أخبار مصر اليوم: سحب منخفضة على السواحل الشمالية والوجه البحري.. وزير العمل يصدر قرارًا لتنظيم تشغيل ذوي الهمم بالمنشآت.. إغلاق موقع إلكتروني مزور لبيع تذاكر المتحف المصري الكبير    واعظات الأوقاف يقدمن دعما نفسيا ودعويا ضمن فعاليات شهر التطوع    استمرار حملات إزالة التعديات على الأراضي الزراعية بكرداسة    زيلينسكي: بعض وثائق التسوية السلمية جاهزة وقضايا حساسة تتطلب مزيدا من العمل    ضياء رشوان: نتنياهو يحاول اختزال المرحلة الثانية من اتفاق غزة في نزع سلاح حماس وتغيير مهام قوة السلام    جيش الاحتلال: قتلنا شخصين اقتربا من الخط الأصفر في جنوب قطاع غزة    أمم إفريقيا - طالبي: آمل أن يستغل الركراكي قدراتي.. وعلينا أن نتعامل مع الضغط بإيجابية    مدرب مالي يكشف حقيقة تسرب الخوف في نفوس لاعبيه قبل مواجهة المغرب بأمم أفريقيا    بعد انتشال 8 جثامين و18 مصابا، انتهاء عمليات البحث عن ضحايا أسفل عقار إمبابة المنهار    جلا هشام: شخصية ناعومي في مسلسل ميد تيرم من أقرب الأدوار إلى قلبي    في وصمة عار ثقافية .. بلدوزر الجيش يحوّل مقبرة أمير الشعراء أحمد شوقي إلى أطلال    ياسمينا العبد: تفاجأت بتمثيل زياد ظاظا في ميد تيرم.. فنان بمعنى الكلمة    كجوك: طرح 3 استراتيجيات متوسطة المدى للدين والسياسات الضريبية والمالية العامة نهاية الشهر الجاري    مستشار شيخ الأزهر للوافدين: نُخرّج أطباء يحملون ضمير الأزهر قبل شهادة الطب    مصر تحصد 20 ميدالية جديدة بالبطولة العربية لرفع الأثقال في قطر    البابا ليو الرابع عشر يتضامن مع غزة في يوم عيد الميلاد    بالأسماء.. إصابة 7 أشخاص في حادث انقلاب سيارة جامبو بصحراوي البحيرة    دهس طفل تحت عجلات ميكروباص فوق كوبري الفيوم.. والسائق في قبضة الأمن    أوكرانيا تعلن استهداف أكبر منشأة روسية لمعالجة الغاز في أورينبورج    بدعوة حكيمى.. مبابى يصل الرباط مع عائلته لمساندة المغرب أمام مالى    تصعيد الصراع العسكري والإنساني.. آخر تطورات الأوضاع في السودان    مناسبة لأجواء الكريسماس، طريقة عمل كيك البرتقال بالخلاط بدون بيض    أخبار كفر الشيخ اليوم.. إعلان نتائج انتخابات مجلس النواب رسميًا    ضياء رشوان: نتنياهو يريد تجنب الانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق غزة    تراجع جماعي لمؤشرات البورصة بختام تعاملات اليوم الخميس    هي تلبس غوايش وأنا ألبس الكلبش| انفعال محامي بسبب كتابة الذهب في قائمة المنقولات    «مؤسسة محمد جلال الخيرية» تكرم أكثر من 200 حافظة وحافظ للقرآن الكريم    تعيين محمد حلمي البنا عضوًا بمجلس أمناء الشيخ زايد    جراحة دقيقة بمستشفى الفيوم العام تنقذ حياة رضيع عمره 9 أيام    أخصائي يُحذر: نمط الحياة الكارثي وراء إصابة الشباب بشيخوخة العظام المبكرة    جمارك السلوم تحبط محاولة لتهريب كمية من البذور الزراعية الموقوف تصديرها    خبير: صناعة التعهيد خلقت فرص عمل كبيرة للشباب وجذبت استثمارات أجنبية لمصر    