أكثر من 3600 فدان معرضة للبوار فى منطقة »بئر العبد« بشمال سيناء بعد قطع المياه بفعل فاعل عن ترعة السلام قف !!..أنت في بالوظة ..إحدي قري مدينة بئر العبد بشمال سيناء ..شأنها شأن الكثير من القري السيناوية الصغيرة الهادئة ..ورغم ذلك أصبحت مؤخرا حديث القاصي والداني في كل أرجاء سيناء.. بالوظة.. يوجد بها آخر قطرة مياه في ترعة السلام !!.. نعم آخر قطرة مياه رغم أن هناك أكثر من 3600 فدان خلف منطقة بالوظة تنتظر مياه الترعة لتروي ظمأها وتطفئ نار مزارعيها وتعيد الحياة مرة أخري إلي محاصيلهم.. أصحاب الأراضي والمزارعون وواضعو اليد يضربون كفا علي كف في حيرة من أمرهم ويتساءلون.. إذا كانت ترعة السلام حقا هي المشروع القومي لتنمية سيناء، فكيف تتحقق هذه التنمية بدون تواجد المياه بالترعة؟!!.. ومن صاحب المصلحة في عدم توصيل المياه للأراضي التي تقع بعد منطقة بالوظة رغم وجود مجري الترعة؟!! ولماذا حتي الأن لا يتم تمليك الأراضي المطلة علي الترعة لأهالي سيناء وتقنين أوضاعهم.. "الأخبار" انتقلت إلي منطقة بالوظة بشمال سيناء للوقوف علي الحقائق الخاصة بترعة السلام لنقل المشهد كاملا إلي المسئولين. قبل 80 كيلو مترا من دخول مدينة العريش ..تجد مشهد يسيطر علي كيانك وعقلك ومشاعرك ..مشهد تنتابك فيه حالة من الذهول والدهشة ويجعلك غير قادر علي الكلام والنطق من وهل الصدمة ..فمجري ترعة السلام موجود ويخترق صحراء سيناء ولكن لا توجد نقطة مياه واحدة داخل هذا المجري !!..فالمياه موجودة فقط قبل محطة السلام رقم 5 للضخ والرفع بمنطقة بالوظة ، وخلف هذه المحطة يتحول المجري الي صحراء جرداء لا يختلف عن الصحراء المحيطة به الا في العمق فقط الذي من المفترض ان تسير به مياه الترعة .. بعد ان تفيق من الصدمة تسأل سؤالا: اين المياه ؟!!.. وتجد قدمك تجذبك بقوة نحو محطة الرفع والضخ في محاولة لاكتشاف حقيقة الامر ..فالمحطة كانها مقبرة ..لا صوت او ضجيج لالات او معدات تعمل.. حالة من السكون تخيم علي ارجائها.. تقترب اكثر.. يظهر علي مشارفها عاملان فنيان ، هما فقط من تواجدا من العمال والمهندسين الذين يعملون داخل المحطة .. تسألهما لماذ لا تعمل المحطة وتقوم بضخ المياه الي مجري الترعة .. يجيب خالد حسين ورأفت فرج ..لدينا اوامر بعدم التشغيل منذ عام ونصف العام رغم ان المحطة جاهزة للعمل في اي وقت وبكل كفاءة ولدينا استعداد في التو واللحظة لرفع المياه وضخها في الجزء المتبقي في الترعة الذي يقع خلف المحطة بمجرد صدور الاوامر من وزارة الري !!.. أين المياه ؟!! نظرات الحزن والاسي لا تزال تلازمك عند الشروع للخروج من المحطة ..