بعد أيام ينطلق ماراثون الانتخابات البرلمانية المبكرة في بريطانيا التي دعت إليها رئيسة الوزراء تيريزا ماي. وستحدد نتائج الانتخابات الحزب الذي سيتفاوض علي خطة خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي »البريكست». كان من المفترض أن تجري الانتخابات العامة في 2020 ولكن ماي فاجأت البريطانيين والأحزاب السياسية بالدعوة إلي انتخابات مبكرة رغم تأكيدها أكثر من مرة أن الانتخابات ستكون في موعدها. وقالت ماي »لقد توصلت إلي أن السبيل الوحيد لضمان الاستقرار والأمن لسنوات مقبلة هو إجراء الانتخابات الآن». ويري بعض الخبراء السياسيين أن ما أعطي ماي هذه الدفعة لإعلان انتخابات مبكرة هو تقدم حزب المحافظين في الانتخابات المحلية التي أجريت في مناطق واسعة من بريطانيا أوائل الشهر الماضي كما ان استطلاع الرأي الذي أجرته شركة »يوجوف» العالمية أظهر أن البريطانيين يرون أن حزب المحافظين هو الأفضل للتفاوض علي شروط خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي مقارنة بحزب العمال وهو حزب المعارضة الرئيسي.. وهكذا يبدو موقف حزب العمال ضعيفا لأن الحزب يعاني من مشاكل وانقسامات داخلية. وأشار الاستطلاع نفسه إلي أن 63% من البريطانيين يعتقدون أن »البريكست» هي أهم قضية ستواجه بريطانيا خلال الفترة المقبلة، يأتي بعدها الصحة. وأوضحت ماي أن إجراء انتخابات مبكرة في 8 يونيو بدلا من الانتظار حتي عام 2020 سيجعلها تتجنب وضعا قد تضطر فيه لمواجهة لحظة حاسمة في مفاوضات الخروج من الاتحاد الأوروبي »البريكست» وانتخابات محلية في الوقت نفسه. ووفقا للجدول الزمني فإنه من المتوقع أن تغادر بريطانيا الاتحاد الأوروبي في مارس 2019، ثم إن إجراء انتخابات مبكرة يعني أن ماي لن تكون مرغمة علي خوض انتخابات مرة أخري حتي عام 2022، مما يتيح لها هامشا أكبر للمناورة في المرحلة النهائية من مباحثات »البريكست». ويبدو أن ماي رأت أن الوقت قد حان للقيام بمناورة سياسية، أطلق عليها بعض المحللين أنها مقامرة سياسية، من أجل تعزيز سلطتها وتقوية نفوذها داخل حزب المحافظين وخارجه ولإسكات الأصوات المعارضة التي طالما أشارت إلي أنها لم تحصل علي تفويض شعبي وإنما اعتلت سدة الحكم نتيجة حسابات خاطئة لزعيم حزب المحافظين السابق ديفد كاميرون بعد فشله في الفوز بنتيجة الاستفتاء لإبقاء بلاده داخل الاتحاد الأوروبي. ويتنافس في الانتخابات3303 مرشحين من عشرات الأحزاب السياسية المتنافسة علي 650 مقعدا. وهذا العدد هو أقل من عدد المرشحين في انتخابات 2015 والذي وصل إلي 3971 مرشحا. يوجد في المملكة المتحدة 650 دائرة انتخابية وعادة ما يكون للأحزاب الكبري مثل حزب المحافظين بزعامة تيريزا ماي والعمال بقيادة جيرمي كوربين والاستقلال بقيادة بول نوتال مرشحين في غالبية الدوائر..لكن هذا المرة حزب الاستقلال له مرشحون في 378 دائرة فقط وهو أقل بكثير عن انتخابات 2015 حيث كان للحزب مرشحين في 624 دائرة. ويقول خبراء أن هذا سيكون له تأثير كبير علي الانتخابات حيث أن نصف البريطانيين لن يكون لديهم مرشح من حزب الاستقلال حتي ينتخبوه مما يرجح أن تذهب هذه المقاعد لحزب المحافظين.. كما أن حزب العمال المعارض يتخبط في مشاكل داخلية وانقسامات كبيرة لا تسمح له بالوقوف بشكل منظم وفعال في وجه طموح ماي في الفوز بانتخابات مبكرة تعطيها متنفسا لمدة خمسة أعوام أخري، خصوصا أن مدة الحملة الانتخابية قصيرة وليس هناك مجال أوسع للمعارضة لتنظيم نفسها. ويتوقع الخبراء أن ينتزع حزب المحافظين 56 مقعدا من حزب العمال مما يزيد من أغلبيته البرلمانية ويعني ذلك أن حزب ماي لن يفوز فقط، بل سيكتسح الانتخابات. • أسماء حجاج