ولن اشك لحظة مهما حدث، ان الغضب الساطع آت، عندي يقين بانتصار الخير علي الشر، مهما طال الامد، ومهما كانت التضحيات، وأياً كان الثمن الأحد : لن نسمح باغتيال الحق والسلام والجمال.. لن نقف مكتوفي الأيدي، معصوبي العيون حتي يسقط العدل أمام ضمائرنا، قبل أبصارنا.. لن نري الحب يتراجع في القلوب. لتستوطنها الكراهية. نتفرج مكتفين بالاستنكار أو الدهشة، أو حتي الغضب العاجز. .............................. كان صوت فيروز ينساب برائعتها »زهرة المدائن» مساء يوم الآلام، وكأن شدوها يقدم التعازي لكل المصريين، كانت تبشر برد فعل لما حاق ليس بالقدس فقط، وانما في كل مدينة تدعو أحوالها المسيح وأمه مريم للبكاء. »الغضب الساطع آتٍ وأنا كلي إيمان» »الغضب الساطع آت سأمر علي الاحزان» تأملت عمق المعني، الغضب فقط لا يجدي، انما وحده الغضب الساطع يضيء لصاحب الحق طريقه، محفوفاً بإيمان عميق، قوي، حقيقي، وحده جسر العبور فوق الاحزان. »الغضب الساطع آت بجياد الرهبة آت» »وسيهزم وجه القوة» كررتها ثلاثاً، لا أظن ان الامر يتعلق بضرورات شعرية أو لحنية إيقاعية فحسب، لكنه اليقين بأن مآل القوة الغشوم الهزيمة، عندئذ لن يكون للقدم الهمجية من أثر، مصيرها المحو، وإن طال أمد المواجهة. .............................. الآن، وللمرة الألف، وربما أكثر، عرفنا ان الارهاب جبان، ولا قلب له، بل أن بعقله مرضا، وأنه.. وأنه.. وأنه اسود، وكأن ثمة ألوانا جذابة أو مبهجة للارهابيين إلا إذا استثنينا الأحمر القاني. لون دماء الضحايا الابرياء مسيحيين كانوا أم مسلمين، أو مسالمين يعتنقون ما شاءوا فالإيمان والعقيدة خصوصيتان سرهما فقط بين الخالق والمخلوق، وحسابهما أمامه سبحانه يوم تشخص فيه الابصار. الارهاب فيه كل العبر والسوءات، فيه أكثر مما قاله مالك في الخمر، فماذا ننتظر للمرور علي الاحزان، ومحو آثار القدم الهمجية؟! كيف نهزم وجه الارهاب؟ كيف نهزم وجه القوة، لنعيد للنفوس سلامها، ولمصر بهاءها؟ بيد تقبض علي ميزان، بكفته الأولي قوة عاقلة رشيدة، وفي الثانية قانون يترجم عدالة، فقط عدالة دون اضافة أي وصف آخر، ولا حتي ما اعتدنا من اضافات، لعل اكثرها ترديداً وصفها بالناجزة. ميزان فوق رؤوس الجميع دون استثناء، الارهابي المنظم، والذئب المنفرد، والمسئول المقصر، والداعية المدعي، ورجل الدين الذي يبث الكراهية في المسجد أو الكنيسة. ميزان منصوب عند مطلع جسر العبور فوق الأحزان، لا يسمح بمرور من يُكفر أو يبرر، من يهول أو يهون. ساعتئذ سوف نجني ثمار الغضب الساطع، سنمر علي الاحزان، وسنمحو آثار القدم الهمجية. ساعتئذ لن يسقط العدل، ولن يستمرالحب متراجعاً، بل يفسح مساحات تتسع لتستوطنها القيم الاصيلة . صحيح أن الصراع بين الحق والباطل سوف يبقي ما ظل بشر علي وجه الأرض، لكن لمن تكون اليد العليا؟ تلك هي المسألة. .............................. ولن أشك لحظة مهما حدث، أن الغضب الساطع آت، عندي يقين بانتصار الخير علي الشر، مهما طال الامد، ومهما كانت التضحيات، واياً كان الثمن. إحتلال المنابر! الثلاثاء : تعليقاتهم تدمي القلب الذي لا يحتمل فوق ما يسكنه من آلام ووجع! اصدقاء، جيران، معارف، واناس لا تربطك بهم سوي الصدفة والألم المشترك. منهم من تلتقيه صدفة، وآخرون تجمعك معهم زمالة، قد يكونون ضيوفك، أو نتلقي منهم مهاتفة، لكن ما يجمع بينهم ملاحظة واحدة، وإن تفاوتت حدتها أو اسلوب التعبير عنها وخلاصتها في ثلاث كلمات: إنهم يحتلون المنابر. من تقصد؟ وفي كلمة واحدة يأتيك الرد الصاعق: الدواعش وأين مديرية الاوقاف أو مفتشو مساجد المنطقة؟ لا نعلم ثم يعاني الجميع من الخرس، لا تقوي الالسن علي مواصلة الكلام، يسيطر الصمت المشوب بالغضب والدهشة الممزوجة بالالم، ولا شيء سواهم! .............................. لايكفي أن تستاء مما تسمع، ولا أن تعاني اعراضاً سلبية تجعل قلبك يتمزق، أو يشارف عقلك علي الانفجار، فلن يحل هذا أو ذاك المشكلة، أو يقترب من إمكانية تجاوزها، إذ أن انتشار الدواعش فوق المنابر مؤشر خطر داهم، وإنكار الأمر لن يغير من الواقع شيئاً. ما فهمته أن بعضهم مازال يعتلي منابر لا تجد خطيباً من الأوقاف يشغلها، وآخرون يتصيدون أي فرصة لاعتذار »إمام الجمعة»، فيسارعون لاعتلاء المنبر الخاوي، وفريق ثالث يكتفي بسيطرة دائمة - تقريباً - علي »زاويا» بعيدة عن الأعين في اقصي النجوع والعزب، وفريق رابع يكفيه درس ما بين المغرب والعشاء ليبث سمومه التكفيرية شديدة التطرف. .............................. ومن بين كل هذه الاصوات التي كان حديثها أقرب إلي صرخات الاستغاثة، تبينت الأخطر، ففي كل الأحوال السابقة، لن يتجاوز جمهور الداعشي الذي يعتلي منبر غاب عنه الإمام اسبوعاً، بضعة مئات، بينما يقل الجمهور في الزوايا، أو في دروس ما بعد صلاة المغرب عن بضع عشرات، جاءتني اللطمة من ابن صديق تدخل في حواري مع أبيه: علي فكرة الدعاة »المودرن» يحملون في طيات أحاديثهم اللطيفة سما زعافا، ان كثير مما يروجون له داعشي بامتياز وإن كان مغلفاً بغلالة رقيقة ذكية، أو قل كلاما ظاهره رحمة وباطنه عذاب، وهؤلاء جماهيرهم بمئات الآلاف، وربما بالملايين، ولا أحد ينتبه لخطورتهم، إنهم اقرب إلي ذئاب منفردة تجيد اساليب السيطرة علي العقول بينما تتهافت عليهم بعض الفضائيات في غياب أي ضوابط أو جهات تتابع أو تحاسب (!). ولم أجد كلاماً اعلق به علي ما ذكره الشاب العشريني، لأن أي تعليق يخلو من نقد ذاتي لن يكون مقنعاً أو مجدياً، وتساءلت في سري: إلي متي يتحدثون عن تجديد الخطاب الديني، ومواجهة الفكر بالفكر، ثم لاشيء أكثر من الوعود والتمنيات والمطالبات بينما الدواعش يعيثون في الارض فساداً ويقفزون من فوق منابر المساجد إلي منابر الشاشات الفضائية. ماراثون رمضان.. ضحك ودم! الأربعاء : نفس الكوكتيل »تحت الطبخ» وفي مراحل الانضاج النهائية ليلحق