عاش المصريون أسعد لحظاتهم في السنوات الأخيرة بوصول منتخبنا لكرة القدم منتخب الفراعنة.. إلي نهائي بطولة الأمم الأفريقية لكرة القدم بعد غياب ثلاث بطولات متتالية. لم يكن أكثر المتفائلين من المصريين يتوقع كل هذا النجاح.. خاصة مع جيل جديد من اللاعبين لم يلعبوا من قبل أية بطولة أفريقية باستثناء أربعة لاعبين.. وجهاز فني ليست له أية خبرة أفريقية. ولكن البطولة تصنع رجالها.. والرجال يصنعون أمجادهم.. والجماهير تصنع فرحتها.. وها هي تفرح برجالها من الأبطال الذين أعادوا المجد الكروي لمصر علي الساحة الأفريقية بعد غياب سبع سنوات.. وقت أن كنا نعيش مع حسن شحاته ورجاله انتصارا تلو الآخر في ثلاث بطولات متتالية. الفراعنة أثبتوا لأفريقيا والعالم كله أنهم أسياد القارة.. وأنهم حين يتواجدون في أي محفل أفريقي فهم علي الموعد مع التفوق والنجاح.. هم أصحاب الأرقام القياسية في مشوارها علي مدي ستين عاما هي عمر البطولة .. فهم أول من أنشأ البطولة وأول من فاز بها عام 1957. وأكثر من فاز بها سبع مرات.. وأكثر من شارك في نهائياتها 23 مرة.. وأكثر من لعب مبارياتها 90 مباراة.. وصاحبة الرقم القياسي في الفوز بالبطولة علي التوالي وهي ثلاث مرات متتالية.. والرقم القياسي في السجل النظيف دون خسارة و هي 24 مباراة متتالية.. وصاحبة أكثر عدد من الانتصارات 52 انتصارا.. وأكثر عدد من الأهداف 156 هدفا. أرقام قياسية عديدة حققها منتخب الفراعنة علي مدي التاريخ الطويل للبطولة.. و للاعبين أيضا أرقام قياسية عديدة.. الديبة أول هداف.. الشاذلي أعلي هداف.. أيمن منصور أسرع هداف.. الجوهري أول من حصل علي البطولة لاعبا ومدربا.. حسن شحاتة أول من فاز بالبطولة مدربا ثلاث مباريات متتالية.. حسام حسن أول من فاز ببطولتين بينهما عشرون سنة.. عصام الحضري أكبر من شارك بالبطولة سنا وأكثرهم مشاركة بالمباريات وأول من شارك في بطولتين بينهما ثلاثون سنة.. والأرقام القياسية لا تنتهي.. ولن تنتهي. هذه البطولة تختلف عن أية بطولة أخري.. فالدولة التي أقيمت بها فقيرة الإمكانيات وغير مؤهلة لتنظيمها.. والملاعب غاية في السوء.. تسببت في إصابة أكثر من لاعب.. وحضور جماهيري ضعيف.. وبنية تحتية وتسهيلات لا ترقي لبطولة كبيرة ولاعبين كبار. أما عن فريقنا فهو حديث العهد بتلك البطولة باستثناء أربعة لاعبين.. وجهازهم الفني هو أيضا حديث العهد بأفريقيا كلها.. وكان موعد الجميع مع تصفيات تتم بعد غياب عن ثلاث مشاركات وهو ما لم يحدث من قبل لدرجة أن الخبراء قالوا إن شمس مصر غابت عن القارة ولن تعود. لكن بالإصرار عادت مصر إلي البطولات الأفريقية.. ولم تكن العودة شيئا عاديا.. بل عادت بقوة.. عادت لتحقق أرقاما قياسية جديدة.. بالفوز في أصعب الظروف علي ملاعب سيئة للغاية.. والاحتفاظ بنظافة الشباك لأكثر من 600 دقيقة متتالية.. وإنهاء عقدة عدم الفوز علي المغرب التي لازمتنا 31 عاما.. وتكرار الفوز علي غانا التي أخرجتنا من تصفيات آخر نسخة من كأس العالم.. أما عن الحضري فحدث ولا حرج.. ارفع راسك فوق انت حضري. وبصرف النظر عن نتيجة المباراة النهائية التي ستجمعنا يوم الأحد المقبل مع أحد فريقي غانا والكاميرون القويين.. فإن ما حققه رجال المنتخب المصري يعد إنجازا كبيرا يستحقون عليه التكريم.. ويستحقون عليه فرحة جماهيرهم.. والفوز بالبطولة الثامنة.. وهم قادرون عليها.. سيكون إنجازا هائلا في تلك الظروف الصعبة. الفريق يعاني من إصابة وإيقاف ثمانية لاعبين.. وإرهاق الجميع بسبب المباريات المتلاحقة في جو سيئ و علي أرض بالغة السوء.. هذا ما نقدره جميعا.. ولكنهم جميعا لا تنقصهم الرجولة والجدية.. ولا ينقصهم حبهم وانتماؤهم لبلدهم.. ولا ينقصهم حرصهم علي إسعاد جماهيرهم. اختموا المشوار يا رجال بنفس الروح والحماس.. اثبتوا للعالم أن في مصر جيلا جديدا سيعيد كتابة التاريخ الكروي.. اسعدوا جماهيركم التي نسيت كل همومها ورقصت وغنت لكم.. اصنعوا مجدا جديدا.. وعودوا إلينا بالبطولة الثامنة.