حماية المستهلك تطالب بردع المنتجين المحليين شعبة الأجهزة المنزلية تطلق مبادرة لتخفيض المستورد »الدولار ارتفع وكل حاجة ارتفعت« كانت هذة الجملة الأكثر ترديدا علي ألسنة كافة التجار بعد تعويم الجنيه نوفمبر الماضي.. فكلما ارتفع سعر الدولار الأمريكي بالبنوك المصرية ترتفع معه قيمة كافة المنتجات من أجهزة كهربائية ومشغولات ذهبية ومنتجات غذائية، إلا أنه وخلال الاسابيع الثلاثة الماضية شهد الدولار تراجعاً ملحوظاً حتي سجل سعره 15.7 جنيه ، وبطبيعة الحال توقع المواطنون انخفاضا ملحوظا بأسعار كافة المنتجات تبعاً لانخفاض قيمة الدولار . فما حقيقة ماجري ؟.. قامت «الأخبار» بجولة لرصد واقع الاسواق بكل من شارع عبد العزيز والعتبة والصاغة للتعرف علي آخر الأسعار ، لنكتشف استمرار مسلسل ارتفاع الأجهزة الكهربائية ونري الصدمة علي وجوه البسطاء الذين ذهبوا للشراء معتقدين ان الأسعار بدأت في التراجع مرة أخري. بدأت جولتنا بشارع عبد العزيز الذي يضم أقدم محال بيع الأجهزة الكهربائية ، وبمجرد ان اقتربنا من أحد المحال حتي وجدنا العشرات من الباعة يتسابقون لجذبنا في محاولة لإقناعنا بالشراء بعد أن خلت محالهم من الزبائن وافترشوا الرصيف أمامه في انتظار «الفرج» يرتشفون أكواب الشاي في إنتظار إقبال الزبائن، ومن داخل أحد المحلات أشار لنا محمد حسن، الذي يعمل بشارع عبد العزيز منذ عقدين من الزمن إلي أنهم لم يمروا بمثل هذه الفترة من الركود من قبل فبالرغم من مرور البلاد بأزمات طاحنة ابان ثورة يناير إلا أن السوق لم يصل لهذه الحالة. شائعة التخفيضات وعند سؤاله عن حقيقة تراجع أسعار الأجهزة الكهربائية بشارع عبد العزيز وفقاً لما تردد بعد إنخفاض قيمة الدولار خلال الأسابيع الماضية أكد حسن ان هذه مجرد إشاعة وان جميع الزبائن يواجهونهم بها يومياً، وأوضح أنه حتي الآن لم تصلهم أي قوائم بأي أسعار مخفضة من الشركات، لذا فجميع التجار ملتزمون بلائحة الأسعار التي ترسلها الشركات المختلفة ولن يستطيعوا تخفيض ثمن المنتجات من تلقاء أنفسهم والتسبب بأيديهم في الخسارة بحجة انخفاض الدولار. وأكد حسن أن الجميع الآن يتهمون التجار بالجشع والتسبب في ارتفاع الأسعار إلا أن الواقع أن الشركات والزبون نفسه هما من تسببا في ذلك، موضحا أن الأمر بدأ مع قرار تعويم الجنيه التي تبعها زيادة كبيرة في أسعار الأجهزة من قِبل الشركات، ومع الوقت استقرت الأسعار علي هذه الزيادة إلا أنه سرت شائعة كبيرة خلال شهر ديسمبر بأن أسعار الأجهزة ستقفز بشكل مبالغ فيه خلال شهر يناير، مما دفع الزبائن إلي التدافع والإقبال غير المسبوق علي الشراء مما جعل المخزون لدي التجار ينتهي والطلب يتزايد علي الشركات فاستغلت الأخيرة الموقف ورفعت الأسعار بشكل مفاجئ وغير مبرر بنسبة 20% مرة واحدة ثم توالت الزيادات حتي قفزت قيمة