بالتأكيد هي ليست من نصوص القرآن الكريم.. لكنها من روح تعاليم الإسلام وسنة رسولنا محمد صلي الله عليه وسلم.. ولم أقل أنها من نصوص القرآن أو الاحاديث الشريفة في مقالي السابق.. انما هي كلمة معبرة عن حدث يتأسي به الانسان علي آخر نسي الله فأنساه نفسه. وظل في ظلمه وطغيانه حتي أتاه امر الله بغتة ولم يعد من أمره وأمر من حوله إلا قول »سبحان الله يمهل ولا يهمل«.. وقد روي الصالحون من القصص والمآسي المعبرة عن هذا المعني.. والتي نأمل ان نأخذ منها العظة والعبرة.. »وليعتبر أولي الألباب«. يروي أن جزارا اشتهر بين الناس بالتقوي والعلاج.. وكان متعودا ان يصلي الفجر وبعدها يقوم بذبح ذبائحه لبيعها.. وبعد ان فرغ من الذبح رجع عائدا إلي بيته ولم تكن الشمس قد بذغت في عرينها.. وسمع صراخا كأنه رجل في النزع الاخير فلما اقترب من الصوت وجد رجلا مغروسا في رقبته سكينا.. حاول اسعافه بنزع السكين والاسراع به إلي الوحدة الصحية.. ولم يكد يحمله حتي جاء الناس وشاهدوا في يد الجزار السكين والرجل الذي يمسك به قد فارق الحياة.. وتمت محاكمته وجاء موعد القصاص.. وصرخ الجزار لم اقتله.. لم اقتله، وهو فعلا لم يقتله، وفجأة اعترف الجزار لكني قتلت غيره.. فاوقف القاضي تنفيذ الحكم وعاد ليستمع إلي الجزار.. لقد قتلت طفلا وامه.. وروي حكايته.. قال: كنت اعمل علي معدية تنقل الناس واشياءهم عبر النهر إلي البر الآخر.. واعجبت بفتاة.. وطلبت الزواج منها.. لكن اهلها رفضوني.. وغلي الدم في عروقي وصممت علي الانتقام.. وفي يوم من الايام جاءتني سيدة وطفلا تريد ان تعبر للشط الاخر.. وفي وسط النهر هجمت عليها كي اضاجعها فصرخت فأمسكت بطفلها ووضعت رأسه في الماء حتي شارف علي الغرق كي تستجب لكنها لم تستجب واخذت تصرخ ولا احد يسمعها.. وفوجئت بالطفل يلفظ انفاسه الاخيرة في يدي.. وهددتها بالقتل ان لم تستجب.. وحاولت معها وهي ترفض حتي امسكت بها وخنقتها ورميت جثتها وجثة ابنها في النهر.. ولم يشعر بي احد.. ولم افصح عن جريمتي حتي جاء هذا اليوم الذي اشعر فيه بالندم.. لكني راض عن اقامة الحد عليَّ لجريمتي الاولي.. اما الثانية التي حوكمت بها فلم افعلها.. وسبحان الله يمهل ولا يهمل. هكذا الانسان.. يطغي ويتكبر ويظلم ويفسد في الدنيا.. ولا يشعر ان هناك من يراقبه أو بمعني ادق من يحاسبه.. أو من يكتب كل شيء.. التافه وغير التافه.. الغث والثمين.. »لديه رقيب عتيد«.. »ونمدلهم في طغيانهم يعمهون«.. هكذا سبحانه وتعالي.. يترك للظالم الحبل علي الغارب.. يظلم ويظلم ويظلم ويزين له الظلم.. هكذا عاشت مصر.. وعاش شعبها سنوات وسنوات.. وآن للشعب أن يشعر بالأمان.. آن للشعب ان يتخلص من عهود الظلم.. وفلوله.. وان يتطهر من الذين يركبون الامواج ويقفزون فوق المآسي والآلام.. لقد حدث الانفلات في كل