التعليم ليس سلعة، ولكنه حق، وهو عملية تنشئة متكاملة للانسان.. عقلاًوجسماً وروحاً وقيماً وسلوكاً. هكذا كان يقول لنا شيخ التربويين الذي فقدناه قبل أيام، وهو الدكتور حامد عمار. فهو يري ان التعليم لا يعيد انتاج الأوضاع الحالية، وانما يجب ان يكون قوة لمقاومة التخلف وبناء قيم المواطنة وخلق العقلية الناقدة واستهداف مجتمع أفضل. ولما كان التنوع هو المطلوب في التعليم، وليس التعدد.. فانه لايصح ان تنمو المدارس الخاصة والأجنبية بمعدلات أعلي من المدارس الحكومية بحيث يلوح خطر ان تطغي علي السوق.، فلا يجد خريجو المدارس الحكومية وظائف يلتحقون بها.. وثمة مدارس متناثرة لنظم تعليم حكومي وأزهري وخاص وأجنبي..، وهي بلا منظومة متكاملة، والنتيجة هي تشكيل عقليات ورؤي واتجاهات ومصالح مختلفة. والمطلوب هو وضع سقف لنمو تلك المؤسسات غيرالحكومية. وهناك فرق بين التعدد والتنوع، حيث ان التنوع عبارة عن إعادة توزيع اللحن الأصلي للأهداف الأساسية، كما انه يستهدف الأخذ والعطاء في الحوار، وهي عملية ديمقراطية لبناء الثقافة الوطنية والقيم القومية، لأن من أهم وظائف التعليم تعظيم الجوامع وتقليل الفوارق. وكما أن التعليم حق من حقوق الانسان، وحقوق الانسان طبيعية وغير قابلة للتفاوض أو التنازل عنها، فان التعليم قطاع سيادي تحكمه الدولة ويقوم علي تكافؤ الفرص والجودة دون تمييز، وايضا ان يكون كل ما هو أجنبي في خدمة كل ما هو محلي. المهم -فيما يري حامد عمار- هو اصلاح القواعدالأساسية للبناء التعليمي وتنظيم ايقاعه بحيث يحقق تراكماً ملموساً وواضحاً. والمعضلة الكبري، في تقدير شيخ التربويين، فيما يتعلق بأي تغييرمنشود، هي ان الذين نطلب منهم التغيير هم سبب المشكلة، فهناك قصور في الرغبة في التطوير. والدليل علي ذلك اننا لم نستفد من معونات خارجية لأجهزة التعليم، لأن هناك أساتذة لايرغبون في استخدام التكنولوجيا، ولا يقدرون اهمية عمل برمجيات من «السوفت وير»، ولم تصرف هذه المعونات في أولويات مثل، برامج التحسين للتعليم الأساسي أو برامج ضمان جودة التعليم. ولما كانت مدخلات ومخرجات التعليم تختلف عن مدخلات ومخرجات المواد الصناعية، فان معايير الجودة تتحدد في ضوء ما اذا كان الهدف هو الإبقاء علي التعليم الحالي أم تطويره وتغييره. كان حامد عمار يدعو للاهتمام باللغةالأجنبية في التعليم الحكومي ابتداء من السنة الأولي في المدارس الثانوية، كما ظل يشكو من الطريقة الاملائية القائمة علي عملية التلقين في الجامعة، وتحويل الكتاب الجامعي إلي مجرد مذكرات، بحيث لم يعد الطلاب يواظبون علي المحاضرات، ولم يعد هناك حافزلدخول المكتبات. أما عن الرسائل الجامعية، فإنها لا تتصل بواقع انتاجي أو خدمي أو مهني ومعظم المعالجات، وخاصة في العلوم الاجتماعية، تقوم علي النقل والاجترار من مراجع سابقة، وهي تشبه عملية «القص واللزق» وتجميع المعلومات دون الإشارة إلي المراجع المأخوذة منها، وتفتقر إلي الأمانة العلمية، والأفضل ان تقبع علي رفوفها.. وألا تنوء الرفوف بحملها! كلمة السر : التعليم.. أمن قومي