الإدارية العليا تحسم طعون دوائر النواب الملغاة وتؤيد النتائج الرسمية    رئيس جامعة المنوفية والمحافظ يشهدان احتفال الجامعة بعيدها التاسع والأربعين    بروتوكول تعاون بين «EBank» وجهاز تنمية المشروعات لدعم الصادرات المصرية    بدء المحادثات بشأن النزاع الحدودي بين تايلاند وكمبوديا    أسرع هدف وصدارة تاريخية.. رياض محرز يكتب التاريخ بعد هدفه في السودان    تأجيل محاكمة عصابة سارة خليفة في اتهامهم بالاتجار بالمواد المخدرة ل8 يناير    رئيس الوزراء: مصر كانت بتتعاير بأزمة الإسكان قبل 2014.. وكابوس كل أسرة هتجيب شقة لابنها منين    التنظيم والإدارة: إتاحة الاستعلام عن القبول المبدئي وموعد الامتحان الإلكتروني لشغل 964 وظيفة معلم مساعد حاسب آلي بالأزهر    بني سويف توفر فرص عمل للشباب و38 عقدًا لذوي الإعاقة    القبض على المتهم بإنهاء حياة والدته بسبب مشغولات ذهبية بالمنيا    العثور على الصندوق الأسود لطائرة رئيس الأركان الليبى ومرافقيه فى تركيا    موعد ومكان عزاء الفنان طارق الأمير    الكاميرون تواجه الجابون في الجولة الأولى من كأس أمم إفريقيا 2025    مدرب بنين: قدمنا أفضل مباراة لنا رغم الخسارة أمام الكونغو    نجاح الفريق الطبي بقسم الرمد بمستشفى المنزلة في إجراء أول عمليتين مياه بيضاء بتقنية الفاكو بالدقهلية    اليمن يدعو مجلس الأمن للضغط على الحوثيين للإفراج عن موظفين أمميين    محافظ قنا يعقد اجتماعًا موسعًا للاستعداد لانطلاق الموجة ال28 لإزالة التعديات    ديبال S05 تحصل على تصنيف 5 نجوم في اختبارات Euro NCAP لعام 2025    البورصة المصرية تربح 4 مليارات جنيه بختام تعاملات الأربعاء    إعلام قنا تشارك في المؤتمر العلمي التاسع لكلية الإعلام    بعد الاعتداءات.. ماذا فعل وزير التعليم لحماية الطلاب داخل المدارس؟    السكة الحديد: تسيير الرحلة ال41 لنقل الأشقاء السودانيين ضمن مشروع العودة الطوعية    محمد معروف يشهر أول بطاقة حمراء في أمم أفريقيا 2025    التعاون الاقتصادي والتجاري والمباحثات العسكرية على طاولة مباحثات لافروف والشيباني    هذا هو موعد ومكان عزاء الفنان الراحل طارق الأمير    المتحف المصري بالقاهرة يحدّث قواعد الزيارة حفاظًا على كنوزه الخالدة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن :شكرا توتو وتوتى ..!؟    الكنيست الإسرائيلي يصدق بقراءة تمهيدية على تشكيل لجنة تحقيق سياسية في أحداث 7 أكتوبر    الصحة تواصل العمل على تقليل ساعات الانتظار في الرعايات والحضانات والطوارئ وخدمات 137    غدا.. استكمال محاكمة والد المتهم بقتل زميله وتقطيع جثته فى الإسماعيلية    بعد أزمة فيلم الست، رسالة نادرة لأم كلثوم تكشف دور الرئاسة في اختيار غنائها بالدول    ڤاليو تعتمد الذكاء الاصطناعي لتعزيز تجربة العملاء    ما فوائد تأجيل صندوق النقد الدولي المراجعتين الخامسة والسادسة لمصر؟    