فالنظرات تترحم علي مئات الملايين التي أنفقت علي آلات ومعدات الرفع داخل هذه المحطة والتي اصبحت بلا فائدة بعد توقف الضخ واقتصار العمل فيها فقط علي اعمال الصيانة اسبوعيا.. وتخرج من المحطة متمنيا الا تشاهد هذه البطالة التي تعاني منها الالات والمعدات وان تعود للعمل والرفع والضخ مرة اخري وان تبدا المواتير في نقل المياه الي ما بعد المحطة!! بعد الخروج من محطة الرفع في بالوظة، تكتشف ان الصدمة لا تزال مستمرة معك، خاصة عندما تشاهد الاف الافدنة التي تعرضت الي خسائر بالملايين بسبب منع وصول مياة ترعة السلام اليها ، ونتج عن ذلك موت زراعات الزيتون التي تسيطر علي الزراعات وكذلك تعرض اشجار الموالح والخضراوات الي التلف ، كما توقفت سنابل القمح عن النمو ، وتقدر مساحات الافدنة التي تعرضت الي خسائر بالملايين الي اكثر من 3600 فدان بالاضافة 174 مزرعة تحتوي علي انواع مختلفة من المحاصييل . خلف محطة الرفع ، يأتي يوميا معظم المزارعين ومالكي الاراضي لالقاء نظرة الحسرة علي الساتر الترابي الذي يقع خلف محطة الرفع ومن ثم يتم حرمان اصحاب الاراضي من المياه وعدم ري اراضيهم ، وكما يقول يوسف محمد سليمان ان السبب في عدم توصيل المياه الي ترعة السلام في المنطقة التي تقع خلف محطة الرفع هو وزير الري السابق محمد حسن علام الذي قال حرفا ،" لو الناس زرعت الارض المطلة علي ترعة السلام مش حنعرف نطلعهم منها "، ويفسر يوسف هذه المقولة قائلا بان وزير الري السابق كان يهدف الي بيع الاراضي التي نقوم بزراعتها الي كبار المستثمرين ، وان الهدف من قطع المياه عن ترعة السلام هو اجبار هؤلاء المزارعين علي التخلي عن الارض ، ويضيف ان الشرطة قامت منذ عامين بازالة 20 فدانا في منطقة جعل ببير العبد كان يزرعها بالزيتون ، وبالطبع ضاع شقي العمر في هذه الازالات التي تمت بافتراء كامل . ويقول يوسف انه يمتلك الارض المطلة علي ترعة السلام بوضع اليد ، وقد ذهب الي هيئة التعمير واستصلاح الاراضي بوزارة الزراعة للمطالبة بتقنين وضعه علي الارض ودفع المقابل المادي لشراء الارض التي يمتلكها ، وفوجئ بان الهيئة رفضت بيع الارض له وتقنين وضعه ، وقال المسئولون في الهيئة ان الارض تقع في زمام ترعة السلام وبالتالي لا يجوز زراعتها او امتلاكها !! اما محمود خليل الموظف بمجلس مدينة بئر العبد ، فيؤكد استنكاره لقطع مياه ترعة السلام عن اراضي المزارعين ، مشيرا ان الدولة قطعت المياه بحجة ان المزارعين امتلكوا الاراضي بوضع اليد ، وبالطبع هذه حجة واهية ، فهو من سوء حظه كان يمتلك قطعة ارض تصل مساحتها 5 افدنة قبل انشاء ترعة السلام عام 1993 وعند حفر الترعة جاءت ارضه في مسار الترعة وقامت الدولة باستقطاع ارضه لضمها الي الترعة ، وكان من الطبيعي انه بعد انشاء الترعة وحفرها ان يكون الجزء المطل امام الترعة والمتبقي من ارضه يكون في نطاق ملكيته ، وكان يجب علي الحكومة ان توصل المياه اليه والي باقي المزارعين خاصة انه تبرع بارضه عند بناء الترعة ولكن جاءت الصدمة بمنع المياه عن المزارعين ، وصاحب هذه القرار هم رموز النظام السابق الفاسد الذي وضع مصلحة المستثمر فوق كل اعتبار وفوق مصلحة تنمية سيناء وتمليك اهلها الاراضي. السيد عبد الهادي يكشف هو الاخر عن معاناته مع ارضه الواقعة خلف محطة بالوظة، فيقول انه كان من اوائل الناس التي سارعت الي شراء قطعة ارض بسيناء من احد الاشخاص التي كان يمتلكها بوضع اليد ، وجاء قراره بالشراء بعد