لم اتوقع ابداً أن يبدأ التغيير الذي طالبت به الثورة الشعبية يوم 11 فبراير - يوم تنحي مبارك - كما أنني لست من المتفائلين، ولا من المتشائمين، لكني أتعامل مع الواقع فقط.. بالرغم من أنني أتعامل دائماً بحسن نية إلي أن يثبت العكس.. والواقع يقول: أن مواد الدستور التي تم تعديلها لم تطرح للمناقشة.. وكان علي المواطن المصري أن يقول نعم أولاً في الاستفتاء عليها دون سابق علم أو معرفة، وهو حال كان ومازال. تم وضع مراسيم بقوانين، وسواء اتفقنا أو اختلفنا معها، فإنها وضعت بغير مناقشة لا قبلية ولا بعدية.. وأن موضوع الحوار الوطني مجرد كلمة مرسلة.. وتلك مواقف تعودنا عليها ولم تتغير. الاعلان الدستوري الذي حدد في 63 مادة ماذا ستفعل مصر في هذه الفترة الانتقالية لحين إعداد الدستور الجديد، لم يتم من خلال الحوار الوطني - المفقود - بين المجلس الذي يحكم والشعب المحكوم أو حتي نخبة منه.. وبقي الحال علي ماهو عليه. الأداء الحكومي لم يتغير إلا من الوجوه الجديدة وبعض القرارات التي لم يشعر معها المواطن بأي تغيير في حياته اليومية - يعني كل الاشياء محلك قف. نشرة الاخبار في الإذاعة والتليفزيون تبدأ بمقابلات المسئولين انتهاء بعبارة (لبحث سبل التعاون المشترك بين البلدين).. أليس من حق المصري أن يعرف أكثر خاصة بعد الثورة التي طالبت بالتغيير؟. ضيوف برامج (التوك شو) تغيروا بالطبع.. لكن أصبحت وجهة نظرهم فقط هي السائدة ونسينا أن هناك رأيا ورأياً آخر.. وانحصر التغيير في الصورة والكلمات. المواطن المصري لم تنله رياح أو نسمة تغيير حتي الآن.. الشارع المصري كما هو غير صالح للاستخدام الآدمي.. المرتشي مازال يمد يده، لكن الطريقة اختلفت.. الوجوه المتجهمة التي تتعامل مع الجمهور كما هي.. المحسوبية والواسطة هي السائدة.. المحليات مازالت تعيث في شوارع وميادين مصر فسادا، ولمن يشك يتجول في شوارع القاهرة الكبري وميادينها وفوق كباريها.. فوق الارض، وتحت الارض.. فوضي محلية ملموسة ومرئية، وكأن المحافظين ورؤساء الأحياء في إجازة. أري أن التغيير لم يحدث إلا في ثلاثة.. تنحي الرئيس.. بدء التحقيقات مع الفاسدين.. تغيير وجه الوزارة. ولانني أعلم أن التغيير يحتاج وقتا وتدريبا، فعلينا أن نبدأ تدريب أنفسنا علي كل ماهو صحيح.. فبعض سلوكياتنا تحتاج لوقت أطول وبعضها سهل.. المهم أن نبدأ. أما المجلس العسكري والحكومة، فالمطلوب منهم كثير.. مشاركة القوي الوطنية والمواطن العادي في صنع القرارات.. سرعة في الأداء.. شعور رجل الشارع بالأداء الحكومي في الأسعار والمرور والنظافة والأجور والاسكان والتعليم. أخشي أن يفقد كل منا الثقة في الآخر.. فالمصريون لم يشعروا بالتغيير في الأداء الحكومي.. والحكومة ومعها المجلس العسكري لم يلمس أي تغيير في فكر وأداء المصريين. نحن نعرف أنه ليس هناك أزرار نضغط عليها فنتغير.. المهم ان نملك نحن وليس غيرنا الريموت كنترول.