أمم أفريقيا 2025| شوط أول سلبي بين بوركينا فاسو وغينيا الاستوائية    خالد عبدالعزيز يترأس الاجتماع الختامي للجنة الرئيسية لتطوير الإعلام الإثنين المقبل    ميناء دمياط يستقبل 76 ألف طن واردات متنوعة    هل يجوز استخدام شبكات الواى فاى بدون إذن أصحابها؟.. الإفتاء تجيب    تأجيل محاكمة عامل بتهمة قتل صديقه طعنًا في شبرا الخيمة للفحص النفسي    الاتصالات: إضافة 1000 منفذ بريد جديد ونشر أكثر من 3 آلاف ماكينة صراف آلى    مدافع من سيتي وآخر في تشيلسي.. عرض لتدعيم دفاع برشلونة من إنجلترا    وفاة أصغر أبناء موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب    وزيرا التعليم العالي والرياضة يكرمان طلاب الجامعات الفائزين في البطولة العالمية ببرشلونة    الداخلية تستجيب لاستغاثة مواطن وتضبط المتهمين بالشروع في قتل شقيقه    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 24-12-2025 في محافظة الأقصر    أمم إفريقيا – براهيم دياز: سعيد بتواجدي في المغرب.. والجمهور يمنحنا الدفعة    وزير الري: الدولة المصرية لن تتهاون في صون حقوقها المائية    ضبط 4 متهمين اعتدوا على مواطن بأسلحة بيضاء بسبب خلافات فى السويس    الأوقاف: عناية الإسلام بالطفولة موضوع خطبة الجمعة    فاضل 56 يومًا.. أول أيام شهر رمضان 1447 هجريًا يوافق 19 فبراير 2026 ميلاديًا    حمادة صدقي: منتخب مصر فاز بشق الأنفس ويحتاج تصحيحا دفاعيا قبل مواجهة جنوب أفريقيا    الصغرى بالقاهرة 11 درجة.. الأرصاد تكشف درجات الحرارة المتوقعة لمدة أسبوع    وزير الصحة: قوة الأمم تقاس اليوم بعقولها المبدعة وقدراتها العلمية    مع اقتراب الامتحانات، أكلات تحسن التركيز للطلاب أثناء المذاكرة    وكيل صحة بني سويف يفاجئ وحدة بياض العرب الصحية ويشدد على معايير الجودة    محمد إمام يكشف كواليس مشهد عرضه للخطر في «الكينج»    وزير الخارجية يتسلم وثائق ومستندات وخرائط تاريخية بعد ترميمها بالهيئة العامة لدار الكتب    إيران تنتقد الترويكا الأوروبية والولايات المتحدة لعدم التزامهم بالاتفاق النووي    واشنطن في مجلس الأمن: سياسات مادورو تهدد أمن الولايات المتحدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثورة الشباب رسمت لنا خريطة طريق
لتأسيس مجتمع ديمقراطي ومدني

تسعون عاما يحملها هذا الرجل علي ظهره، عمر وعلم ومشوار طويل يذكرنا بهؤلاء البناة العظام الذين مهدوا الطرق لأوطانهم. تلمح في وجهه شبها بالرواد البارزين والعلماء الذين يحلمون لبلادهم بمكانة تليق وتميز في مختلف الميادين، يعبر عن فرادة الشخصية، وريادة التجربة فعالمنا الكبير الفذ الدكتور حامد عمار شيخ التربويين العرب هو صاحب اتجاه في البحث عن الشخصية المصرية في علم التربية. وكيف يمكن ان تكون المنظومة التعليمية المصرية معبرة عن سماتنا ومحققه لأحلامنا وطموحاتنا، انه نفس البحث الدائم عن التميز المصري. الذي تجده لدي العديد من علمائنا الكبار في شتي العلوم الانسانية، لذلك نقول محقين ان الدكتور حامد عمار قد بذل العمر بحثا عن مصلحة وطن مسلحا بالمعرفة والخبرة العملية والتخصص الدقيق التي تعد مفاتيح النجاح في أية تجربة حضارية ومن قمة التسعين عاما حدثنا عالمنا الكبير بصراحة عرفت عنه دائما وأغضبت منه الكثيرين أحيانا. ولأن ثورة الخامس والعشرين من يناير هي محور أحاديث المصريين الآن فقد كان طبيعيا أن يكون سؤالنا الأول عن توقعه لحدوثها وهل كان يستشرف نجاحها بمثل هذه السرعة؟ فأجابنا وكأنه ينتظر السؤال وجاء رده قاطعا.
