الحوار ممتع وجميل جدا، رغم أن صاحبه الكاتب التشيكي الفرنسي الأشهر »ميلان كونديرا« يتخذ موقفا من الصحافة ومن الحوارات الصحفية، ويقاطعها بصورة نهائية.. الحوار الجميل هذا، وافق أخيرا كونديرا علي إجرائه لجريدة »اللوموند« شرط أن يقوم هو بنفسه باختيار مقاطع من كتبه ورواياته كإجابات علي أسئلة الصحفي. كثير من المتعة سببها »إعادة القراءة« أو تلك الاستعادة التي يقدمها كونديرا بنفسه لرواياته وكتبه من منظور مختلف ورؤي جديدة.. أما حكاية مقاطعة كونديرا للأحاديث الصحفية، فلأنها لديه ليست أكثر من »إعادة كتابة«، يعني لا يمكن أن يكون كلام الكاتب هو كلامه، لابد من تحريك بسيط أو كبير في الحوار.. كلمة هنا أو كلمة هناك.. دائما هناك إعادة لما يقال بطريقة مختلفة أو بطرق مختلفة.. الاضمن لدي كونديرا ان يوقع الكاتب بنفسه علي ما يقوله أن يكتبه، فلا يترك أي مجال للالتباس أو التأويل أو طبعا للخطأ. وفي كلام كونديرا وموقفه بعض الصحة، وكثير من المبالغة والأغلب أن هاجسه ليس مقاطعة الأحاديث الصحفية، ولكن الهروب من كل محاولات الاقتراب من صورته وسيرته، فهو يحلم بعالم يصبح فيه الكتّاب مضطرين قانونيا بالاحتفاظ بسرية حياتهم، واستعمال أسماء مستعارة.. أنه ايضا يشبه فولكز الذي رغب أن »يلغي ككائن بشري، بأن يزال من التاريخ، وأن لا يترك فوقها أي أثر، لاشيء سوي كتبه المطبوعة«.. وفي استعارة شهيرة يكتب كونديرا في فن الرواية، »يهدم الروائي بيت حياته كي يعيد مع القرميد، بناء منزل آخر.. منزل الرواية.