لا احد يرفض التوافق والتعاون بين المسلمين علي اختلاف مذاهبهم واطيافهم باعتبار ان الاسلام الحنيف يجمع بينهم.. المفروض ان هذا الدين العظيم يؤلف بين القلوب ويوحد التوجهات من اجل خدمة مصلحة المسلمين جميعا عملا بقول المولي جل جلاله »واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا« اذن وعلي هذا الهدي الالهي فانه ليس مقبولا باي حال ان يتآمر مسلم علي اخيه المسلم تحت اي مبرر كان. من هنا يمكن القول بأن اي دعوة للتقارب مع اي طيف اسلامي لابد وان تلقي كل الترحيب.. ولكن علي اساس ان يكون هناك تجاوبا مخلصا وامينا ورغبة حقيقية في إعلاء شأن الاخوة الاسلامية دون النظر إلي تربح دنيوي قد يضر من قريب أو بعيد بأي طرف مسلم اخر. الإقدام علي اي خطوة علي هذا الطريق لابد وان يستند إلي المصلحة المتبادلة المتوازنة والقائمة علي احترام الحقوق والواجبات والقيم الإسلامية الاصلية. هذه المقدمة تقودنا إلي قضية العلاقة التي يجب ان يتم تأسيسها مع النظام الاسلامي الايراني والتي بدأ الحديث عنها علي المستوي الرسمي من خلال تصريحات الدكتور نبيل العربي وزير الخارجية المصري. أن ما يُصعّب هذه المهمة وفي ضوء العلاقة الاخوية الوطيدة والعمق الاستراتيجي المصري العربي.. ان يأتي هذا التحرك في وقت تشهد فيه العلاقات بين دول الخليج العربي والدولة الايرانية توترا وتصريحات ملتهبة متبادلة. لقد تصاعد الامر ليشمل اتهامات بالتدخل في الشئون الداخلية وتهديدات للأمن القومي لدول الخليج العربي. تقوم هذه الاتهامات انطلاقا من عمليات إثارة النعرات الطائفية الموجه نشاطها إلي هز الاستقرار كما حدث في دولة البحرين وهو الامر الذي أدي إلي تحرك قوات درع الجزيرة العسكري اليها لتأمينها. من المؤكد ان هذا المناخ السائد غير الصحي في منطقة الخليج العربي لابد وأن ينعكس سلبا علي التحرك المصري نحو إقامة علاقات تطبيع مع النظام الايراني . من ناحية أخري فإن أحدا لا يمكنه ان ينكر أن الممارسات الإيرانية طوال السنوات الماضية قد افتقدت إلي التوجهات الودية الواجبة تجاه مصر. يتمثل هذا الواقع في جنوح طهران إلي التعامل القائم علي انكار المصالح الوطنية والقومية لمصر والسعي إلي الجوّر علي دورها وحقوقها التاريخية في المنطقة. في هذا الإطار فانه لا يمكن إغفال التطورات الاخيرة التي شهدتها موجة التلاسن بالبيانات بين ايران والمملكة العربية السعودية التي تربطها بمصر علاقة قوية للغاية ذات ابعاد استراتيجية تاريخية. هذه الصورة تتجسد ايضا في الهجوم الايراني علي الرياض متهما سياستها القائمة علي الدفاع عن امن دول الخليج بانه لعب بالنار. وجاء الرد السعودي علي هذا الاتهام جليا وحاسما عندما وصف بيان طهران بانه يتجاهل التدخلات الايرانية في شئون دول الخليج العربي والتآمر من أجل اثارة الفتن والقلاقل. كما تصاعدت المواجهة بين دول الخليج وايران بعد اعلان الكويت عن ضبط شبكة جاسوسية ايرانية في اراضيها وصاحب ذلك اصدار احكام بالادانة ضد عناصر هذه الشبكة وطرد مجموعة من الدبلوماسيين الايرانيين المتورطين. وليس غائبا ايضا وجود أزمة عدم ثقة نتيجة اصرار ايران علي احتلال جزر الامارات الثلاث. كل هذه الحقائق كانت دافعا للدكتور نبيل العربي للتجاوب معها في التأكيد علي أمن واستقرار وعروبة الخليج العربي خط أحمر لا تقبل مصر المساس به. السؤال المطروح الآن هو: هل ستمضي مصر في اتجاه تطبيع العلاقات مع ايران علي الرغم من تصاعد ازمتها مع دول الخليج؟ بالطبع فإن الخبراء يرون ان الامر يبدو صعبا للغاية إلا اذا ابدت ايران استعدادا للتعقل وقبلت ان تقايض علي إقامة علاقات طيبة مع مصر ودول الخليج العربي بوقف التدخل والممارسات العدوانية والاستفزازية.