لم أكن أتوقع حدوثها، ونجاحها بهذه السرعة فقد ظننا أن مصر أضحت عاقرا، ولكنها أخيرا جاءت بالوليد الذي يسمي الثورة، فأنا أشبهها بالزوجين اللذين يتشوقان لانجاب طفل، فيمنحهما الله هذا الوليد بعد ثلاثين سنة من الزواج، فقد ظللنا لمدة ثلاثة عقود ننتظر هذا الوليد، وأخيرا حدثت المعجزة وتحقق الحلم الذي كان متأرجحا بين اليأس والرجاء، وعلي رأي موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب: »فإذا الحلم حقيقة، واذا الأماني إرادة«. ففي بداية الأحداث، ومع الحشد للمليونيات، كنا -بطبيعة الحال- ندعو الي ان تنجح الثورة، وتتغلب علي كل الصعوبات، وبالفعل استطاع الشباب بعنفوانه، وبإيمانه أن يصمد، وأن يحقق هذه الثورة، وأن يفتح الطريق لكل آمال المستقبل في الحرية، والتحرر من النظام السلطوي، وما نتمناه الآن هو استقرار صورة هذا النجاح الذي أخشي عليه من حدوث أي شيء، فعندما أسمع عن تغيير وزاري أدعو الله أن يوفقهم في اختيار الجيد، وجاءت الوزارة الجديدة بصورة نرضي عنها، فكلهم كفاءات جيدة، ولي خمسة أصدقاء في الوزراء الجدد، وهم ذوو مستوي فكري راق، ويتمتعون بإخلاص في العمل ورؤية واضحة في تخصصاتهم وهذا هو الإطار العام لصداقتنا، وهؤلاء الأصدقاء هم: الدكتور سمير رضوان وزير المالية، والدكتور عماد أبوغازي وزير الثقافة، والدكتور جودة عبدالخالق وزير التضامن الاجتماعي، وأحمد جمال الدين موسي وزير التربية والتعليم، والدكتور عمرو سلامة وزير التعليم العالي.
خارطة طريق
وكيف تري تأثير هذه الثورة علي المدي القصير والبعيد؟
يجب يكون تأثيرها أو هدفها القصير والبعيد تأسيس مجتمع ديمقراطي مدني يفتح آمال الحياة الديمقراطية في أبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ايضا، وهذا الهدف يتكون بالتدريج مع المتابعة ومع الايمان ومع وضوح الرؤية ووضوح الطريق. ولا أتصور أن نصل الي هذا الهدف خلال عدة شهور أو سنة. بل يكون بمثابة خارطة طريق نضعها أمامنا لتنفيذها. أما التأثير المباشر للثورة فهو فتحها الباب لتحقيق أحلامنا علي أرض الواقع، حتي الأحلام التي كنا نراها صعبة يمكن تحقيقها الآن، وتستطيع مصر أن تقود الأمة العربية مرة أخري، وأن يكون لها ثقلها العالمي.
كيف يمكن التصدي لمنظومة الفساد من وجهة نظرك؟
قبل المواجهة لابد ان نبحث عن أسباب الفساد، وما الذي أدي الي ظهوره بهذه الصورة المؤلمة والفاجعة، التي كنا نشعر به ولكننا لم نكن نعلم انه قد وصل الي هذه الدرجة، والي هذا التشبع في كل قطاعات الحياة، وعلينا أن نقوم برصد هذا الواقع الذي نعيشه لمعرفة مواطن الخلل التي ترتب عليها كثير من أنواع الفساد من رشوة واستغلال نفوذ، ونهب اموال، وأراض زراعية - والقائمة طويلة كما عرفنا، والمهم أن نحافظ ونحرص علي وليدنا الجديد أو »ثورة الشباب« نحرص علي سلامتها ونقائها وطهرها بما لدينا من فكر وحكمة وعقلانية، وعلينا حمايتها من مخلفات الفترة السابقة.
كيف نبهت الي خطورة الفساد في مقالاتك أو كتبك؟ ولماذا لم تخصص دراسة علمية مستقلة للبحث في أسباب تفشي هذه الظاهرة في مجتمعنا؟
كتبت مقالات كثيرة وعديدة أشرت فيها الي الفساد، كما أعددت كتابا كاملا يتناول قضايا الفساد خاصة التعليمية منها وهو عبارة عن ندوة أقيمت بمكتبة الاسكندرية شارك فيها عدد من المتخصصين الي جانب وزيري: التربية والتعليم، والتعليم العالي السابقين، والدكتور حسام بدراوي الذي قدم لنا صورا مختلفة للفساد الكبير، وحررت هذا الكتاب بما يحتويه من مقالات ومناقشات، وكان عنوانه »الفساد في التعليم« وسلمته الي مكتبة الاسكندرية، ولم يصدر حتي الآن، ومن هنا أدعو مكتبة الاسكندرية أن تبادر بنشر هذا الكتاب.