بماراثون رمضان علي شاشات التلفاز! دراما رمضان - كالعادة - تراوح بين الاكشن والدماء والعنف، أو الهيافة والخفة والاستظراف بزعم أن تلك هي الكوميديا ، أو أن الجمهور »عايز كده »! الضيوف علي الشاشة الصغيرة يبشرون بمسلسلاتهم، وابواب الإذاعة والتليفزيون بالجرائد والمجلات تسعي للانفراد والسبق باخبار الاعمال الرمضانية المرتقبة! اتابع مثلكم ما يدور، في نكد وغم. في رمضان الماضي، كان للسيكودراما نصيب وافر، وعندما تتذكر بعض ما شاهدت يقشعر بدنك وتتساءل: هل هذه هي النماذج التي يلتقطها صناع الدراما ولا يجذب انظارهم سواها ؟ هل تحول المجتمع إلي مجموعة من اصحاب العاهات النفسية - ولا أقول الامراض - ولم يلفت أي نموذج ينتمي إلي دنيا الاسوياء سيناريست أو مؤلف ليجسده في عمل يمكن أن يمثل قدوة طيبة للشباب؟ وبعيداً عن الاكشن، وما يصفونه بالكوميديا، استبشرت خيراً بمخرج ظهر مع مذيع فضائي مؤكداً ان مسلسله خارج التوقعات، كيف يا سيدي؟ أجاب لافض فوه: سوف نتناول أعمال السحر والشعوذة لنفضحها (!) وكأن مصر ضاقت بما رحبت من قضايا تستحق اقتحام الدراما لها، وكأن التاريخ بكل احداثه لا يستحق نظرة جديدة، أو اطلالة تربط الماضي بالحاضر، ولو علي سبيل الاسقاط الذي كان يستهوي أهل الدراما زمان. الغريب، ان البعض يبرر هذه الموجة التي لا تهدأ بالتركيز علي عالم الجريمة، بأن ما يقدمونه مقاربة للواقع ليس إلا، بالتأكيد انه الواقع بعين واحدة وربما بنصف عين لأن الواقع ببساطة »قماشته عريضة»، فقط علي من يدعون أنهم مبدعون التوقف عن اللهاث وراء الاثارة او الهيافة! عين المحب حين ترسم الجمعة : هذا يوم الورق العالمي! أزعم أنه اختراع العبدلله صاحبه حصرياً، وأي محاولة لاغتصابه يعني اعتداء علي حقوق الملكية الفكرية لايُغتفر! بعد صلاة الجمعة، ترتفع أمامي كومة من المطبوعات، من كل شكل ولون: جرائد، مجلات، كتب، مختارات من مواد اطلب طباعتها من بعض المواقع و... والمهم أن جلسة مغلقة طويلة لايشاركني فيها سوي الورق، قد تمتد لتلتهم ساعات طوال من يوم السبت، لينافس سابقه في الوصف، ويزاحم يوم الورق العالمي، لكني اعتبره ملحقا لسلفه ليس إلا! أغرق، أغوص، تسرقني الاوراق من كل شيء سواها. تمر الدقائق والساعات، وصاحبكم مستغرق أو بدقة، غارق حتي اذنيه في الاكوام التي تحاصره، إلا أنه بحق حصار لذيذ. ثمة فرصة للتأمل، حوار علي الورق مع كاتب، أو قارئ إئتمن محرر »باب البريد » علي فكرة أو شكوي. أحيانا أتمرد علي نفسي، ومهنتي، وعمري الذي قضيت معظمه في حب الصحافة والاشتغال بها، لأنني اكتشف أن متعة القراءة التي كانت عندما كان الأمر هواية، لم تعد كما كانت، عين المحترف، وملاحظاته، وغضبه في احيان كثيرة من خطأ ما كان يجب أن يقترفه كاتب عمود أو محرر تحقيق لواعتني قليلاً بتحري الدقة أو إتباع أبسط قواعد المهنة. لكن القدر يكون رحيماً بي، عندما يصادفني ما يدفعني بعيداً عن