التسجيل الصوتى لزعيم تنظيم القاعدة الذى بثته قناة الجزيرة أمس، يدعو للتأمل لعدة أسباب، أرجو من القراء الأعزاء مشاركتى فيها، وأولها أن الصوت الوارد فى التسجيل رغم تشابهه مع نبرة صوت أسامة بن لادن إلا أنه فيه الكثير من الاختلاف، مما يثير بعض الشكوك فى أن صاحبه أسامة بن لادن. استمعت إلى التسجيل الصوتى عدة مرات، ووجدت فروقا كبيرة بينه وبين تسجيلات صوتية سابقة لابن لادن، ففى التسجيل الأخير يبدو الصوت واضحا وقويا وغير متقطع، بينما يتسم صوت بن لادن بضعف بادى عليه، كما أنه، فى العادة، يأخذ نفسا بعد كلمتين أو ثلاثة، ولا يكمل جملة واحدة دون أن يأخذ نفسا عميقا، بينما فى التسجيل الأخير بدت جملة واضحة جدا ومكتملة، لا يقطعها ليأخذ نفسا عدة مرات كما كان يفعل. ورغم أننى لا أملك أجهزة حديثة كالتى توجد لدى أجهزة الاستخبارات، والتى تحدد وتفصل الأصوات جيدا، لكن التسجيل الأخير لابن لادن يبدو مختلفا كثيرا جدا، وهو ما يعنى: إما أنه ليس صوته وأنه جرى تسجيله بصوت يشبهه تماما، أو أنه كان يعانى صحيا منذ سبتمبر 2001 لدرجة أن نفسه كان يبدو متقطعا فى كل التسجيلات السابقة، ثم تعافى أخيرا بحيث أصبح صوته قويا وواضحا ولا يتوقف لالتقاط أنفاسه. ولا أستطيع إبداء رأى حاسم فى هذا الموضوع، وهل هذا صوت بن لادن أم لا، لكن الشكوك تظل واردة، وأدعو القراء للاستماع إلى تسجيلات بن لادن الصوتية والمقارنة بينها، حتى يفتينا أحد من المتخصصين بعلوم الصوتيات، أو مهندس صوت يملك تقنية لمقارنة الأصوات. وبغض النظر عن صحة التسجيل الصوتى من عدمه، فما جاء فيه يعبر عن فكر تنظيم القاعدة، الذى لم يتغير، حتى ولو تغيرت الإدارة الأمريكية، وحتى لو جاء رئيس أمريكى يمد يده للجميع بالسلام ويسعى لعالم جديد مختلف بالتأكيد عما عشناه طوال السنوات الثمان الماضية. والحقيقة أن تسجيل بن لادن "المزعوم" احتوى الكثير من المغالطات، منها قوله "إن الرئيس الأمريكى باراك أوباما يسير على خطى سلفه جورج بوش فى زيادة الاستعداء للمسلمين، وزرع بذور جديدة لكراهية الولاياتالمتحدة"، وفى تصورى أن هذا ليس صحيحا جملة وتفصيلا. فهو مختلف كل الاختلاف عن بوش، وخلال 135 يوما قضاها فى البيت الأبيض استطاع أوباما تغيير الكثيير من النظرة السلبية لأمريكا فى جميع أنحاء العالم. أما فيما يخصنا نحن المسلمين والعرب، فقد أولى أوباما منذ يومه الأول اهتماما كبيرا بالقضية الفلسطينية، بداية من تسمية مبعوث خاص له للشرق الأوسط هو السيناتور جورج ميتشل، ثم عزمه الانخراط فى القضية عبر تأكيده على حل الدولتين وموقفه المتشدد من الاستيطان، وانتهاء بالخطاب التاريخى الذى ألقاه اليوم من القاهرة. صحيح أن الكلمات وحدها لا تكفى لتغيير صورة أمريكا، وبدء صفحة جديدة مع العالم الإسلامى، لكن بلا شك نحن أمام رئيس مختلف، يحتاج منا إلى نظرة أيضا مختلفة وتعامل أكثر اختلافا، فإذا كان أوباما يمد يده فإن علينا أن نمد يدنا أيضا له، وأن نسعى جميعا لتغيير العالم الذى نعيش فيه حتى يثبت العكس. أوباما فى القاهرة.. حدث كبير علينا استغلاله لصالح شعوب المنطقة كلها، ولصالح تعايش جديد بين البشرية، ومن أجل حل الصراع المعقد مع إسرائيل منذ 61 عاما، وألا نهدر هذه الفرصة السانحة حتى لا نندم عليها، أما إذا فشل أوباما فى إحداث تغيير فى المستقبل، فعندها يكون لكل حادث حديث.