أطل الرئيس السابق حسني مبارك علي الشعب المصري بتسجيل صوتي، هو الأول منذ تخليه عن منصبه الرئاسي، وذلك عبر قناة العربية. استمر التسجيل الصوتي لمبارك 6 دقائق، في أول خطاب له مع الشعب المصري منذ 59 يوما، منذ تخليه عن السلطة في الحادي عشر من فبراير الماضي، واحتاج الرئيس السابق 469 كلمة يخاطب بها المصريين لتوضيح موقفه.. وظهر من التسجيل الصوتي أن الرئيس السابق يلقي كلمته من خلال أوراق موضوعة أمامه وليس عبر شاشة عرض ولا ارتجالا من الذاكرة، واتضح ذلك من حفيف الأوراق في بداية الكلمة، ومنتصفها، وصوت تقليبه للأوراق الموضوعة أمامه. التحليل اللغوي والدلالي للتسجيل الصوتي أكد أن مبارك لا يزال يتمتع بصحة جيدة، أو هكذا أراد أن يظهر من خلال التسجيل، حيث ظهر صوته واضحا نقيا، بعيدا عن أية آثار لتدهور صحي أو آلام، كما اتسمت الكلمة بما عرف عن خطاباته باللغة العربية السليمة، والتشكيل الصحيح، وحرص مبارك أن تكون طريقة إلقائه للكلمة ذات "نبرة رئاسية" حيث جاءت طريقة الإلقاء، وأسلوب تقطيع الجمل والعبارات، وتغيير نبرة الصوت في الجمل الاعتراضية، مماثلة تماما لخطاباته الرئاسية عندما كان في الحكم، وكأنه يريد بتلك النبرة أن يقول أنه حتي لو تخلي عن المنصب الرسمي، فهو لا يزال يتمتع بقوة السلطة.. نفس المعني ظهر من خلال استخدامه لعبارات مشابهة لما كان يكرره في خطاباته الرئاسية، حيث استخدم كلمة "الإخوة والأخوات" مرتين. حرص مبارك أيضا في كلمته التأكيد علي أنه دائما صاحب القرار، مستخدما أفعال مثل " آثرت التخلي عن منصبي كرئيس للجمهورية"، و"اخترت الابتعاد عن الحياة السياسية"، و"فلقد قررت الآتي"، في إشارة واضحة أنه لم يتم إجباره علي ترك الرئاسة، ولم يستجب لأية ضغوط. اللافت أنه لأول مرة يصف مبارك نفسه بلقب "الرئيس السابق"، عندما قال" حتي يتأكد الشعب المصري من أن رئيسه السابق"، وذلك يقطع تماما أوهاما حاول البعض ترديدها في الفترة الماضية حول استعداد الرجل للعودة إلي منصبه، ويفند شائعات مغرضة أطلقها مروجو الثورة المضادة تزعم أن قرار التخلي ليس مكتوبا، وبالتالي ليس شرعيا! مبارك لم ينس أيضا الاستمرار في النهج الذي سار عليه خلال خطاباته الثلاثة الأخيرة قبل التنحي، في محاولاته لاستدرار عطف الشعب المصري، واستمالة مشاعره، بكلمات مثل "تألمت كثيراً - و لا أزال"، و" قضيت عمراً في خدمة الوطن بشرف وأمانة"، مخاطبا مشاعر الأسرة لدي الشعب المصري، مكررا كلمات مثل "أسرتي، زوجتي، أبنائي" مذكرا بتاريخه في خدمة الوطن "حرباً وسلاماً". لكن مبارك لم يشأ هذه المرة أن يظهر بصورة الضعيف، بل مال إلي ما يشبه التهديد فاستخدم عبارات قوية مثل "لا أملك أن ألتزم الصمت"، و"أحتفظ بكافة حقوقي القانونية"، حتي وهو في معرض خطاب دفاعي محض، يرد به علي ما يلاحقه من اتهامات.