الغضب، اليوم تحديداً، وفي صفحة الوفيات -ونادراً ما تصافحها عيني- كانت لمسة وفاء تمس القلوب بصدقها.. لفت نظري وجود بورتريه خطته ريشة فنان مرهف، إلي جانب صورة فوتوغرافية، ثمة فروق واضحة، ربما تكون الثانية هي الاحدث، وقد تكون ذاكرة عين المحب انتصرت، فلم تر للسنين أثراً! خمس كلمات عانقت الصورتين: رسمتك بيدي وعشتي ورحلتي بسلام. ماكل هذه العذوبة والرقة اللتين يغلفان مشاعر محب صادق؟ انها عين المحب حين ترسم وتكتب. حقاً مازال في الدنيا من يحب حتي النخاع، وحتي آخر العمر. عندما نقاوم الأحزان بالبهجة الإثنين : دون اللجوء لفرمان أبوي يختار ابنائي واحفادي طواعية قضاء معظم ساعات يوم شم النسيم معي في المنزل، ربما عن رغبة حقيقية في أن نقتسم البهجة العائلية، بعيدا عن »الزيطة» و»الزمبليطة» السائدة في الشارع، النادي، المول، الحديقة.. وأي مكان يمكن أن تقصده فلا تجد سوي الزحام! هذا العام -بالذات- لم يستأذنوا في الخروج بعد الغداء، كانت ثمة سحابة حزن تخيم فوق الرؤوس، حتي الصغار إذ كانت الأيام السابقة علي شم النسيم مؤلمة، ولم يكن من السهل طي صفحة الألم، والانخراط في الطقوس المعتادة. رغم مشاهد اسبوع الآلام السابقة علي اليوم، ورغم أن اللقاء العائلي اسبوعي- تقريبا- إلا أن تجمع شم النسيم لم يخل من بهجة، هي بحد ذاتها محاولة لمقاومة آثار الافعال الدموية التي حاول صانعوها، ومن وراءهم، سرقة الفرحة من قلوب الكبار، قبل الصغار، وكأنهم يستكثرون علي المصريين لحظة سعادة! .............................. المدهش أن التليفزيون تواطأ علي متابعيه! نفس الاغاني التي يعود أغلبها لنصف قرن، خاصة ماشدا به فريد وحليم. »أميرة حبي أنا» علي معظم القنوات، لا لشيء سوي أن سعاد حسني غنت للربيع، ومازال صوتها يصدح:الدنيا ربيع والجو بديع، وكأنها حين رحلت، رحلت معها المعاني المبهجة التي رددتها في اغنية الفيلم الشهيرة! حالة من الافلاس التي تحار في البحث عن اسبابها. وتتساءل: ألم يحرك الربيع بعد كل هذه العقود قريحة المبدعين؟ ربما نضب المعين، أو قل ربما أصبح الابداع الحقيقي ، ومعه الاحساس الصادق في خبر كان! .............................. حينما جهرت بملاحظتي كانت ثمة وجهة نظر لها وجاهتها بانتظاري علي ألسن الجمع الكريم : يمكن الناس قصدها شريف، مثلاً يريدون اجبارنا علي اغلاق التليفزيون، حتي يكون اللقاء عائليا دون أن يعكر صفوه أي شيء آخر. قلت: وجهة نظر تُحترم. ولم نكذب خبراً، وانخرط الكبار في الثرثرة، وانشغل الصغار في لهو برئ لا يخلو من ازعاج !. ومضات الحب الخالد يعني أن انصهارا بين روحين قدتم. إذا كان العمر لحظة، كم نحيا خارج الزمن؟ افصح الكلمات ما يعجز اللسان عن الافصاح عنها! منتهي الشجاعة أن تعترف باخطاء من كنت تحترمه. بعض المعلوم بالضرورة، مطمور بالجهالة! الجدل، ربما يفضح سطحية، ولا يعكس عمقاً! يستحق الحسد من يحلم بقصة مختلفة لحياته.