يظن محبو القارئ الشيخ محمود علي البنا والذي تمر علينا الآن ذكري رحيله أنه أمام شهرته التي حققها باجتهاده ان طريقه إلي الشهرة والنجومية كان محفوفا بالورود بينما الحقيقة ان طريقه لم يخل من المواقف الصعبة، ويروي شقيقي رجل الأعمال الشيخ أحمد البنا عن بعض الصعوبات التي واجهها الشيخ البنا الأب خلال مشوار نجاحه فيقول: كان فوز والدي في مسابقة جمعية الشبان المسلمين لحفظ القرآن سببا ان تختاره الجمعية قارئا لها في مناسباتها المختلفة وذلك قبل التحاقه بالإذاعة، وكان من بين هذه المناسبات احتفال الجمعية السنوي بمطلع السنة الهجرية كل عام، وذلك في احتفال كبير نظمته الجمعية وأقيم علي مسرح دار الأوبرا القديمة، وكان يحضره كبار الشخصيات العامة في الدولة وسفراء الدول العربية وغيرهم من نجوم المجتمع في »نهاية أربعينيات القرن العشرين» وكلف صالح باشا حرب رئيس جمعية الشبان المسلمين انذاك الشيخ البنا قارئ الجمعية بافتتاح الحفل، وكانت تلك هي المرة الأولي التي سيظهر فيها والدي الشيخ علي مسرح الأوبرا في مواجهة مباشرة مع هذه النخبة من جمهور الحاضرين، وعندما حان وقت ظهور والدي علي المسرح لافتتاح الحفل إذا بمذيع الإذاعة يعترض علي تقديم الشيخ البنا متعللا في اعتراضه ان البنا لم يكن من قراء الاذاعة بعد! وبين اصرار صالح باشا حرب علي ظهور البنا قارئ الجمعية وبين اعتراض مذيع الاذاعة شعر والدي بحجم الأزمة التي سيحدثها ظهوره فشعر بالحرج لثقة »صالح باشا حرب» العظيمة في أدائه، وتأزم الموقف وفقد والدي الأمل في ظهوره أمام هذا الجمع المميز من صفوة المجتمع في تلك المناسبة، ولكن صالح باشا حرب نجح في مساعيه ان يقنع مدير الإذاعة محمد بك قاسم ان يقوم البنا بافتتاح الحفل حتي ولو لم يكن قارئا في الاذاعة بعد. وألقت هذه الموافقة بمسئولية كبيرة علي عاتق والدي جعلته يشعر بشيء من التحدي لنفسه وللمعترضين علي ظهوره، ودفعه الاحساس بمسئولية الموقف ان يؤدي أحسن أداء ليثبت لنفسه انه عند حسن ظن الجميع في أول مرة ينطلق فيها صوته من وراء ميكروفون الاذاعة. ولما لاقت تلاوته استحسان الجميع وأدهشهم جمال صوته ونضوج أدائه رغم حداثة عمره الذي لم يكن يتعدي العشرين أنذاك، سرعان ما تحولت المحنة إلي منحة من الله تعالي عندما عبر مدير الاذاعة عن اعجابه بأداء والدي ورشحه للالتحاق بالاذاعة ليصبح الشيخ البنا قارئا مميزا بين كبار قرائها أنذاك ويلمع نجمه بينهم.