المرأة العامله دورها جلي في المجتمع ولا احد يستطيع ان ينكر ذلك فقد تنامي دور المرأة وتفوقت في كافة ميادين العمل وشاركت الرجل في الاعمال الشاقة والتي تتنافي مع طبيعتها الانثوية المعهودة والا ان ذلك يعكس مدي قوة المرأة المصرية من إرادة وقدرة في العطاء ومواجهة كافة الظروف التي قد تعترض حياتها فهي نموذج يحتذي به للمرأة العاملة المنتجة البناءة وهذا ما دفعنا لرصد بعض هذه النماذج.. بعيون حائرة تتلفت »منة» صاحبة الاربعة عشرعاما وهي تنادي بصوت يملؤه الامل والرجاء في آن واحد »انابيب».. »منة» واختها »آية» بائعتا الانابيب اللتان امتهنا هذه المهنة بعد صراع والدهما مع المرض حين استيقظا في يوم علي صوت »آهات» والدهما والذي واجه آلام حادة في ذراعه وأخذ يتنقل من دكتور لاخر وحيث اخبروه في بداية الامر ان آلام ذراعه سببها حدوث جلطة في الذراع ولكن في نهايه المطاف اكتشف انه يصارع »الورم الخبيث» كما وصفته »منة» وكانت النهاية ان الوالد لم يعد يستطيع استئناف عمله ولم يتوقف الامر عند ذلك بل اصبح ملازما للفراش ولا يستطيع الحركة ، فلم يكن امام الفتاتين سوي ان تشددا من أذر والدهما وأن تواجها هذه الظروف القاسية وتقوما بعمل والدهما وهنا قام الوالد بتوجيههما من فراشه والفتاتان يعملان بساعديهما فالاختان يتشاركان المهام، الاولي تدفع العربة والاخري تساعدها في ذلك تأخذ الانابيب وتوصلها لطالبيها.. تقول »منة» في البداية كان الامر صعبا ولكن بمرور الوقت تعودت علي العمل فلا سبيل آخر امامهما فلديهم اخ صغير في الصف الخامس الابتدائي ويجب ان يكمل تعليمه فضلا عن مصروفات علاج والدهما ومصروفات دراستها فهي في السنة الرابعة من كلية التمريض و تضيف »منة» ان العمل لم يعيقها عن النجاح في دراستها فهي توائم بينهما واختها »آية » التي اتمت دراستها في الدبلوم تساعدها في ذلك.. وانهت كلامها قائلة »ان الظروف الصعبه تواجه الجميع ولكن من الذكاء الا نستسلم لها ».. صبر وأمل كما جاءت بابتسامه مفعمة بالحياة جذبت انظار الجميع عاملة النظافة التي تعمل بكل حب وتفاؤل فقد كانت الحاجة »ام سعاد» صاحبة الخمسين عاما تقوم بعملها ولم تغب الابتسامه عن وجهها حتي وهي تروي لنا قصتها التي تملؤها الآلام فهي نموذج للمرأة المصرية المكافحة والتي تعتبر السند الحقيقي لزوجها ولبناتها اللاتي علي »وش جواز» كما وصفتهم.فقد كان زوجها يعمل بائع »كازوزة» وكانت حياتهم مستورة تراعي هي البيت والبنات ويذهب هو إلي العمل طوال اليوم متجولا حتي يرجع لهم في نهاية اليوم بما رزقه الله به ويدبرون حياتهم بما قسم لهم راضيين به.حتي شاء القدر ان يمرض الزوج ويتوفاه الله فما كان امام ام سعاد سوي ان تنزل لتسعي وراء كسب العيش ولتلبي احتياجات بيتها.اخذت تبحث عن العمل كثيرا حتي ذهبت إلي هيئة النظافة واخذت تعمل كعاملة نظافة تبدأ يومها منذ الثامنة صباحا بكل نشاط تحمد الله علي ما اعطاها اياه من ستر ورض وتسعي لاتمام دورها كأم بتجهيز بناتها وادخالهم عش الزوجية ولا تبخل علي من حولها ببث روح الرضي والامل. كما تقول »ام كريم» سيدة بسيطة تملأ ملامحها الصبر أن زوجها أصابه فيروس »سي»مما ادي إلي فصله من عمله وجعله يصارع مع المرض من اجل الإبقاء علي حياته وهي أم لثلاثة اولاد لم يصلوا إلي سن التعليم بعد حتي تقطعت حبال الامل لديها فلا سبيل للعيش، الاولاد صغار ووالدهم مريض