بعد الانتهاء من صلاة العشاء، وقف المصلون لأداء صلاة التراويح، وارتفعت أياديهم يناجون الله بما شاءوا في ليالي الشهر الكريم، لتنطلق الدعوات وتملأ الدموع أعينهم، ويظهر شاب وسط تلك الأجواء الروحانية يشق الصفوف خلال الفاصل ما بين الركعات، وهو يفرق علب الحليب علي المصلين بمسجد من مساجد الدقي الصغيرة، وملصق عليها ورقة كتب عليها: »ادعوا الله أن يزوجني آية»، وبالفعل دعوا له وسط ابتسامات ملأت قلوبهم قبل وجوههم، وتمتمات من البعض الآخر حول غرابة ما قام به، ولم يكن يدري أن ذلك الفعل قد تكرر في أكثر من مكان في المساجد الشهيرة. وداخل »مسجد البنات» الواقع في حي الأزهر الشريف، قامت فتاة عشرينية أيضًا بتوزيع زجاجات مياه مرفق بها ورقة مكتوب عليها »يا رب اتجوز عبد الله ويحنن قلبه عليا»، وكانت ردود أفعال السيدات والفتيات كلها ترحيب وتأمين علي طلبها، في حين وصف البعض ذلك بأنه فعل جرئ يجب ألا يصدر عن فتاة، مع ذلك اخذوا في الدعاء لها بأن تتزوج من عبد الله وأن يجمعهما علي خير ويرزقهما بالذرية الصالحة، ولم يختلف الحال في أحد المساجد التاريخية في شارع المعز لدين الله الفاطمي، عندما أخذ أحد الشباب بعد قضائه صلاة التراويح في توزيع التمور، وهو يسأل الناس للدعاء له بأن يزوجه الله من آلاء، ويجمعهما في خير وسط ضحكات لا تنقطع من المصلين وكذلك دعواتهم. اللافت للنظر أن ذلك المسجد تذهب إليه الفتيات الراغبات في الزواج باصطحاب أمهاتهن، ويأتين إليه من كل حدب وصوب، حيث توجد فيه بئر يشربن ويتوضأن منها، خاصة في الشهر الكريم الذي يكثفون فيه من الدعوات، فالأمر لا يتوقف عند الدعاء للزواج بأشخاص بعينهم، ولكن الأمهات تعتبر صلاة التراويح فرصة لإيجاد زوجة متدينة ومثالية لأبنائهن، بعد أن أصبحت الصلاة فرصة للتعارف وإتمام الزيجات، وهذا ما تؤكده لنا أمل عبد الله، 27 عاما، فقد وجدت أثناء صلاتها في المسجد امرأة تراقبها عن كثب، فلم تكترث واستكملت صلاتها وأخذت في الدعاء وتوزيع التمر مثلما تفعل كل رمضان، لتجد نفس المرأة الخمسينية تقترب منها وتخبرها بأنها تريدها »عروسة» لابنها الذي يعمل بالخارج، لكنها رفضته لعدم رغبتها في الزواج بالطريقة التقليدية. وفي ذات السياق ويتماس معه، فهناك اهتمام كبير في السوق بملابس الصلاة، فقد أصبحت ذات ألوان جذابة ولافتة للنظر، وأصبحت الكثير من الفتيات يتزين من أجل لفت الانتباه إليهن لمحاولة الفوز بعريس يتقي الله ويخاف الله عليها كما تقول مني محمد، 22 سنة، والتي أكدت أنها لديها صديقات يذهبن لشراء الحلي وأدوات الزينة وملابس مخصصة من أجل صلاة التراويح كي يحظين بعريس »لقطة»، ولكنها تري أن الصلاة بهذا الشكل يتغير مسارها والهدف الرئيسي منها وهو الخشوع لله وأخذ ثواب وليس للزينة والتشتت في أمور أخري تعتبر من أمور »القسمة والنصيب»، أما الحاج محمد، إمام مسجد بالدقي، فرأي أن وجود النساء في صلاة التراويح واصطحاب صغارهن، يسبب ضوضاء شديدة ويشتت المصلين، كما يأتين أحيانا من أجل الزواج، أو التبرك بأضرحة المساجد، وكذلك توزيع دعوات مكتوبة، وفيما يؤكد أن كل ذلك يشتت المصلين يقول: »الله يسهل لهم طريقهم ويعفهم في الحلال».