◄◄ نجل بن لادن سجل اعترافات وأسرارا جديدة فى كتاب فرنسى عن زعيم القاعدة «لسنا عائلة مكروهة، وإذا كان والدى أخطأ، فماهو ذنبنا كى نعامل معاملة المطرودين.. فى كل مكان نذهب إليه يقال لنا لستم مرغوبا فيكم». هكذا يعترف عمر بن لادن الابن الرابع لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن. فى كتاب جديد صدر بالفرنسية بعنوان «أسامة بن لادن.. خلفية عائلية» عن دار نشر Denoël، والذى يحوى شهادات نجوى زوجة بن لادن وابنه عمر، الذى رفضت دول «منطقة شنجن» منذ أيام منحه تأشيرة دخول إلى أراضيها، حيث كان يعتزم المشاركة فى حملة إطلاق الكتاب فى فرنسا. ويروى هذا الكتاب، الذى ساهمت فيه الصحفية الأمريكية جين ساسون، مراحل حياة العائلة منذ زواج أسامة بن لادن ونجوى فى 1974 بالسعودية، وحتى هروبها مع ابنها عمر من أفغانستان قبيل هجمات 11 سبتمبر 2001، حيث انقطعت علاقتهما به منذ ذلك الحين. يقول الكتاب إنه على الرغم من حجم المعلومات عن أنشطة أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة، فإننا فى النهاية لا نعرف إلا القليل جدا عن شخصيته. فقد عرف هذا الرجل الذى يبحث عنه العالم بأكمله، كيف يخلق حول ذاته هالة من الغموض هى التى صنعت قوته وهيبته. ولكن لأول مرة، يرفع اثنان من أقاربه النقاب الذى يخفى هذه الشخصية الغامضة، وهما نجوى بن لادن زوجته الأولى من بين خمس زوجات، وعمر ابنه الرابع. يرسم هذا الكتاب صورة شخصية لأسامة بن لادن، يصور فيها جانب الجهادى المتحمس، وجانب الأب الحريص على تربية أطفاله فى إطار الامتثال الصارم لقواعد الإسلام. إذ يصف عمر بن لادن التربية القاسية التى تلقاها فى طفولته، والتى هى أبعد ما تكون عن صرامة التعليم التقليدى، ويروى صرامة وقسوة والده الذى كان يفرض على جميع أفراد أسرته تدريبات لتعليمهم إمكانية البقاء على قيد الحياة فى الصحراء، وحظر أى وسيلة من وسائل الراحة الحديثة باسم التقشف الدينى. كما يتحدث عن أتباع والده الذين هم على استعداد للموت من أجل قائدهم. أما نجوى بن لادن، فتتذكر كيف تزوجت فى الخامسة عشرة من عمرها، وتتحدث عن سنوات العزلة التى عاشتها مع أبنائها الأحد عشر. وكيف عانت كل العائلة من انحراف مسار أسامة بن لادن، حين انتقلت النساء والأطفال من الإقامة فى الفيلات السعودية الفاخرة إلى ضواحى الخرطوم، ومنها إلى المعسكرات فى أفغانستان، وكيف حولت سلسلة الهجمات والعمليات الانتقامية حياتهم إلى عذاب. وتتشابك ذكريات عمر ونجوى بن لادن خلال سطور هذا الكتاب، ليحكيا حياتهما اليومية فى تلك الفترة، حتى أتت اللحظة التى استشعروا فيها وقوع خطر محدق، فتمكنوا من الفرار من أفغانستان قبل هجمات 11 سبتمبر 2001. وانقطعت علاقتهما بأسامة بن لادن منذ ذلك الوقت. ويعترف عمر بن لادن بأن اسم عائلة «بن لادن»، يجعل حياته معقدة أحيانا، إذ أن أنشطة والده كثيرا ما تثير ردود فعل سلبية، خصوصا فى الغرب. ولكن فى المملكة العربية السعودية، فإن