دفتر الشهداء يفتح صفحاته ليضم أحد خيرة شباب مصر الشهيد مقدم شريف نجل محمد عمر المدير الفني لنادي الاتحاد السكندري الأسبق ومدير منتخب مصر العسكري لكرة القدم وابن شقيقة الكابتن شوقي غريب، رفض الأب التحدث عن ابنه وحاول أن يبدو متماسكاً وذكر فقط آخر ما قاله وهو يودع ابنه في الجنازة العسكرية التي شارك فيها الآلاف ودعا باكيا :إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا علي فراقك لمحزونون. قصة استشهاد البطل تؤكد أن أرض سيناء الطاهرة تروي كل يوم بدماء الأبطال ودليل حي ينفي ما يردده البعض عن أن أبناء الكبار والمشاهير ، لا يذهبون إلي أرض المعركة، ولا يخدم في سيناء إلا أولاد الفلاحين، أما أولاد علية القوم فلا يذهبون!! خلال قيام الشهيد البطل بعمليات تمشيط أحد المنازل في شمال سيناء كانت أول من تطأ قدماه المكان وبكل شجاعة دخل المكان ولكنه لم يخرج كما دخل دخل وهو بيننا فخرج وهو بين الأنبياء والصديقين والشهداء.. فما أن دخل المنزل إلا وانفجرت عبوة ناسفة ، ثم حاول الإرهابيون إيذاء جثمان البطل بعد أن فاضت روحه إلي السماء ، ليقوم زملاؤه المقاتلون بحصد أرواحهم حتي لا يمس جسده الطاهر بأذي ، ولم تمنع كثافة النيران حول جسده الطاهر أن زملاؤه في الدفاع عنه ولا حتي اختراق الطلقات لأجسادهم فهم جيش مصر خير أجناد الأرض. وقبل دخوله للمنزل لتمشيطه كان يستأذن أن يكون أول من يذهب ، وكأنه كان يعلم أنها خطوات قليلة تفصله عن الشهادة ، ودخل بجسارة لكي ينالها ، وفي طريق المداهمة برفح رأي المقدم الشهيد سيدتين تراقبان تحركات الجيش ، وكاد أحد الجنود أن يصوب سلاحه تجاههما لأنهما ينقلان أخبارهم من هذه المنطقة لكن البطل الشهيد رفض وقال »من إمتي جيش مصر بيقتل نساء» ، ولكنهما كانتا السبب في استشهاده وفقاً لاعترافات المقبوض عليهم بعد ذلك وهم من أبلغا بدخوله المنزل الذي انفجر فور عبور بوابته. الأم إيمان غريب ،تحدثت بكلمات من القلب وتقول : »شريف ابني بطل وشرفنا كلنا ،وهو ليس استثناء بل تأكيداً علي أن جيش مصر لا يفرق بين أبنائه في الخدمة الوطنية ، فهم في رباط إلي يوم الدين، لا فارق بينهم، صف واحد، القادة يتقدمون الصف، كتفا بكتف مع جنودهم ، يتسابقون لنيل الشهادة». وتروي والدة البطل : »وفي 16 مارس من العام الماضي اخترقت شاظية الغدر من التفجير العبوة الناسفة بالمنزل الذي داهموه ، لتستقر في قلبي قبل قلبك ياشريف يابني وكانت النهايه الجميلة طبعا..عشان شريف راجل وبطل..قولولي معناها ايه لما ظابط قائد يترك الدنيا كلها وراء ظهره ويدخل بيت ملغم علي مسئوليته ليحمي بلده وينال الشهادة.. افتدي البلد بعمره.. وهنيئاً لك الجنة والشهادة مكافأة ليك ولينا من ربنا» وتضيف » نتمني أن نلقاك قريباً في الفردوس الأعلي» وتستكمل : »فاكرة زي دلوقتي يوم 15 مارس كان آخر كلام بيننا ، وكان آخر مرة اسمع صوته فيها ، وقال إنه هايبقي الصبح شهيد.. وأهو ربنا استجاب لطلبك وبقيت شهيد وبقيت أنا أم الشهيد البطل شريف محمد عمر».. وتضيف وعينيها تفيض بالدمع »حرقت قلبي عليك يابني.. يارب الصبر من عندك علي فراق ابني يارب تقرب أيامي عشان أبقي جنبه.. وفي نفس اليوم فضلت أردد لنفسي :»أنا دلوقتي في انتظار أجمل خبر.. خبر استشهادك يا بطل». ام الشهيد لم تتوقف يوما عن مخاطبة الابن الذي نجح قبل استشهاده في رفح من تعطيل 19 عبوة ناسفة ، وتتحدث مخاطبة الابن البطل :»زي دلوقتي ياحبيبي جالي خبر هو حلو ومش حلو جالي خبر زفتك للجنه ياشريف في نعيم الله يابني وكده خلاص هانبتدي عمرك الحقيقي سنة أولي شهادة يا بطل». . وعن آخر دعوة قالتها الأم للبطل الشهيد ، قبل سفره قالت:» دعيت له وقولت يا رب أشوفك في أعلي العليين وفي السماوات العلا.. وما كنتش أعرف أن ربنا هايتقبل مني وتبقي عريس الجنة».. البطل متزوج وله ابنتان 4 و5 سنوات ،وقضي في رفح عام كامل ، وكانت والدته تسأله عن موعد نقله من سيناء ليجيب قائلاً : »مش هنزل من سيناء إلا وأنا ملفوف بعلم مصر». تحكي أم البطل أصعب لحظة تمر بها وهي تري كيف تقف ابنته فريدة وحيدة تحادث صورة والدها ، وتروي كيف قام زملاؤها في المدرسة بتمثيل عمل فني عن بطولة الأب وممارسة عملية لقصة استشهاد الشهيد شريف عمر الذي اطلق اسمه علي مدرسة الرمل الإعدادية بنات.