منذ نهاية السبعينيات من القرن التاسع عشر ، توصل المفكرون اليابانيون إلي أن طرق التعليم الصحيحة هي الوسيلة التي تجعل المواطنين مخلصين للأمة. ويبدو أنهم يسيرون في هذا الطريق بلا تردد، لأن عملية إصلاح التعليم لا تتوقف هناك أبدا. من هنا ندرك الأهمية الكبري لمؤتمر أخبار اليوم وجامعة القاهرة : »التعليم.. نحو حلول إبداعية» الذي أقيم من أجل البحث عن خريطة طريق حقيقية وواقعية لبناء مستقبل التعليم في مصر. كان شيخ التربويين الدكتور حامد عمار يقول لي إن التعليم ليس سلعة، ولكنه حق من حقوق الانسان الطبيعية غير القابلة للتفاوض أو التنازل عنها، كما أن التعليم قطاع سيادي تحكمه الدولة بما يوفر تعليما قائما علي تكافؤ الفرص والجودة دون تمييز. والتعليم عملية تنشئة متكاملة للانسان عقلا وجسما وروحا وقيما وسلوكا ، كما أن التعليم لا يعيد انتاج الأوضاع الحالية ، وإنما يجب أن يكون قوة لمقاومة التخلف وبناء قيم المواطنة وخلق العقلية النقدية والشخصية المستوعبة لتراثها والناقدة له، والذهنية المتفتحة واستهداف مجتمع أفضل. والتنوع مطلوب في التعليم بما يعني إعادة توزيع اللحن الأصلي للاهداف الاساسية من أجل الأخذ والعطاء في الحوار وهي عملية ديمقراطية لبناء الثقافة القومية والقيم الوطنية. أما التعدد في التعليم.. فان له مخاطره ، وخاصة اذا كانت المدارس الخاصة والأجنبية تنمو بمعدلات أعلي من المدارس الحكومية.. الأمر الذي قد يؤدي إلي إضعاف الشعور بالانتماء الوطني ، كما ان طغيان المدارس الأجنبية والخاصة علي ميدان التعليم قد يقلل من فرص توافر وظائف لخريجي المدارس الحكومية، خاصة في ظل تدهور مستوي التعليم الحكومي، إلا إذا طبقنا نصيحة حامد عمار بضرورة ان يكون كل ما هو أجنبي في خدمة كل ما هو محلي وقد كان د. طارق شوقي، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، صريحا عندما أشار إلي تدني ترتيب مصر في تصنيفات جودة التعليم، وأننا خرجنا من التصنيفات العالمية خلال الفترة الأخيرة، ولذلك يسعي الوزير إلي تحقيق »ثورة تعليمية» ، لأن حلم مصر الأكبر هو وضع نظام جديد ومبتكر للتعليم من رياض الأطفال حتي الجامعة قائم علي التفكير والإبداع وليس الحفظ والتلقين. وكل من تابع مناقشات مؤتمر أخبار اليوم يتأكد اننا قررنا اللحاق بثورة التكنولوجيا والمعلومات والاتصالات التي تسود عالم اليوم، كما يعلم علم اليقين ان نظام الثانوية العامة الحالي أصبح من مخلفات الماضي لتحل محله اختبارات قبول - وليس بالمجموع فقط - وتوافر مهارات محددة.. وأن عام 2020 سوف يشهد إعلان وفاة مكتب التنسيق الحالي. وأتصور أن تطوير المناهج وتأهيل المعلم يجب أن يسيرا جنبا إلي جنب، وأن الانفاق الحكومي علي العملية التعليمية ينبغي ان يتجاوب مع النصوص الدستورية. وتسري نفس القاعدة علي ميزانية البحث العلمي، وخاصة اذا كنا بصدد إنشاء جامعات تكنولوجية متطورة تزود الطلاب بالمهارات المطلوبة في سوق العمل. كلمة السر : تأهيل العقل المصري