بينما نحن نستعد للاحتفال بعيد القيامة المجيد مبتدئين بأسبوع الآلام، نري شهداءً داخل كنيسة مار جرجس بطنطا والمرقسية بالإسكندرية لا ذنب اقترفوه سوي أنهم يصلّون ويحبّون، وسلاحهم الوحيد هو أنهم بدون سلاح. كيف نستعد إذاً للاحتفال بعيد القيامة المجيد؟ كيف نستمر في فرحتنا ونُهلل معاً: »المسيح قام، حقا قام»؟ نسمع كلمات بولس الرسول: »قد ابتلعَ الموتُ في النصر! فأين يا موت، شوكتك؟ وأين يا موت نَصرُك؟ وشوكة الموت إنما هي الخطيئة... فالحمد لله الذي آتانا الانتصار علي يد ربنا يسوع المسيح» (الأولي من كورنثوس 15: 54-57). فماذا تعني لنا قيامة السيد المسيح؟ كيف نحياها في ظل هذه الظروف؟ عندما نحتفل بعيد القيامة، نحن نحتفل بميلاد العالم الجديد: »هذا هو اليوم الذي صنعه الرب، فلنفرح ولنتهلل فيه» (مزمور 117)، هذا اليوم يختلف تماماً عن الأيام التي نصنعها بأيدينا، نحن نخترع أيام الخيانة والهروب والنكران والحقد والقتل والتدمير، لكن ذلك اليوم الذي يأتينا من الله هو يوم جديد، يوم ميلاد الخليقة الجديدة، فإذا صنعنا أيام الظلام، فالله يمنحنا النور الذي يبدد هذا الظلام، إذا بحثنا عن الموت أو نخاف منه أو نتجاهله أحياناً كثيرة، فالله يهدينا الحياة التي لا تنتهي أبداً ولا يستطيع أحد أن ينزعها منّا، إذا تخصص أشخاص في صنع المصائب والدمار، لكن الله يُصلح كل شيء في حياتنا، وإذا تفننا في طرق البغض والكراهية، إلا أنه يمنحنا الحُب الحقيقي والغفران الذي لا نهاية له. لذا يجب علينا في هذه المناسبة السعيدة بعيد القيامة المجيد أن نهدم كل جسور العالم القديم المبنيّة علي الحقد والغل والظلام والانقسام ونحل محلّها جسور المحبة والمودّة والسلام. فالقيامة بالنسبة لنا هي عبور من الجسد الأرضي إلي اللقاء السماوي، ومهما حلّ بنا، فليكن لنا ثقة في وعود الله وعزائه، وإن ما نتحمّله في هذه الدنيا من مشقات، وما نعاينه من آلام مبرِّحة، لن يدوم، لأن ذلك النهار لن يعقبه ليل علي غرار أيام هذه الدنيا، بل نورٌ لا يزول، وضياءٌ لاحد له، وسلامٌ راسخٌ وراحةٌ في أمان... لنتخيّل جميعاً ونحن نحتفل بعيد القيامة المجيد هؤلاء الشهداء الذين رحلوا عن عالمنا بسبب أيادي الغدر والتدمير وما نالوه من أكاليلٍ خالدة في السماء، وكم هم يتهللون الآن ويفرحون بالملكوت السماوي. أَمَا ينبغي لنا أن نحتمل جميع المشقّات في سبيل حياة وقيامة أبدية؟ هؤلاء جاهدوا في الدنيا جهاداً مريراً، وهُم الآن يفرحون، وهُم الآن يُعَزَّون، والآن هم في مأمن يستقرّون فيه ويستريحون، ومع الله في ملكوتٍ أبد الدهر يُقيمون.