كما ينبغي علي الشركات السياحية المنظمة ان تبذل ما في وسعها حيال إشباع رغبات السياح الثقافية والروحية مع إتاحة الفرصة لهم لممارسة شعائرهم الدينية اثناء سفرهم. وأسمح لنفسي تسجيل امثلة لتوضيح المقصود من هذه المادة وأسبابها وذلك من خلال حوادث ومشاكل واقعية وعملية. أوائل شهر ديسمبر من عام ألفين وسبعة فوجئت السلطات المحلية بمدينة ماكاو وهي المدينة الصينية التي تشابه لاس فيجاس الأمريكية في مجال القمار بتظاهر عدد مائة سائح وسائحة صينيين من مقاطعة هيبيه وسط شوارع المدينة مما دفع بقوات الشرطة لمحاصرتهم وكان واضحا حالة الغضب الشديد والاستياء وهو ما عقد موقف السلطات المحلية في التعامل مع هذه الحالة الشاذة واتضح ان السبب كان تصرفات المرشدين السياحيين المسئولين عن تنفيذ برنامج هذه المجموعة والتي سافرت لمدينة ماكاو لزيارة مواقعها التاريخية والمرتبطة بتاريخ الاستعمار البرتغالي وهي المدينة التي سلمتها البرتغال للحكومة الصينية عام الف وتسعمائه وتسعة وتسعين فقد قام المرشدون بدفع المجموعة لزيارة المحال والاسواق التجارية وغير المدرجة في البرنامج المتفق عليه ورغم اعتراض السياح علي ذلك ورغم إعلانهم عدة مرات عدم رغبتهم في التسوق مما اربك البرنامج والغرض منه واشعل ثورة الغضب ثم المظاهرة العلنية والتي ظهرت علي شاشات التليفزيون وطبعت بجميع الصحف الدولية ومنها صحيفة الهيرالد تريبيون الدولية يوم الخميس السادس من ديسمبر عام الفين وسبعة. هذا مثال وأمثلة اخري تحدث هنا بمصر ومنذ عدة سنوات ومرتبطة بشركات السياحة الدينية والتي تنظم رحلات الحج والعمرة والتي منها عدد محدود يطبع برنامجا واضحا فيه علي سبيل المثال اماكن الاقامة وتفاصيلها و التي كلما إمتازت زاد السعر المعلن وللمتعاقد حق الاختيار والتعاقد علي البرنامج المناسب لإمكانياته. ثم يسافر المتعاقد ليفاجأ بعدم مصداقية اي معلومة واردة في البرنامج والتعاقد فبدلا من اقامته في غرفة فردية يجد نفسه في غرفة يشاركه فيها سبعة اشخاص وبدلا من الحجز له بفندق قريب من الحرم لظروفه الصحية يجد نفسه بفندق علي مسافة ثلاثة كيلومترات من الحرم مع استحالة التنقل بالمركبات و يخوض تجربة بالغة السوء ويعود للوطن ليخوض تجربة ثانية بالغة التعقيد تشمل المحاضر والمحامين والشكاوي للحصول علي حقه فقط دون تعويض وهو ما دفع وزارة السياحة للتدخل الصارم جدا والذي بلغ حد سحب التراخيص مع فرض الغرامات والتعويضات ايضا تصرفات بعض المرشدين السياحيين هنا بمصر والذين يجبرون الافواج السياحية علي زيارة المحلات التجارية وغير المدرجة بالمرة في البرنامج مما يربك البرنامج ويحرمهم من هدف السفر والرحلة واليوم منظمة السياحة العالمية بدعم من منظمة الاممالمتحدة وتعاون الحكومات تعمل علي وقف مثل هذه التصرفات وضمان الالتزام الكامل بالتعاقدات والبرامج مع حماية السياح والمجتمعات المحلية، مع إشارتي إلي انه حسب تقدير منظمة الاممالمتحدة فإن التدفقات السياحية علي مستوي العالم ستتعدي الواحد والنصف بليون سائح عام الفين وعشرين. واجتماع الاقصر سيناقش اساليب الحد من الاثار السلبية للسياحة علي المجتمعات النائية المعزولة والهشة مع العمل علي مضاعفة التوابع الاقتصادية المفيدة علي هذه المجتمعات. ايضا استغلال الثقل الهائل للتدفقات السياحية في مساندة المقاصد التي اضيرت بسبب التغيرات المناخية والظواهر الطبيعية المدمرة مثل السونامي والبراكين والاعاصير وهي اهداف نبيلة تتشكل من الخبرة العملية الواقعية التي يخوضها سياح العالم عند زيارة هذه المواقع و مجتمعاتها ومساكنهم ومشاهدة المعاناة الرهيبة التي يمرون بها وهو بالتالي ما يؤكد ويدعم أهمية وثقل السياحة في مواجهة هذه المحن. كما ستتم مناقشة حرية التحركات السياحية بدول العالم. واختيار مدينة الاقصر لعقد هذا الاجتماع الدولي يؤكد أهمية وثقل هذه المدينة التاريخية والتي هي »واست« اي الصولجان رمز الإقليم الرابع بمصر القديمة وعاصمة اقاليم الوجه البحري ايام اجدادنا الفراعنة ثم »نوت« اي المدينة ثم مدينة امون ثم نوت الجنوبية ثم طيبة- واخيرا لقبها العرب بالاقصر وحرفها الاجانب للوكسور اي الاقصر. وهي التي بدأت لمحات عظمتها للعالم منذ القرن الحادي والعشرين قبل الميلاد وبلغت اوج عظمتها منتصف القرن السادس عشر قبل الميلاد عندما تحررت مصر من حكم الهكسوس فاخذت موقع الصدارة كأهم مدينة في العالم سياسيا وحضاريا. وإستمرت عاصمة لمصر لعدة قرون ثم انتقل الحكم إلي الوجه البحري مع بقاء الثقل السياسي و الديني بالاقصر ودام هذا الثقل والمجد حتي القرن الثالث قبل الميلاد عندما حكم البطالمة البلاد فتعرضت لموجات من الدمار والتخريب خصوصا في عهد الاشوريين والفارسيين فكلما اشتعلت ثوره لمقاومة الاحتلال قام المحتل بعمليات تخريب وهدم لكل ما يرمز لعظمة ومكانه طيبة.