شيء.. مخطيء من يتصور ان الانفلات حدث في الأمن فقط.. الانفلات الاكبر مازال في الصحافة والاعلام.. لقد اشتكي رئيس الوزراء في لقائه بالقيادات الصحفية بما تنشره الصحف والقنوات الفضائية حول مصر الان وما فيها من مبالغات.. تحدث عن الوضع الاقتصادي السيء.. ومخاوف رجال الاعمال والمستثمرين سواء المصريين أو العرب أو الاجانب.. تحدث عن الانفلات الديني وحذر المجلس الاعلي للقوات المسلحة، الذي يحكم مصر الآن، من اللعب بالنار في هذه المنطقة الحساسة.. هناك من يخترع قضية وهمية.. للسيطرة علي منبر مسجد النور.. المنبر الذي وقف عليه العلامة والفقيه المستنير الشيخ محمد الغزالي اصبح موضوع نزاع الان بين جمعية الشيخ حافظ سلامة ووزارة الاوقاف.. قضية اخري خائبة.. هي قضية السيدة كاميليا.. اسلمت ام لم تسلم.. لن يزيد الاسلام بها ولن ينقص.. هل هي احدي »العمرين« اللذين قال فيهما رسول الله صلي الله عليه وسلم اللهم اعز الاسلام باحد العمرين »عمر بن الخطاب، عمرو بن هشام« واستجاب الله لدعاء نبيه واعز الاسلام بالفاروق.. اذن من كاميليا التي تقام من اجلها المظاهرات؟!.. ثم ما هذا الخبل الذي يحدث بين المسلمين يقولون انهم »سلفيون« والسلفيين منهم براء.. يهدمون الاضرحة وينصبون من انفسهم »الضابط والمحقق والقاضي والجلاد«.. في شرع من هذا الذي يحدث في مصر في ظل غياب وضعف للازهر الشريف وغياب لعلماء وعقلاء الامة الاسلامية.. نريد دعاة مستنيرين يبصرون الناس بأمور دينهم في زمن اختلط به الحابل بالنابل. وقريبا سيأتي الوقت الذي اتحدث فيه باستفاضة عن الانفلات الصحفي. لكني اليوم اركز علي الانفلات السلوكي لابناء مصر. وأسأل هل من اخلاقيات ثورة 52 يناير المجيدة ان يستمر الهجوم علي اقسام الشرطة وتهريب المسجونين والاعتداء علي قوات الأمن؟ وهل من اخلاقياتنا ان نقف لبعض بالمرصاد نمسك بالاسلحة والسيوف والجنازير ونهشم السيارات وندمر المحلات ونعتدي علي المارة الآمنين.. ونذيق السكان ويلات المعارك العنترية لنفر يستعرض قوته في ظل غياب امني بسبب ظروف قهرية ألمت بالمجتمع.. هل هذه هي النخوة. هل هذه هي الشهامة المصرية؟ هل هذه هي اخلاقيات ثورة شباب 52 يناير؟! كنت اتصور ان شباب مصر ورجالاتها هم اول من يتصدي للبلطجة والبلطجية؟! كنت اتصور ان الامر بيدنا نحن لابيد السيد منصور عيسوي وزير الداخلية.. الرجل يلملم جراح رجال الشرطة.. الرجل يحاول بناء قوات الامن.. الرجل الله يكون في عونه يحاول اعادة هيكلة وزارة كانت تمثل رعبا للمواطنين ثم انهارت فجأة.. واصبحت رمادا ودخانا في الهواء! والسؤال الذي يطرح نفسه.. لماذا لا نشكل قوة دفاع شعبية منظمة تتولي تحقيق الأمن الداخلي.. بالتعاون مع قوات الامن الحالية.. والمتوفرة.. وقوات الشرطة العسكرية وسلاح الدفاع الشعبي بالقوات المسلحة؟!