اسم عائلة بن لادن يستدعى أيضا فى الأذهان صورة جده، الذى كان رجلا ذكيا ساهم فى بناء ذلك البلد. ويجيب عمر الذى يعيش حياة أوروبية عن سؤال: لماذا لم يصبح متطرفا على الرغم من أن والده قد أراده أن يسلك نفس مساره. فيقول إنه منذ صغره كان يهوى ركوب الخيل والاستماع إلى الموسيقى، وإنه لا يعرف إيذاء غيره من البشر ولا حتى الحيوانات، يقول: «نحن جميعا مخلوقات الله، وقد جعلنا مختلفين عن بعضنا البعض» كما يقول. وعما إذا كان والده قد طلب منه حمل السلاح، يروى عمر أن أسامة بن لادن «لم يكن من نوع الرجال الذين يستجدون أى شىء، حتى من أقرب أفراد أسرته». ولكنه كان قد أخبر ابنه أنه سيكون خليفته وكان يريد له أن يشاركه رؤيته للعالم. وفى أفغانستان، لم يكن يخفى رغبته فى أن يذهب أبناؤه إلى المسجد ويشاركوا فى الجهاد. وحول ذكرياته عن هجمات أغسطس 1998 ضد سفارتى الولاياتالمتحدة فى كينيا وتنزانيا بأفريقيا، التى تسببت فى مقتل أكثر من 200 شخص، يروى عمر أنه كان فى أفغانستان آنذاك، وأن أخبار الهجمات كانت تُستقبل بفرحة. كما أن والده أخذ أبناءه ورجاله بعدها بعيدا عن معسكرات التدريب وأنهم عاشوا لمدة شهر تقريبا فى أحد المنازل الآمنة. وعن رد فعل الملا عمر، الزعيم الروحى لحركة طالبان التى كانت تهيمن على أفغانستان فى ذلك الوقت، يشير عمر بن لادن إلى أن والده والملا عمر لم يكونا بهذا التقارب الذى صورته وسائل الإعلام. فقد كان الملا عمر يشعر بانزعاج من وجود بن لادن، كما أنه قد طلب منه مغادرة البلاد. إلا أن بن لادن أقنعه بالانتظار لمدة عام حتى يتمكن هو ورجاله من ترتيب أمر مغادرتهم. وبعد ذلك، ومع مرور الشهور، هدأت العلاقة بين الرجلين. أما عن هجمات 11 سبتمبر، يقول عمر بن لادن إنه لم يستطع فى البداية تصديق أن والده كان وراء هذا الهجوم ضد الولاياتالمتحدة. إلا أن الشريط الذى أعلن فيه عن مسؤوليته عن تلك التفجيرات هو الذى أقنعه بذلك بعدها بشهور. ولكن، بحسب ما يقول عمر، «على الرغم من أننى ما زلت آمل أحيانا ألا تكون لوالدى يد فى هذا الأمر، إلا أن دوره فى هذا الحادث ليس موضع شك. وأنا آسف لكل المعاناة التى عاشها الناس خلال هذا اليوم المأساوى». ويعترف عمر بن لادن بأن الولاياتالمتحدة والمخابرات الأمريكية عرضتا حمايته، مقابل تقديمه معلومات عن والده؟ ولكن عمر رفض ذلك العرض لالشىء إلا لأنه يجهل مكان والده، فهو لم يره منذ أوائل عام 2001. كما يؤكد عمر أن والده لن يسعى أبدا للاتصال به، فهو لا يضع ثقته سوى فى عدد قليل جدا من الناس. ويتناول الكتاب السؤال الذى يطارد عمر بن لادن: هل مازلت تحب والدك حتى الآن؟ ويجيب عمر: «إذا رأيته اليوم، سأنظر إليه باعتباره والدى، وليس باعتباره شخصا مكروها أو مصدر إعجاب لملايين من الناس.. فأنا أحبه كأب، ولكننى لست راضيا عن أنشطته المسلحة». لمعلوماتك... ◄◄1947 تزوج بن لادن من السيدة نجوى والدة عمر التى هربت مع نجلها من أفغانستان قبل هجمات سبتمبر