ان سمع مباشرة عن انشاء ترعة السلام ، هذه الترعة التي قالوا عنها انه ستقوم بتحويل سيناء الي جنة علي الارض ، وبالفعل قام ببيع ارضه ومنزله في مدينة الشرقية وجاء لشراء 10 افدنة في ارض الفيروز ليكون قريبا من ترعة السلام حيث اشتري الفدان الواحد بخمسة الاف جنيه ووصل تكلفة استصلاحه 15 الف جنيه ، وقام بزراعة الارض باشجار الزيتون واشجار الموالح ، وبدات الحياة تبتسم له ولاولاده عقب بدء جني ثمار الارض وبيع المحاصيل الناتجة منها ، وفجأة انقلبت الاية راساً علي عقب ، فالشجر تعرض للحرق والذبلان بعد قطع المياه عن ترعة السلام لعدم ري الاراضي التي خلف محطة رفع بالوظة ، وكانت ارضه من ضمن هذه الاراضي ، ليتعرض لخسائر فاضحة منذ اكثر من عامين جعلت اولاده الاربعة يهجرونه بعد عدم وجود عمل بالارض ليذهبوا الي القاهرة ويعملوا في مجالات اخري . ويتساءل باستغراب شديد عبد الهادي زايد احد المزارعين عن الفائدة اذن من ترعة السلام اذا كانت لا تخدم سيناء واهلها ؟!!.قائلا بان هناك ملايين الجنيهات تم انفاقها علي انشاء مولدات الكهرباء بطول الترعة ..وهذه المولدات قريبة جدا من منازل ومزارع اصحاب الارضي والمزارعين ومع ذلك لا تسمح الدولة بمد الكهرباء الي هذه المنازل والمزارع ..ومع عدم توافر الكهرباء يضطر العديد من مالكي الاراضي الي هجرها او بيعها. خراب ديار! الواقع كما رصدناه يؤكد ان الحقيقة غائبة عن الجميع وليس هناك حلقة وصل لتقريب وجهات النظر بين الحكومة متمثلة في وزارة الري وجهاز تنمية شمال سيناء وبين الفلاحين والبدو.. الصراع مازال مستمراً.. البدو يتجمعون ليلا لازالة حاجز التراب الذي اقامته وزارة الري داخل ترعة السلام لمنع انتقال الميا ة الي اراضيهم والجهاز يتعمد في قراراته وبمساندة الشرطة والجيش يقوم باعادة حاجز التراب مرة اخري بل يقوم بتهديد البدو بالطرد من الاراضي التي استولوا عليها بدون وجه حق . الشقيقان محمد عبد الرحمن وسالم كانا اكثر المتضررين من قطع المياه عن اراضيهم التي تصل الي 14 فدانا .. خاصة بعد ان خسروا كل مالديهم من اموال جراء قطع المياه .. يقول الشقيق الاكبر محمد كنا قبل سنتين نزرع الخضراوات واشجار الموالح وكانت كل هذه الاراضي المحيطة علي جانبي ترعة السلام خضراء ولكن منذ عام ونصف ومع اتخاذ وزارعة الري قرارا بقطع المياة عن اراضينا تبدل الحال وتحولت الاراضي الخضراء الي جرداء .. ويقول لم نكن في حاجة الي مياة الترعة بعد ان قمنا بحفر برك لتخزين المياه بها.. الا ان قرار وزارة الري منعنا من شراء المياه او زراعة الاراضي وهددنا المسئولين في جهاز تنمية سيناء بطردنا من اراضينا دون معرفة السبب.. رغم اننا طرقنا اكثر من مرة باب الجهاز وقدمنا الاوراق لتقنين الاوضاع الا انهم رفضوا واكدوا ان المستثمرين اولي بعد ان تترك الشقيقين وتلقي نظرة امامك وخلفك ستشاهد الاف الافدنة تحولت الزراعات بها الي حطب .. وتتساءل لماذا كل هذا؟ بين شكاوي قطع المياه كانت هناك ماساة اخري لمئات الملاك والمزارعين تؤكد انهم تعرضوا للنصب من قبل رجال الشرطة والبدو ولكن طريقة النصب هذه مختلفة عن طرق النصب التي يتعرض لها المواطنون في انحاء مصر المختلفة عمليات نصب! طريقة النصب كما يرويها رمضان عبد المجيد مبلط سيراميك مقيم في محافظة بورسعيد تتلخص في انه عمل في السعودية لمدة خمس سنوات جمع خلالها مائة الف جنيه وبعد عودته الي مصر قرر ان يشتري اراضي لاستصلاحها. واتجه الي محافظة شمال سيناء وعلم ان الشرطة هي المتحكمة في بيع وشراء الاراضي خصوصا في منطقة بالوظة لسبب واحد انها التي سوف تؤمن الارض من اللصوص والبدو - وبالفعل توجه الي قسم شرطة رومانه اتفق مع رئيس المباحث هناك علي شراء 14 فدانا .. دفع الاموال وكتب العقد .. ولكن تضمن شروط العقد ان يكتب جملة حسب المبلغ المتفق عليه .. وليس قيمة المبلغ .. وبعد اسبوعين حضر اليه احد افراد الشرطة وطلب منه اتاوة 2000 جنيه عن كل فدان نظير تأمينه وتامين الارض .. رفض رمضان - قاموا بتهديده ثم طرده من الارض .. وحينما اخبرهم انه يمتلكها بموجب عقد موقع مع الشرطة اخبروه انه عقد صوري وغير محدد فيه قيمة الارض بالارقام وغير معترف به - كما ان اقسام الشرطة ليست طرفا في البيع - وهنا بدات ماساة رمضان الذي طرق كل الابواب ولكن دون مجيب الغريب انها ليست ماساة رمضان بمفرده بل مأساة الاف المزارعين وواضعي اليد هناك . المسئولون في منطقة بالوظة القوا المسئولية علي المزارعين واتهموهم بالاستيلاء علي اراضي الدولة دون وجه حق - واكدوا ان هناك احتراماً لسيادة الدولة والقانون من حيث عقد التمليك .. وان مايتم حاليا هي عمليات استيلاء علي ارضي الدولة بدون وجه حق من قبل بعض افراد البدو وضع اليد! اللواء مدحت صلاح رئيس مدينة بئر العبد اكد ان قطع المياه اضر بالكثير من المحاصيل الزراعية لكنه قرار من وزارة الري وليس للمحافظة شان به .. وقال الاراضي المقطوع عنها المياه منذ عام ونصف هي اراض تم الاستيلاء عليها بدون وجه حق . وان الحكومة كان سيوزعها بمعرفة جهاز تنمية سيناء علي الخريجين والمسثمرين الجادين وقال ان الحل يكمن في ان يعاد تقنين واضعي اليد علي هذه الاراضي .. حتي تعود خضراء كما كانت .. وذلك حفاظا علي حق الدولة واحتراما لسيادة القانون.. بالفعل انتهينا من كتابة سطور هذا التحقيق ..الاان المشكلة لا تزال قائمة ..ليس فقط في عيون اصحاب وملاك الاراضي ولكن ايضا جاءت التقارير الحكومية لتكون شاهدة علي نفسها بان هناك قصورا في مشروع ترعة السلام ..فالتقرير الذي قدمه مؤخرا د. ايمن ابوحديد وزير الزراعة الي عصام شرف رئيس الوزراء يكشف ان ترعة السلام تقوم بري 600 الف فدان منها 200 ألف فدان غرب القناة، و400 ألف فدان في سيناء، وتنقسم إلي أربع مناطق تشمل سهل الطيبة، وجنوب القنطرة، رابعة، وبئر العبد، موضحاً أن هناك مساحات واسعة من هذه المناطق لم يتم تنميتها بعد، وسيتم وضع إطار جديد لاستزراعها بخطة مُستقبلية واضحة.. فهل حقا سيكون هناك اطار جديد لاستزراع الاراضي وتمليكها لاصحابها .. ام سيكون هذا الاطار محفوظا داخل الادراج ..؟