الجهاز من 5 آلاف جنيه في بداية ديسمبر إلي 10 آلاف في يناير. ومن جانبه أشار أبو يوسف، تاجر بشارع عبد العزيز، أن الأسعار بالفعل صادمة بالنسبة للزبون لكن التجار مجرد وسيط بينهم وبين الشركات، ولا نستطيع زيادة هامش الربح بشكل كبير خاصة بشارع عبد العزيز، موضحا أنه بالفعل لم تنخفض قيمة اي جهاز حتي هذه اللحظة بل وصلت لأسعار غير متوقعة فبلغ سعر الثلاجة الكريازي ال16 قدم إلي 8200 جنيه بعد ان كانت تباع بأقل من 4 الآف جنيه، وصلت غسالة توشيبا 10 كيلو فول اتوماتيك إلي 5 آلاف جنيه بعد أن كانت تباع ب 2400 جنيه، وأضاف أنا حتي السلع التي تعد من الرفاهيات لم تسلم من الزيادة فبلغ ثمن القلاية الديلونجي 3200 جنيه بعد ان كانت تباع بحد أقصي ب 900 جنيه، ووصل معها سعر الديب فريز ألاسكا 5 درج إلي 4250 جنيه . أجهزة الغلابة وأشار لنا محمد حسن أن أكثر من عاني من هذه الزيادات هم الغلابة وصغار الموظفين، موضحاً أنه قديماً كانت هناك فئة من الأجهزة دائما ما كانت تقبل عليها هذه الشريحة إلا أنها تحولت لأجهزة لميسوري الحال فقط ، مشيراً إلي انه علي رأسها أجهزة المكانس الكهربائية العادية التي لم تكن تتعدي ال500 جنيه وصلت الآن إلي 2000 جنيه، كما ارتفعت الغسالات من 2900 جنيه إلي 6200 جنيه، والثلاجات العشرة قدم والتي كانت من الثلاجات المفضلة للأسر البسيطة نظراً لانخفاض ثمنها وصلت إلي 3300 جنيه بدلاً من 1200، ومثلها الثلاجة ال13 قدم ارتفعت من 3500 جنيه إلي 6900 جنيه في الأسواق حالياً. وخلال جولتنا بشارع عبد العزيز لاحظنا حراكاً من قبل الأهالي فتوجهنا لمعرفة رأيهم في الأسعار وأسباب نزولهم للأسواق خلال هذه الفترة ، وببسمة مصطنعة ولهجة متهكمة أجابت علينا مايسة عبدالله، ربة منزل قائلة «نازلين نتسوق بالفيزا ومش لاقيين حاجة تليق بمقامنا»، وسرعان ما اختفت البسمة من علي وجهها ونظرت بحسرة إلي إبنتها مشيرة لها قائلة «نازلين ندورعلي أي حاجة نكمل بيها جهاز البنت اللي فرحها اتأجل مرتين » وأوضحت مايسة أنها فور سماعها علي إحدي القنوات التلفزيونية ببدء انخفاض أسعار الأجهزة بعد انخفاض الدولار سارعت إلي شارع عبد العزيز لتبادر بالشراء قبل أن ترتفع الأسعار مرة أخري، إلا أنها صدمت عندما رأت الأسعار كما هي ولا يوجد أي تخفيض علي أي جهاز قائلة «الاجهزة دي المفروض يعلقوا لافتة عليها ..للفرجة فقط .. ». أما منير شاكر، موظف حكومي، فأشار إلي أن التجار والشركات تلعب مع المواطن لعبة «القط والفار» فكلما بدأ الموظفون في تحسين ظروفهم ومحاولة التأقلم مع الوضع، يبدأ التجار في تكدير حياتهم برفع الأسعار بصورة مبالغ فيها، وأوضح قائلاً «بقينا محتاجين روبن هود عشان نقدر نعيش لإننا لو اشتغلنا 4 شغلانات في اليوم مش هنقدر نجيب حتي تمن تلاجة لبنتنا»، وأضاف شاكر إلي انه تمكن منذ ثلاثة