فساد الفكر
علي من نلقي عبء هذا الفساد علي السياسيين أم أساتذة الجامعات أم المثقفين أم رجال الأعمال؟
أعتقد أن المناخ السياسي والاجتماعي العام هو الذي فتح الباب أمام هذا الفساد وبالذات في مواقع السلطة العليا، والعبء يلقي علي الجميع : السياسيين والمثقفين وأساتذة الجامعات أيضا، حيث نري ان كثيرا منهم قد التحق بالمشروعات التعليمية المزيفة التي ترصد لها أموال من المعونات فيعملون كمستشارين وكفنيين فقط للاستفادة من هذه الأموال في الوقت الذي يعلمون فيه، إن هذه المشروعات لا تفيد التعليم أو قضاياه. وألقي العبء ايضا علي المثقفين الذين يقومون بتزييف الواقع، وهذا نوع من الفساد، فليس الفساد ماديا فقط، بل أيضا فساد فكري وفساد ضميري، وفساد في الأخلاقيات والسلوك، وجميع ألوان هذا الفساد ارتكبت في مصر في الثلاثين سنة الأخيرة.
ما هي أبرز المواقف التي ارتفع صوتك خلالها مناديا بالتغيير وكيف كانوا يجهضون هذه الصيحات الإصلاحية؟
كانت أكثر القضايا التي تستفزني لمواجهتها هي التناقض بين الكم والكيف فأنا أري أن هذا التناقض باطل، لأن كل كم يتضمن »كيفا«. والعكس صحيح، بمعني لو زدنا عدد الطلاب الملتحقين بالسنة السادسة الابتدائية، فالزيادة العددية تلك تكتسب امكانية نوعية في حياتها واضافة في قدراتها، هي استطاعة القراءة والكتابة، وإجراء العمليات الحسابية البسيطة علي الأقل، والكم هنا -كما ترون- يتضمن كيفا. أما في مجال الأمية فإننا اذا زدنا عدد الملتحقين بفصول محو الأمية، فإن الأمر يصبح هنا زيادة في الكيف ونقصانا في الكم.
الديمقراطية والتعليم
وعلي صعيد الانفتاح في التعليم الجامعي فلو حاولنا زيادة الفرص مع تقليل العدد في مرحلة الثانوية فإن هذا التقليل يعد خطيئة تربوية لا يمكن غفرانها لأن زيادة الاعداد والخريجين من الجامعات يعني -ببساطة- تخريج أعداد تدعم وتعظم قوة العمل المستنيرة القادرة علي القيام بمسئوليات وأدوار متخصصة، ولا يزال عدد خريجي التعليم الجامعي محدودا لا يمثل سوي نسبة 11 أو 21٪ من قوة العمل، وهذا يعني بالضرورة أن مسيرة التنمية في مصر تقودها نخبة محدودة عدديا في حين يقف في مقابلها كتلة أمية تمثل ثلاثة في المائة من الشعب المصري وحوالي عشرين أو ثلاثين في المائة من حملة الشهادات المتوسطة وخريجي المعاهد الثانوية وهذا يضر بقضية الديمقراطية لانه لا يمكن أن تتأسس أية ديمقراطية في مجتمع من قلة واعية ومتعلمة، ومعها هذا الكم الهائل من غير المتعلمين والمشكلة اننا حصرنا عمليات التغيير في المستويين: الكمي والكيفي فقط. وللاسف هذا التعبير الكيفي لم يكن جادا وانما جاء مظهريا وأضرب مثالا علي ذلك بقولي: كنت أطالب بزيادة المقبولين بالتعليم الجامعي لطلاب الثانوية العامة وان تفتح لهم الأبواب والامكانات للتعليم الجامعي لانني كنت انادي دائما بأن هذا النوع من التعليم أصبح أساسيا في هذه الفترة التي تشهد مثل هذا علي مستوي زخم التقدم العلمي والتقني »التكنولوجي«، وكنت أردد دائما: لم يعد التعليم الجامعي ترفا للافتخار والدلال ولكن أصبح ضرورة من ضرورات التقدم وقد عارضوا رأيي مرتين الأولي حين أعلن وزير التعليم العالي السابق انه يريد أن يحول الجامعات الي مؤسسات اقتصادية تبيع سلعة اسمها التعليم، وبالتالي علي أي شخص يريد دخول الجامعة ان يدفع تكلفة