لا تؤجل كلمة طيبة كنت تود أن تقولها لانسان يستحقها إلي الغد ! فقد تنقذه الكلمة اليوم من الموت غدا ، وقد يكون في حاجة لها اليوم لكي يعيش إلي الغد . هل نفذت من أفواهنا الكلمات الطيبة ؟ هل جف القلب عن أبتكار حروف طيبة بريئة تصبح رسولا بين القلوب ؟ هل أصبحنا كسالي عن تبادل كلمات طيبة ، أم بخلاء في الكلمة الطيبة ؟ مشاعرنا تهفو لكلمة طيبة تعيد لها قدرتها علي الأحساس الطيب ، تعيد لنا الابتسامة الشفافة التي تكشف مافي القلب من حب وسعادة ، تعيد الثقة المفقودة والأمل التائه والحلم الضائع ! كلمة ، في البدء كانت الكلمة ، ومنها تصبح الحياة نورا أونارا، زهرة أورصاصة ، وجه طفل أو أصابع مجرم . كانت الكلمة ، أول مخلوقات الله ، أنبلها ، أعزها ، أقواها ، كانت الكلمة : السماء والأرض والملائكة وأدم وحواء . جعلها الله صلاة ودعاء وعيدا وعبادة وخيوط حرير تجمع بين البشر .. الكلمة الطيبة .. حبيبة الله ، يحبها علي لسان عبده وهو يفتح عينيه للصباح ويستفتح بأسم الله ، يحبها شهادة حق وعبارة حب وعابرة حزن وعنوان حلم وعينا طفل في ساعاته الأولي.. الكلمة الطيبة .. يقين ، الكلمة الطيبة .. ضمير ، الكلمة الطيبة .. دعوة خير ، الكلمة الطيبة .. حضارة بشر ، الكلمة الطيبة .. نبوءة تقدم .. في هذه اللحظة هناك انسان بائس كان في حاجة إلي كلمة طيبة لكي لايصبح بائسا ، هناك انسان شارد كان في حاجة إلي كلمة طيبة لكي يبقي متيقظا ، هناك أنسان يفكر في الأنتحار ولو مجرد فكرة عابرة يمكن أن نجعله يفكر في الحياة وفي المستقبل وفي السعادة لو أننا فقط قلنا له كلمة طيبة يستحقها . كل أنسان ، كل انسان مهما كانت مساحته علي الأرض .. ينتظر كلمة طيبة ، كلمة ساحرة تجعله يشعر بقيمة أنه علي قيد الحياة ، كلمة صادقة صافية تفسر شيئا حقيقيا داخله فيؤمن أكثر بأهمية أن يكون في هذه الحياة . لكن عاصفة ما ، مرت من هنا منذ سنوات ، فقطعت قدرتنا علي أنجاب الكلمات الطيبة .. وتركت في الألسنة حروفا قاسية عابثة عبثية ساخطة علي كل شيئ حتي أنفسنا ، لم يعد في الأسواق حروفا نبيلة تكتب كلمات طيبة نتبادلها أذا جاء النهار وننهي بها اليوم أذا جاء الليل ، الكلمات الطيبة أصبحت كما الأساطير ، نسمع عنها قبل النوم دون أن تعيش معنا أحلامنا السعيدة . تصور نفسك في تلك اللحظة التي تنتظر فيها بألم كلمة طيبة من أنسان قريب منك أو بعيد .. تنتظرها لأنك في احتياج لها ، كمااحتياج تائه في صحراء إلي نقطة ماء ، كم مساحة الألم والضعف واليأس واللامبالاة حين لا تأتي الكلمة التي تشبه جناحي ملاك يضمك فتطمئن ، وتشبه تعلق أصابع طفل بيدك ليقف في خطواته الأولي ، وتشبه شروق الشمس بعد تراكم سحب الشتاء أياما طويلة باردة .. هذه الكلمة الطيبة .. طوق النجاة في محيط هائج هادر غاضب قبل أن تغرق بلحظة ! كلمة طيبة تأتي في الوقت المناسب تفعل مايشبه السحر ، تشفي مريضا وتبهج مكتئبا وتسعد يائسا وتنقذ فاشل ، كلمة .. تجعلنا نعيد ترتيب الأوراق ونستعيد معها الثقة المهدرة ونستعيذ بها من الشيطان الرجيم أن نضل عن طريقنا أو مهمتنا في الحياة .. غابت الكلمة الطيبة عمدا وسهوا وكسلا وخوفا ورغبة في إفساد المجتمع ، قتلناها .. وكانت الدواء الذي يوقظ الناس في أصعب الظروف ، قتلناها وقتلنا كل محاولة لإحياء لغة الكلمة الطيبة التي تأتي بشكل عفوي من انسان إلي انسان لتقول له : شكرا علي مافعلت ، أحترامنا لما تفعل ، تقديرا لموهبتك لتميزك لجهدك لعملك لأفكارك ! قتلناها .. الكلمة الطيبة حتي نتساوي ، يتساوي العامل مع العاطل ، المفكر مع الجاهل ، الشريف مع اللص ، المبدع مع الفهلوي ، القدير مع القليل ، الناجح مع الفاشل ، المهم مع النكرة ، الذي يعرف الله .. مع الذي يهرب من الله .. هكذا ، أصبح من الجنون أن نتبادلها ، أصبح من السذاجة أن نعلنها أو نعليها أو نعترف بها ، أصبح من الخرافات أن يقولها أحد لأحد . فلماذا لانقولها ؟ لماذا لا تقولها ؟ حين تبحث حولك سوف تجد من يستحق أن تقولها له منذ زمن .. ولم تفعل ، وقد يبدو أنه ليس في حاجة لها ، للكلمة الطيبة ، تحسبه في غني عنها من عفة نفسه ، لكنه ينتظرها .. وسوف تجعله يواصل مهمته في همة وفي رضاء وفي حب ، كلمة سوف تحوله إلي عصفور يجعل كل نهار جديد أجمل من كل نهار مضي . الكلمة الطيبة .. ليست تفريطا في حقك ، ليست سذاجة منك، ليست اختصارا من قوتك ، بالعكس .. الكلمة الطيبة هي التي يعرف الأقوياء كيف يقولونها .. ولمن تقال ! الزوجة في احتياج إلي كلمة طيبة .. لتبقي زوجة صالحة وأما مضحية ، الزوج في اشتياق إلي كلمة طيبة .. ليواصل مشواره الصعب زوجا وأبا ، زميلك في العمل في انتظار كلمة طيبة .. ليخجل من نفسه إذا وشي بك أو أساء لك ، جارك .. الكلمة الطيبة له ادخار لمشاعر جميلة سوف يردها حتما حين تحتاج لها في أزمة أو مشكلة . عندما تمنح الأخرين كلمة طيبة أنت تضع أيامك في أكبر صندوق أدخار للأوقات الصعبة ،