أعوام تزويج ابنته الكبري عن طريق شراء كافة الأجهزة بالقسط، إلا أنه الآن وبعد إرتفاع الأسعار لن يستطيع راتبه أن يكون ضامنا لشراء اكثر من غسالة وبوتوجاز فقط وبالقسط. وأكدت سيدة إحسان، مدرسة، والتي اصطحبت ابنتيها الصغيرتين إلي شارع عبد العزيز لشراء بوتوجاز لوالدتها المسنة، أكدت لنا أنها كلما دخلت إلي أحد المحلات تسمع أرقاماً لم تكن تتخيلها خاصة ان الدولار بدأ في الانخفاض، وأوضحت قائلة « بقالي سنة ونص في جمعية عشان أجيب لأمي بوتوجاز جديد ومع ذلك الأسعار مش رحمانا .. هي الحكومة فين مش المفروض أنهم يتحكموا في الأسعار ». قائمة أسعار ومن جانبه أكد لنا أشرف هلال ، رئيس شعبة الأجهزة الكهربائية بالغرف التجارية، أن إتهام التجار بالجشع دون معرفة أسباب إستمرار ارتفاع الأسعار بالرغم من هبوط الدولار هو امر ظالم قائلاً « التاجر برئ براءة الذئب من دم يوسف وعلي الجميع معرفة ذلك» ، موضحاً أن السوق المصري تغطيه الصناعة المصرية أي ان التعامل يتم مع شركات مصرية وطريقة التعامل تكون بنظام «قائمة الأسعار» ، فنبيع وفقاً للأسعار التي ترسلها الشركات باللائحة، ونحصل علي عمولة سنوية بنسبة 4% علي ما تم بيعه ، ومن هنا لا يستطيع التاجر تخفيض سعر أي منتج دون ان ترسل الشركة قائمة بهذا السعر. وأكد هلال ان الشعبة عقدت اجتماعا مع التجار يوم الأحد الماضي وتم الاتفاق علي إطلاق مبادرة لعمل تخفيضات من 5 ٪ إلي 8% علي كافة المنتجات المستوردة والتي يستطيع التاجر التصرف في أرباحها، موضحاً أن الزبون ربما لم يشعر بذلك لأن المنتجات المستوردة لا تغطي سوي 20% من السوق وذلك بعد قرار رقم 43 لوزير التجارة والذي خفض نسبة الإستيراد. وأشار إلي أنه من المفترض أن تقوم الشركات بعد هبوط الدولار بعمل جرد لكافة المنتجات الموجودة بمخازن التجار لمحاولة خفض الأسعار دون ظلم التاجر فتعوضه عن طريق عمل عروض مخفضة عليها ليتماشي ذلك مع هبوط الدولار . أوضحت د.سعاد الديب، رئيس اتحاد جمعيات حماية المستهلك، أن المنتجين المحليين استغلوا ارتفاع الدولار وفرضوا زيادات مبالغا فيها علي أسعار الأجهزة بالرغم من أنها مصرية، ومن هنا فكان عليهم مراعاه السوق الذي يعملون به فالمواطن المصري لا يتعامل بالدولار في السوق وعندما يشتري منتجاً مصرياً فمن المفترض ان يجده ارخص سعراً من المستورد، لذا فما يحدث هو مجرد إستغلال دون وجه حق وتعامل بمنطق «لوي الدراع» . دور الدولة وأوضحت ان الدولة هي من قررت تقليل كمية المستورد فتمكن المنتجون المحليون من السيطرة والهيمنة علي السوق والتحكم به لذا علي الدولة الآن التدخل وتوجيه كافة الجهات المختصة لخفض الأسعار مرة أخري، كما أنه علي اتحاد الصناعات والغرف التجارية إيجاد حلول سريعة حتي يستطيع المواطن المصري التنفس بعد موجة الضغط والغلاء التي عاني منها.