هي امرأة صعيدية أصيلة..تمردت منذ طفولتها علي التقاليد لتصبح واحدة من أبرز الأسماء النسائية في مجال البحث العلمي علي مستوي العالم..حصلت علي وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولي من الرئيس السادات عام 1975..وكانت أول امرأة في العالم تحصل علي الزمالة في تخصص التآكل من أمريكا..هي د.فينيس كامل جودة وزيرة البحث العلمي سابقا. • ................................................ ؟ أبي وأمي من أسيوط..لكنني ولدت وعشت طفولتي في شارع طومان باي بحلمية الزيتون..كان والدي محاسبا بالجيش..وكان يحلم بالولد مثل كل الصعايدة..لكنه أنجب خمس بنات كنت أنا أصغرهن..»لما اتولدت ما كانش بابا عايز يشوفني..لدرجة انه شافني بعد تالت يوم»..وبعد ولادتي بعام رزق أبي وأمي بالولد..وطبعا كانت فرحتهما كبيرة..وكان يعامل معاملة خاصة..فيها تمييز كبير.. »الحكاية دي عملت لي مشكلة..لكن خلقت عندي حافزا واصرارا..فقررت أعمل أي حاجة علشان يحبوني أكتر»..ولم أجد أمامي سوي الشطارة..فتميزت علميا وأصبحت أشطر منه..»بس بعد كده بقي أقرب أخوتي لقلبي». • ................................................ ؟ زمان كانت الفتيات يدرسن سنة اضافية في الثانوي هي سنة الثقافة..فقررت مذاكرة عامين في عام واحد حتي لا يسبقني أخي الأصغر..ورغم رفض أبي وأمي..أصررت..وذاكرت وحدي بدون دروس..ولم ينجح سوي 5% من الطلاب..كنت واحدة منهم . بعد الثانوية العامة كان أبي وأمي يريدان الحاقي بكليات الاقتصاد المنزلي أوالفنون مثل شقيقاتي..لكنني تمردت مرة أخري لرغبتي في الالتحاق بالطب..لكن التنسيق حولني لطب الاسكندرية..فرفضت والدتي..واضطررت للالتحاق بعلوم عين شمس.. »قررت ماستسلمش..فذاكرت الثانوية العامة تاني مع العلوم علشان ادخل الطب..لكن اكتشفت ان مناهج العلوم لطيفة فحبيت الكلية..وقررت اكمل فيها» . ................................................ ؟ كنت محظوظة بأساتذتي..ومنهم العالم الكبير د.مصطفي السيد الذي كان معيدا درس لي في الفرقة الاولي »كان شابا ذكيا ورائعا ودمه خفيف..وله معجبات كتير من الطالبات..بس ساب الكلية بعد فترة قصيرة وراح بعثة أمريكا». ................................................ ؟ كنت طالبة متفوقة علميا ورياضيا واجتماعيا..حصلت علي كأس الجامعة في التنس وتنس الطاولة..وكنت امارس الكشافة التي علمتني العمل الجماعي..وألعب البيانو وأعشق القراءة..وأنافس زملائي في قراءة الكتب الثقافية..وأشارك في حضور الندوات..وزيارة الأماكن الثقافية..وعام1955حصلت علي لقب الطالبة المثالية لأني أجمع بين التفوق العلمي والرياضي والفني. ................................................ ؟ تخرجت بتفوق عام 1956..وهو نفس العام الذي شهد افتتاح المركز القومي للبحوث..فالتحقت به..وتتلمذت علي أيدي النمساوي »د.ماخو» مؤسس قسم الكيمياء الكهربية بالمركز..وكنت أول امرأة تعمل في هذا القسم الذي اخترته لحبي للمعادن..»سر تفوق الاجيال القديمة انهم كانوا بيشتغلوا في المجالات اللي بيحبوها ويختاروها فبيظهر منهم النابغون والعلماء» ................................................ ؟ زوجي هو د.رؤوف شاكر ميخائيل..عالم كبير في الكيمياء الفيزيقية وأول عالم مصري تكرمه مؤسسة التقدم العلمي في الكويت..كان معيدا لي في الفرقة الثالثة.. ربط بيننا الاهتمام والاعجاب..وتمت خطبتنا بعد تخرجي وعملي بالمركز..كان سعيدا بنجاحي ويشجعني علي العمل والتفوق..لدرجة انه وافق علي تأجيل سفره لأمريكا لحين حصولي علي الماجستير..وفعلا شاركت مع د.ماخو في حصول المركز علي أول براءة اختراع في تحضير سبائك التيتانيوم بطرق جديدة وغير مكلفة..وبعدها سافرت مع زوجي لأمريكا وانتهزت الفرصة للعمل ودراسة الدكتوراه . ................................................ ؟ أنجبت ابنتين »ليلة» و»شيرين»..ورغم انشغالي بعملي..ووجود مربية بالمنزل..الا أنني لم أكن أحب تدخل أي انسان في تربية بناتي..اشترينا شقة بجوار مركز البحوث..وكنت أذهب للعمل صباحا..وأستأذن ساعتين لإطعام بنتي ثم أعود مرة أخري للمركز..وبعد الظهر أصطحب البنتين للنادي لممارسة هواياتهما..وحينما يكون لدي عمل في المنزل مثل كتابة محاضرة..أحاول إشراك بناتي وأخذ رأيهما بطريقة مبسطة »علي أد سنهم »..وكنت أشجعهم علي القراءة وأشتري لهم كتب الخيال العلمي..وأحرص علي نومهما مبكرا..ثم التفرغ للحياة الاجتماعية مع الأهل والأصدقاء..أو مناقشة الأمور العلمية مع زوجي.. »كنت باعمل حاجات كتير مع بعض.. بس أهم حاجة تنظيم الوقت..والحمد لله نجحت في تربية بناتي.. »ليلة» تخرجت في كلية طب قصر العيني..وسافرت أمريكا من زمان وهي طبيبة شاطرة ومعروفة هناك».. أما »شيرين»..فخريجة هندسة جامعة أمريكية..وحصلت علي الماجستير وتعمل مدير مشروعات في شركة IBM . ................................................ ؟ »أنا زي أي ست صعيدية..طباخة شاطرة جدا..كنت دايما حريصة ان زوجي وأولادي ياكلوا من ايدي..وكنت باحب أتفنن في اختراع أصناف جديدة..»وأنا في أمريكا..ضحكت علي الأجانب وقدمت لهم فطير صعيدي علي انه بيتزا مصرية..وكانت مواهبي بتظهر في أعياد ميلاد بناتي..وكمان في عمل كحك وبسكويت العيد.. وخبزه في البيت» . ................................................ ؟ أواصل عملي البحثي..وأقضي وقتي حاليا مثل أصغر باحث..فأحرص علي المجيء للمركز يوميا رغم أني أجريت جراحة دقيقة وركبت شريحتين ومسامير واستبدلت فقرة في الظهر. ومنذ عام 2000 بدأت مشروعا جديدا مع الاتحاد الأوروبي حول حماية الآثار والتحف من التآكل..وأعمل حاليا في مشروع اتفاقية بين حكومتي مصر وايطاليا لحماية الآثار المخزنة بالمتحف المصري والتي تتعرض للتآكل..ويتم بالتعاون مع ادارة المتحف..وبتمويل صندوق العلوم والتكنولوجيا . .............................. أحلم بتقدم مصر علميا..وهذا ممكن من خلال تفعيل استراتيجية التنمية المستدامة لمصر 2030 وخاصة في مجال الابتكار والعلم والمعرفة. ................................................ ؟ علاقتي بأحفادي رائعة..لا يعكرها سوي انشغالهم الدائم بالانترنت والآيباد..»صحيح ان وسائل التواصل الالكتروني بتجمعنا بالفكر..لكن بتبعدنا بالمشاعر.. وكنت اتمني تكون علاقتي بأحفادي حميمية اكتر زي ما كنا مع أهلنا زمان» .