تحتضن القاهرة الاخوة في »حماس« و»فتح« وباقي الفصائل الفلسطينية هم يوقعون اتفاق المصالحة الوطنية، بعد سنوات قاسية من الشقاق نرجو أن نطوي صفحتها بسرعة بعد أن دفع الشعب الفلسطيني ثمنها الفادح. وبداية فإن من حقنا نحن الذين لم نتصور يوما أن ترتفع البندقية الفلسطينية في وجه فلسطيني أن نطالب الاخوة في »فتح« و»حماس« أن يدخلوا عملية المصالحة بأقصي درجات المسئولية، وباعتبارها تصحيحا لخطأ وقع بل لجريمة تمت وشارك فيها الجميع واستغلها العدو بأبشع طريقة، وأن ينظروا إلي عملية المصالحة التي تحتاج لجهد هائل من كل الأطراف لاتمامها باعتبارها انتصارا للضمير الوطني وليس خضوعا لظروف طارئة حلت بهذا الطرف أو ذاك أو بحلفائه هنا أو هناك!! الفترة القادمة صعبة والتحديات هائلة، وليس من طريق أمام الاخوة في »فتح« و»حماس« وباقي الفصائل إلا الوحدة الوطنية الصلبة التي تطوي صفحة الانقسام السوداء وتعيد الحياة لثورة الشعب الفلسطيني لاسترداد حقوقه المشروعة. لكننا اليوم لا نحتفل فقط بإنجاز المصالحة الفلسطينية، ولكننا نحتفل أيضا مع كل الأمة العربية بإنجازنا الأكبر في هذه المرحلة، وهو عودة مصر إلي موقعها الطبيعي ودورها الذي لا غني عنه لكل عربي، وإنهاء صفحة أكثر سوادا حول فيه النظام السابق مصر إلي مجرد »وسيط« بين الأمة وأعدائها!! وترك الساحة خالية لكل من أراد أن يلعب دورا في المنطقة في غياب مصر وغياب العرب معها!! وقد راهنت قوي كثيرة قبل الثورة علي عزل مصر عن محيطها العربي. وراهنت هذه القوي بعد الثورة علي أن مصر ستنكفيء علي مشاكلها الداخلية وما ورثته من تركة النظام السابق من توابع الفساد والاستبداد. ولم يدرك هؤلاء أن مصر حين تستعيد وجهها الحقيقي فلن يكون هذا الوجه إلا عربيا، وأن القاهرة حين تستعيد قرارها الصحيح فلن تكون أبدا »شريكا« في حصار جائر لشعب فلسطين، أو »متفرجا« في قضايا الشعب العربي، أو »وسيطا« بين الأمة العربية وأعدائها. مصر تعود بالثورة، فتنفتح أبواب الأمل في الوطن العربي من المحيط إلي الخليج الذي كان وسيبقي عربيا !