في أولي جلسات الحوار التي دعت له الحكومة، ورأسها الدكتور يحيي الجمل.. أثارت المستشارة تهاني الجبالي قضية مهمة، إذا كانت النقابات المهنية ستدعي للحوار، فمن الذين سيمثلونها، ويكونون معبرين حقيقة عن إرادة اعضائها. كانت تذكر بحالة اللامشروعية التي اصبحت فيها مجالس هذه النقابات، بالحكم بعدم دستورية القانون رقم 001، الذي حكم هذه النقابات، وبالفعل، فإن هناك حركة في جميعها لتصحيح أوضاعها. ولو أن حكومة الدكتور شرف وجهت نداء لها، لعقد جمعياتها العمومية وانتخاب مجالسها ديمقراطيا، فإن ذلك سوف يتم خلال شهر واحد. ونكسب جزءا رئيسيا من المجتمع المدني للطبقة الوسطي، ذات الدور الأساسي في المجتمع، وفي ثورة 52 يناير. لكن تبقي المنظمات التي يفترض أن تعبر عن مصالح القطاعات العريضة من الشعب.. والتي دمرت بتسلط أجهزة النظام السابق، فتجردت هذه القطاعات الأساسية في الانتاج والتنمية من أدوات الدفاع عن مصالحها.. لذلك، فلابد، وبلا أي ابطاء، وقبل الانتخابات البرلمانية.. من صدور قرار بحل هذه المنظمات، التي هي حتي الآن احدي ركائز منظومة النظام الساقط.. وهي: 1- اتحاد العمال هذا الاتحاد الذي تشكل مجلس إدارته، ومجالس نقاباته العامة، وجزء كبير من لجانه النقابية، بواسطة الحزب الوطني الحكومي، ومباحث أمن الدولة. والذي وقف ضد مصالح العمال، وتجسست عناصره علي العمال الشرفاء، وتواطأ مع أمن الدولة والادارات الفاسدة في اضطهاد العمال الذين يدافعون عن حقوق زملائهم، الي حد النفي من مصانعهم، بل من مواطنهم التي ولدوا وعاشوا وعملوا فيها. لذلك، لم يكن غريبا أن تتم كل الاضرابات والاعتصامات والوقفات الاحتجاجية، ابتداء من اضراب المحلة حتي الضرائب العقارية الي طنطا للكتان حتي عمر افندي.. كل هذه التحركات تمت بعيدا عن منظمات الاتحاد السلطاوي وكان طبيعيا وضروريا ان يشكل العمال نقاباتهم المستقلة، واتحاد العمال الحر، لإيجاد منظمات نقابية ديمقراطية تعبر عن مصالح جماهيرها. لقد استغلت قيادات هذا الاتحاد حضانة الحزب الحاكم وحماية مباحث أمن الدولة، في الحصول علي امتيازات وثروات علي حساب العمال الغلابة. وصاروا جزءا لا يتجزأ من منظومة فساد النظام الساقط. ولدي زملائنا الذين كانوا يغطون الحركة النقابية الكثير من وقائع هذا الفساد الصارخ. وأذكر فقط ما كان ينشره الزميل محمد الشماع في »الأخبار« وهو كثير.. ومثير. والآن يشن حسين مجاور رئيس هذا الاتحاد، عضو مجلس إدارة احدي الشركات بالمخالفة للقانون، والزعيم السابق للأغلبية المزورة للحزب الوطني في مجلس الشعب، يشن حملة علي الدكتور أحمد البرعي وزير القوي العاملة، بحجة أنه يفتت وحدة التنظيم النقابي، بتشجيعه الحرية النقابية، ويهدد هو ومجموعة المنتفعين، بتحريك النقابات ضده. هذا الاتحاد المزيف يجب حله، واعادة بنائه من اللجان النقابية الي النقابات الفرعية والعامة، حتي مجلس الاتحاد العام. ولعل ذلك أن يعيد الحركة النقابية الي اصحابها. وأن يكون سبيلا الي اعادة الوحدة - علي أسس ديمقراطية - لكل الحركة النقابية.. الحرة. 2- الجمعيات التعاونية للفلاحين لعبت الجمعيات التعاونية في مسيرة التنمية الزراعية التي أطلقتها ثورة يوليو دورا عظيما، لكن مع النكسة التي بدأت بسياسة الانفتاح »سداح مداح« ثم عصر الرأسمالية الطفيلية التي توحشت برعاية نظام مبارك. ضربت تعاونيات الفلاحين، وانحسر دورها، وتم الاستيلاء علي أصولها التي هي ملك للفلاحين، لصالح بنك التنمية الزراعية والائتمان الزراعي، الذي تحول الي بنك تجاري يستغل الفلاحين، وكشأن جميع مؤسسات البلد، سيطر علي معظم الجمعيات أعضاء الحزب الوطني، الجمعيات التعاونية في الريف يجب ان تعود للفلاحين، لتؤدي دورها في خدمتهم، ودعم الانتاج الزراعي. فهي الأداة الديمقراطية الضرورية لنهوض الريف. لذلك، لابد من اعادة بناء الحركة التعاونية الفلاحية علي أسس ديمقراطية، واعادة أصولها وأموالها اليها، واعطائها حقها الطبيعي.. وتحويل بنك الائتمان الزراعي الي بنك تعاوني، مع اقتراح بأن تدعو حكومة الثورة خبراء التعاون الذين عاشوا عمرهم يدافعون عن التعاون، وأخص منهم الزملاء محمد رشاد وعز الدين كامل ومحمود بسيوني، ويحيي أحمد فلديهم الكثير مما يفيدون به في هذا المجال. 3- المجالس المحلية واعتقد ان حل هذه المجالس مطلب شعبي عام، فمعروف للجميع كيف سيطر عليها الحزب الوطني، بالتزوير وأمن الدولة وكل الوسائل غير المشروعة، ان حل هذه المجالس، تمهيدا لاعادة بناء كل منظومة الحكم المحلي، بالانتخاب الحر.. ضرورة تحتمها الثورة، وتقتضيها حمايتها من قواعد الثورة المضادة، خاصة في الأقاليم.