ولا تملك شيئا من الدنيا سواهم ولكنها لم تقف مكتوفة الايدي وإنما تجلدت بالصبر ورفضت أن تمد يدها لغيرها ونزلت باحثة عن وسيلة لكسب الرزق بالحلال فلم تجد امامها سوي صندوق لتلميع الاحذية »الورنيش» والذي اصبح بالنسبة لها بمثابة صندوق الحياة وتضيف انها واجهت في بادئ الامر صعوبات الا انها مع الوقت تفاعلت مع الشارع والجميع يساعدها ويتكاتف معها مع الوقت أصبح لها زبائن فضلا عن السيدات اللاتي قد يخجلن من تلميع احذيتهن امام رجل فيلجأن لسيدة مثلهن. ثم جاءت نشوي صاحبة ال35 عاما التي بدأت حديثها قائلة »الشغل مش عيب ولكل مجتهد نصيب» فهي تخرجت من كلية الاداب قسم يوناني ولاتيني واخذت تتنقل بين أكثر من وظيفة حتي انتهي بها المطاف في البيت بدون عمل مما دفعها للجوء إلي هوايتها لتجعل منها مهنتها بدأت نشوي بمنتجات الكروشيه حتي لفت انتباهها تدريب لتعليم الخرز مما دفعها لاكتشاف هذا المجال فأخذت تسبح في مجال الخرز وتتعلمه من الالف للياء واخذت تتعرف علي انواع الخرز وكيفية تصنيع منتجات بالخرز بشكل احترافي وعلي الرغم من مدي صعوبة المهنة واجهادها الا انها اصرت علي ان تمتهنها وتقدم منتجات يسعد بها الاطفال وبشكل به روح الشرق بدلا من الغزو الصيني الذي سيطر علي حياتنا فصنعت من خلال هذا المجال الاباجورات بالخرز وكذلك الفوانيس والمفروشات والعاب اطفال مثل السيارات وبدأت تروج لنفسها وتؤكد نشوي علي ان المرأة اذا احبت شيئا ابدعت فيه وان لديها القدرة علي تحقيق احلامها والذكاء لبناء نفسها ومحاربة الظروف فقط علينا ان نسعي ونبدأ حتي ولو من الصفر. الطفلة المنتجة منذ نعومة اظافرها تجذبها الفنون والمشغولات هذه هي »ملك» الطفلة المنتجة صاحبة العشر سنوات والتي تدرس في الصف الرابع الابتدائي ،فقد بدأ حبها للفنون والمشغولات اليدوية يدفعها لان تصبح يدا عاملة منتجة مبدعة وهي في سنها الصغير حيث بدأت ملك في البحث عن طريق الانترنت علي فيديوهات تعليمية لتنمي مهاراتها وتشبع شغفها ولاحظ والداها هذه الموهبة فكانا لها الدعم والسند حيث بدأت الام في ملاحظاتها وأحضرت لها الخامات واذا بيد مبدعة تغزل احلامها في خيوط النول وتمهد طريقها في ان تكسب من وراء مهارتها وموهبتها تقول والدة ملك إنها عندما لاحظت شغف ملك بالمنتجات المصنوعة يدويا احضرت لها »نول» وكمية من الخيوط الصوفية وذهبت للمدرسة واستعانت بخبرات مدرستها في تعلم الاساسيات وطريقة الاستخدام ثم انطلقت في ثبات لتصنع بيديها الصغيرتين منتجات مختلفة كالكوفيات والتيشرتات وسورت للرأس. وكلما كان يعوقها شيء كانت تبدأ في البحث وراءه في جميع السبل لتعلم كيف تتغلب علي ما يقف امامها لكي تقدم منتجا احترافيا ترضي عنه وتضيف والدة ملك انها تسعي دائما في البحث عن مراكز وأماكن تدريبيه تساعد ملك في تنمية موهبتها بشكل مكثف وأكثر احترافية فهي ايضا محبة لمجال الازياء والرسم وتصمم الازياء لعرائسها الا ان سنها الصغيرة قد تعوقها عن الانضمام. اما عن العمل والدراسة فتقول ملك انها تعطي لكل منهما حقه وتوائم بينهما بشكل لا يؤثر فيه طرف علي الآخر وتنهي ملك كلامها مشيرة إلي انه لولا دعم والديها لها ما كانت لتتعلم ما تحب وتبدع فيه وأنها ما زالت في اول الطريق تحلم ان تستأنف غزل احلامها بشكل يمكنها من عرض منتجاتها بشكل أكبر وأكثر احترافية وتكون نموذجا لطفلة مصرية تقدم منتجا مصريا جيدا.