تعليمه، وكان هذا من نصائح البنك الدولي وقد قاومت هذا الرأي مقاومة كبيرة، وكتبت مقالات نددت فيها بالأمر، وفعلت ذلك في مقابلاتي مع الوزراء وفي الندوات التي تحدثت خلالها، أما المرة الثانية التي ارتفع فيها صوتي منددا فكان اثناء مقاومتي لما يسمي بتطوير الثانوية العامة، حيث تبني أحد وزراء التعليم العالي وزميله وزير التربية والتعليم الأسبق ما أطلقوا عليه امتحان القدرات، حيث يختبرون الطلاب في 6 مواد أسموها »الجذع التربوي«، وتمنح للناجحين فيها شهادة، أما الذين يريدون دخول الجامعة فعليهم اجتياز ما يسمي بالاختبارات النوعية للقدرات، وقد عارضت ذلك بشدة، وقلت ان هذه الامتحانات لا يمكن الاعتماد عليها، وانها قد تتحول الي مجال من مجالات الإفساد والعبث بحقوق الطلاب. وأن امتحانات القدرات هذه سوف تكلف الوزارة ملايين الجنيهات، وقد شرحت في معارضتي لذلك كيف ان قدرات الانسان تتغير في حياته، قد تكون ضعيفة في موقف ما ولكن حينما يواجه تحديات معينة تبرز قدرات جديدة، والحمد لله تمكنت من ايقاف نظر لجنة التعليم بمجلس الشعب لهذا التصور. ويواصل عالمنا الكبير الحديث عن محطات الرفض في حياته بقوله: من ضمن الاشياء التي حاولت أن أوقف الاندفاع اليها مسألة الهيئة القومية لضمان الجودة والاعتماد، فهي منقولة عن النظام الامريكي، وللأسف كل من يعطينا النقود يري نفسه جديرا بتوجيهنا الي مشروعات من عندهم، وهذه الهيئة تضع معايير للتعليم الابتدائي والثانوي، وتهدف الي ايجاد التنافس بين المدارس والجامعات. والأمر يختلف بين ظروفنا وظروفهم.
04 عاما زواج
نعرف انك متزوج من لبنانية فهل كانت تشاركك مشاعر الغضب وفوران الاحتجاج علي الفساد فهل كنت تنصت لنصائحها في هذا الصدد ؟
طبعا كانت تشاركني أحاسيس الغضب والاحتجاج، وعندما تري وجهي عابسا غضبا مما يحدث كانت تحاول طمأنتي والتخفيف عني وهذا رأيها طوال عمري، ولما ذهبنا الي الاستفتاء علي الدستور اتفق رأينا دون ترتيب مسبق. ويبدو أن خيطا غير مرئي يربط بين عقلينا. وكما تعلمون عمري تسعون عاما أما عمرها فاربعة وثمانون سنة، لذلك لم نستطع الذهاب الي ميدان التحرير للمشاركة في الثورة.
ولكن كنا متابعين باستمرار لكل ما يجري من أحداث، وكنت أغضب وأتأثر بسرعة وليس لدي جلد علي احتمال الأنباء السيئة الا ان زوجتي كانت باستمرار عامل تهدئة وعنصر مشجع علي العمل طوال أربعين سنة هي عمر زواجنا.
في المراحل الحرجة التي تمر بها الشعوب دائما ما تصبح الحاجة ملحة الي دور المثقفين لقيادة المجتمع وايصاله الي بر الأمان فإلي اي مدي ينطبق هذا الكلام علي مثقفينا الآن؟
المثقفون جزء هام من قيادات المجتمع، وهناك قيادات أخري مهمة كالنقابيين ورؤساء الاتحادات العمالية والمهنية الي جانب زعماء الأحزاب، فكلها قيادات تدفع المجتمع الي الأمام. والمثقفون جزء من هذه المنظومة ونحن في حاجة الي زيادة اعدادهم دائما وننتظر منهم -كل في محيط عمله- نتائج ملموسة وانتاج يجري توظيفه من خدمة قضايا التنمية. والمثقفون الحاليون هم قادة المجتمع، ولكنهم لم ينجحوا. وكثير منهم حاول ان يخترق الاوضاع الحالية ولكنهم فشلوا ومع ذلك لا نستطيع انكار دورهم. وكثير من القضايا التي احتضنتها ثورة 52 يناير اهتم بها المثقفون من قبل عبر مقالات في الصحف وكتب ودراسات ووسائل عديدة.
