئاسة؟ لا يوجد شئ مستبعد ولا يوجد شئ مؤكد وبين غير المستبعد وغير المؤكد تصبح كل الاحتمالات واردة!! ما المواصفات التي تريد ان تراها في المرشح الرئاسي؟ هناك 5 شروط رئيسية يجب توافرها في برنامج أي مرشح أولها ان يكون له انتماء واضح للثقافة العربية والإسلامية باعتبارها التعبير الحقيقي عن ثقافة الأمة وعن هويتها الحضارية وهي الوعاء الجامع الذي يضم المصريين جميعا علي اختلاف أديانهم ثانيا ان يكون مؤمنا بالحرية والديمقراطية وبالحكم المدني إيمانا راسخا بغير اقصاء أو قيد أو تتداول السلطة في حكم سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان. ثالثا: ان تكون سياسته الاقتصادية منحازة انحيازا للأغلبية وهم محدودو الدخل لان الحاكم هو أجير لدي الشعب يلتزم بمصلحة الشعب ولا يتعداها وان يتبع سياسة اقتصادية وطنية لا تطبق فيها الفوارق بين الطبقات ويقسم الدخل القومي بشكل أكثر عدالة فلا تموت كثرة من جوع ولا قلة من تخمة. رابعا: ان يكون قادرا علي اتباع سياسة خارجية مستقلة وله رؤية لدور مصر التاريخي ومقتضيات أمنها القومي ودورها الاسلامي والعربي وان تكون له إرادة سياسية ذات موضع تنفيذ. خامسا: ان يكون قادرا علي بناء توافق وطني بين مختلف الاتجاهات. ما آراؤك في مرشحي الرئاسة وخاصة هناك ثلاثة من المدرس الدبلوماسية هم عمرو موسي ومحمد البرادعي وعبدالله الاشعل؟ قال هي مدرسة وطنية ينطلق اعضاؤها من حقيقة انهم يمثلون مصر كوطن خالد وكدولة رائدة ولا يمثلون نظام حكم معين ولا مصلحة جزئية لوزارة من الوزارات وهم يتمتعون بنظرة وطنية، ود. محمد البرادعي يتسم بالموضوعية والنزاهة والصلابة في الحق وله خبرة دبلوماسية وسياسية هائلة ويؤمن بالديمقراطية وهو ابن مصطفي البرادعي نقيب المحامين الأسبق المعروف عنه دفاعه عن الحريات وسيادة القانون. وعمرو موسي يتمتع بكاريزما هائلة وهو أبرز الدبلوماسيين المصريين والعرب وله شعبية كبيرة وعبدالله الاشعل فقيه معتبر في القانون الدولي وله مواقف معارضة للنظام السابق وشجاعة يحسد عليها. والمعركة الانتخابية لم تبدأ بعد فالمعركة لن تحددها صالونات الصفوة ولا شاشات التليفزيون ولا مقالات الصحف والمرشح الذي سيفوز هو المرشح الذي سوف يستطيع ان يصل إلي الجماهير في أعماق القري والنجوع والأحياء الشعبية وتسانده القوي الملتحمة بالجماهير. كيف عشت معارضا للنظام رغم انك كنت تعمل في وزارة الخارجية وشغلت منصب سفير مصر في بعض البلدان الأجنبية؟ انا معارض للنظام بشكل واضح ومحدد منذ عام 5691 ولم تتوقف معارضتي لهذا النظام مطلقا منذ ذلك التاريخ وكنت عازفا تماما عن دخول الانتخابات أو الحزب الوطني وانني كنت مهمشا دائما إلي حد بعيد وليس من البطولة الآن ان اتكلم عن أشياء ومواقف حدثت في الماضي وتستخرج من أعماق الزمن مواقف اقدمها كمعارض للثلاثة عهود الماضية! كيف تري محاكمة مبارك والنظام السابق؟ أري ضرورة محاكمة مبارك وكل أركان نظامه محاكمة عادلة من أجل القصاص العادل وايضاح الحقائق أمام الشعب وضرب العبرة لكل من تسول له نفسه الاعتداء علي حقوق هذا الشعب وحريته وارجو ان تكون المحاكمات حول الجرائم التي ارتكبت ودماء الشهداء التي أريقت بغير حق ووقائع التعذيب الاجرامي واعتقال الأبرياء لعشرات السنين واعتقد ان دماء الشهداء أمانة في أعناقنا توجب علينا محاكمة عادلة وعلنية وعاجلة لكل من أمر وخطط ونفذ هذه الجرائم. لقد عملت سفيرا لمصر في ليبيا كيف تري ثورة ليبيا؟ النظام الليبي نظام لا مثيل له في عسفه واستعماله البطش بغير رادع من دين أو خلق أو وطنية وقد بدأت الثورة سلمية ثم اضطرت إزاء عنف النظام ان تتحول إلي ثورة مسلحة واستطاعت ان تحقق نجاحات كبيرة حيث استطاع الثوار تحرير معظم اقيم برقة ومصراتة والزاوية لكن ليبيا الآن تعيش وضعا شديد الصعوبة وإما ان تترك الأمور علي ما هي عليه وهذا يهدد بكارثة ومذبحة إنسانية وبانتهاء الثورة والأمر الثاني استمرار التدخل الأجنبي وكنت اتمني لو ان الجامعة العربية بادرت لاتخاذ قرار يرتفع إلي مستوي المسئولية القومية علي غرار القرار الذي سمح بتدخل عربي للتصدي لمطامع عبدالكريم قاسم في الكويت سنة 0691 وأري حلا لهذه الأزمة هو خروج القذافي من ليبيا خروجا آمنا لأن البديل قيام القذافي بالقتال حتي آخر رمق بما يعني اطالة أمد الأزمة ومزيد من إراقة الدماء وزيادة تعاظم التدخل الأجنبي.