إن قراءة نقدية في الخطة القومية للتعليم المصري تشير إلي أنها أول استراتيجية للتعليم قبل الجامعي تأتي بعد ثورة25 يناير302011 يونيو2013 م, شعارها: معا نستطيع تقديم تعليم مصري جديد لبناء إنسان مصري جديد, وقد بنيت في ضوء الخطة الاستراتيجية الاقتصادية, بوصلتها الثورة الشعبية المصرية التي ساندها جيش مصر العظيم قد وضعت بأيد مصرية وعقول مصرية قادها الوزير المهندس محمود أبو النصر وفريق خبراء التطوير والجودة ونقحها الحوار التربوي المستمر بين أساتذة التربية والمهمومين بالتعليم, وحيث وضعت في إطار ديمقراطي مجتمعي شامل لكل المؤسسات والنقابات في مصر الجديدة باعتبارها وطنا خالدا لكل المصريين, ورسالة سلام ومحبة لكل الشعوب. وقبل ذلك كله, فقد جاءت هذه الخطة الاستراتيجية القومية للتعليم انعكاسا صادقا وأمينا لدستور مصر2013, وحيث جعلت التعليم حقا لكل مواطن هدفه بناء الشخصية المصرية, والحفاظ علي الهوية الوطنية, وتأصيل المنهج العلمي في التفكير, وتنمية المواهب وتشجيع الابتكار, وترسيخ القيم الحضارية والروحية, وإرساء مفاهيم المواطنة والتسامح وعدم التمييز, وتلتزم الدولة بمراعاة معايير الجودة العالمية. والتعليم إلزامي حتي نهاية المرحلة الثانوية أو ما يعادلها, وتكفل الدولة مجانيته بمراحله المختلفة في المؤسسات التعليمية وفقا للقانون, وحيث تلتزم بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومي للتعليم لا تقل عن4% من الناتج القومي الإجمالي, تتصاعد تدريجيا حتي تتفق مع المعدلات العالمية. وتلتزم الدولة بتشجيع التعليم الفني والتقني والتدريب المهني وتطويره, والتوسع في أنواعه كافة, وفقا لمعايير الجودة العالمية, وبما يتناسب مع احتياجات سوق العمل. إن البرامج الرئيسة والمتقاطعة للخطة تشمل: برنامج رياض الأطفال, وبرنامج التعليم الأساسي, وبرنامج المرحلة الثانوية, العام والفني, وبرامج الدمج ورعاية ذوي الإعاقة, وكذا رعاية المتفوقين والموهوبين. أضف إلي ذلك برنامج تطوير البنية المؤسسية لمنظومة قطاع التعليم قبل الجامعي في إطار مركزي/ لا مركزي, وبرنامج تعديل البيئة التشريعية وهيكلة قطاع التعليم, وتنمية نظم المعلومات التربوية والمالية, و التنمية المهنية وإدارة الموارد البشرية, وبرنامج المتابعة والتقويم, و الإصلاح علي مستوي المدرسة, وكذا تطوير المناهج, وتطوير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات, والتغذية المدرسية. وهنا يجب أن ندعو إلي مجموعة من مطلوبات القرن الواحد والعشرين في التعليم لتحقيق التحولات من حالة سائدة الآن إلي حال يجب أن تسود, وتشمل التحول من الجمود إلي المرونة, والتحول من التجانس إلي التنوع, والتحول من ثقافة الحد الأدني إلي ثقافة الإتقان والجودة, والتحول من ثقافة الاجترار إلي ثقافة الابتكار, والتحول من ثقافة التسليم إلي ثقافة التقويم, والتحول من السلوك الاستجابي إلي السلوك الإيجابي, والتحول من القفز إلي النواتج إلي معاناة العمليات, والتحول من الاعتماد علي الآخر إلي الاعتماد علي الذات, والتحول من التعلم محدود الأمد إلي التعلم مدي الحياة, والتحول من ثقافة القهر إلي ثقافة المشاركة إن التحدي الرئيس لهذه الاستراتيجية هو كيفية التطبيق واستدامته بما يتعدي حدود الأحزاب السياسية أو نظم الحكم, ومن هذا المنطق فإنه يجب أن تتوحد الجهود الشعبية والرسمية وتستغل الإمكانات, ونتبني سياسات توفير الإتاحة للجميع والإصلاح المتمركز علي المدرسة في ظل اللامركزية, وبناء مدرسة فعالة تقدم تعليما عالي الجودة, والعامل الأساسي معلم متميز علي مستوي عال من القيم والمبادئ المهنية ولديه الدافعية, وكذلك مناهج متطورة مرنة تدعم الأهداف القومية, مستخدمة تكنولوجيا تعليم متقدمة تندمج بشكل كامل في عملية التعليم والتعلم, وإدارة تربوية متميزة تشجع علي العمل الجماعي وتمتلك معلومات وبيانات صحيحة ولديها القدرة الفعالة لاتخاذ القرار في عملها في إطار من الشفافية والمحاسبية, حتي يمكن إعداد النشء القادر علي التنمية الذاتية المستمرة والإبداع, والعمل الجماعي, وتحمل المسئولية,والتنافسية المعرفية العالمية وقبول الآخر والحفاظ علي المبادئ والقيم الحميدة, وإحداث التغيير والإسهام في تطوير الوطن وازدهاره, وذلك في ظل نظام اجتماعي قائم علي الديمقراطية والحرية والعدل والتشاركية, ومبادئ التسامح وقبول الآخر كمنهج حياة لتحقيق أمل الأمة والمحافظة علي هويتها وشخصيتها العربية الإسلامية الإفريقية وعلي مكانتها التاريخية, وحتي تؤدي دورها الكامل في بناء الحضارة الإنسانية. أستاذ المناهج بكلية التربية جامعة عين شمس