برتوكول تعاون
أعرف ان لك مشروعا تربويا يمتد الي التعليم والثقافة فما هي ملامح هذا المشروع، وهل تري أن فرص تنفيذه بعد الثورة متاحة بشكل أكبر؟
التعليم والثقافة توأمان وهما معنيان بتكوين المواطن من المهد الي اللحد وهذا ما نلاحظه فالمدرسة مثلا من رياض الأطفال مهمة جدا في تكوين المخ وانفتاح عين الطفل عما حوله، والتوأمان هنا يشتركان في تكوين المعرفة والمهارات والقدرات الخاصة، وفي رؤية الانسان للكون والعالم الذي يحيط به وكل قضايا هذا العالم المعرفية والقيمية والاخلاقية هي مسئولية من مسئوليات التعليم والثقافة وإن اختلفت المؤسسات، والثقافة تعمل عبر أدوات »هيئات، مسارح، مراكز فنية، متاحف« وكل هذا يحدث تأثيرا تعليميا في العقل لذلك يجب علي التعليم أن يأخذ من الثقافة وعليها هي أن تأخذ منه وتعطيه، هذا تقسيم إداري وفني فأحدهما يكمل الآخر. انها علاقة تكامل الثقافة. نركز علي الفنون التي من سماتها انها لا حدود لها ولا نهاية. أما التعليم فيقدم تربية فنية وأنشطة ثقافية، وكما تريان فهناك دائما »برتوكول« للتعاون بين الثقافة والتعليم ولكن للأسف لا ينفذ هذا البروتوكول ولذلك أرجو أن تتاح هذه الرؤية امام الثورة والمشاركين فيها. وأقول لهم: »الثقافة والتعليم لابد أن يتكاملا وأن يدعما بعضهما البعض في المسيرة نحو تكوين المواطن المصري«.
انضممت مؤخرا بعد الثورة الي تشكيل المجلس الأعلي للتعليم قبل الجامعي فما هي طموحاتك التي تتمني تنفيذها من خلال هذا الموقع؟
أنا عضو بهذا المجلس منذ وزارة الدكتور حسين كامل بهاء الدين في التسعينيات حتي حكومة عصام شرف. امتدت عضويتي ولم أستبعد من هذا المجلس سوي في فترة تولي الدكتور أحمد زكي بدر الذي حذف اسمي من المجلس حتي جاء الدكتور أحمد جمال الدين موسي وزير التعليم الحالي، ليعيد إليّ حقي وهذا المجلس يضم اعلام التربية في مصر ومهمته رسم ملامح التعليم وما نحاوله الآن هو أن يكون هناك دور أساسي للتعليم في قضية الديمقراطية أي جعل التعليم ديمقراطيا. كما نسعي الي ان تكون قراراتنا في هذا المجلس الي التغيير والتجديد في المنظومة التعليمية والأمر ليس مجرد اقتراح أو تنفيذ مشروعات جزئية كما كان يحدث في الفترة السابقة حيث كان التعليم يجري بإخضاعه للقيم المزيفة التي كانت تحتضنها مؤسساته مثل امتلاء كتب التربية الوطنية أو كتب الدراسات الاجتماعية بصفحات تمجد الحزب الوطني وتصفق للعولمة، كما كانت هذه الكتب تسرف في الاقتباس والاخذ والنقل من الثقافات ونظم التعليم الأجنبية.
كيف يمكن ان تلحق مصر بركب التقدم العالمي بعد هذه الثورة؟
عندي رؤية قد يختلف البعض معها حيث اعتقد أن علينا التطلع الي العالم الخارجي لا لكي نصل الي ما وصل اليه من أوضاع حضارية أو اجتماعية أو ثقافية بل لكي نخلق ونكون ونولد من داخل مجتمعاتنا بكل ما تضمه من مكونات ومقومات حركة نهضة وتقدما الي الأمام، بمعني ان علينا الا نقلد وألا ننبهر بأشياء عندهم أو بما لدي الآخرين. لأن السياق العام للمجتمع مختلف كل الاختلاف وكل مجتمع له سياقه الخاص به، وحتي مع الثورة ومع ما فتحته من آفاق علينا ألا نأخذ من غيرنا، وانما نبدع ونخلق من خبراتنا وتعاملاتنا وجهودنا الذاتية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.