كيف نُصلِح الخلافات الزوجية بين الصم والبكم؟.. أمين الفتوى يجيب    ختام مبهج ل «الأقصر للتحطيب»    خبير تشريعات: جولة الإعادة أكدت صعود المستقلين وبروز ملامح البرلمان الجديد    بعد عام من الانفصال.. طلاق شريف سلامة وداليا مصطفى    برلمانية: الاستحقاق البرلماني الأخير يعكس تطورًا في إدارة العملية الانتخابية    صندوق التنمية الحضرية يعد قائمة ب 170 فرصة استثمارية في المحافظات    هل للصيام في رجب فضل عن غيره؟.. الأزهر يُجيب    إزالة مقبرة أحمد شوقي.. ماذا كُتب على شاهد قبر أمير الشعراء؟    وزير الخارجية: التزام مصر الراسخ بحماية حقوقها والحفاظ على استقرار الدول المجاورة    اتحاد الكرة يحذر من انتهاك حقوقه التجارية ويهدد باتخاذ إجراءات قانونية    بشير التابعي يشيد بدور إمام عاشور: عنصر حاسم في تشكيلة المنتخب    جامعة بدر تستضيف النسخة 52 من المؤتمر الدولي لرابطة العلماء المصريين بأمريكا وكندا    ادِّعاء خصومات وهمية على السلع بغرض سرعة بيعها.. الأزهر للفتوي يوضح    البابا تواضروس يهنئ بطريرك الكاثوليك بمناسبة عيد الميلاد    الوطنية للانتخابات: إبطال اللجنة 71 في بلبيس و26 و36 بالمنصورة و68 بميت غمر    التفاصيل الكاملة لافتتاح المركز النموذجي بالغرفة التجارية بالقليوبية    محافظ الجيزة يفتتح قسم رعاية المخ والأعصاب بمستشفى الوراق المركزي    كرة طائرة - بمشاركة 4 فرق.. الكشف عن جدول نهائي دوري المرتبط للسيدات    سيول وثلوج بدءاً من الغد.. منخفض جوى فى طريقه إلى لبنان    مصادرة 1000 لتر سولار مجهول المصدر و18 محضرا بحملة تموينية بالشرقية    نائب وزير الصحة تتفقد منشآت صحية بمحافظة الدقهلية    أمن القليوبية يكشف تفاصيل تداول فيديو لسيدة باعتداء 3 شباب على نجلها ببنها    وزيرا «التضامن» و«العمل» يقرران مضاعفة المساعدات لأسر حادثتي الفيوم ووادي النطرون    لليوم الثاني.. سفارة مصر بإيران تواصل فتح لجان التصويت بجولة الإعادة للدوائر ال19 الملغاة    الزمالك يواجه سموحة الليلة في اختبار جديد بكأس عاصمة مصر.. صراع الصدارة وحسابات التأهل    صراع النقاط الثلاث يشعل مواجهة بيراميدز والإسماعيلي في كأس عاصمة مصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من لم تمت بالجرح عاشت بآلامه ختان البنات «عاهات» وتقاليد !
79٫5٪ من فتيات مصر خضعن للتجربة .. وعلماء الدين : عادة جاهلية
نشر في الأخبار يوم 27 - 06 - 2016

رغم أنف القوانين لا تزال الجريمة مستمرة، تتحدي الجميع وتخرج لسانها لهم. ويظل الغالبية يتغافلون عنها مع انها تتم أمام أعينهم، حتي تقع مأساة فيتجدد الحديث في ختان البنات وكأنه أمر مفاجيء ينتهك الختان أجساد الفتيات في مراحل مختلفة من العمر، وكلهن يدفعن الثمن في النهاية، حيث تتفاوت الخسارة لتبدأ من المشكلات الجسدية والنفسية التي تظل رفيقا لحواء طوال حياتها، وقد تنتهي الحياة فجأة مثلما حدث قبل أسابيع مع ميار محمد موسي ذات السبعة عشر ربيعا. في لحظة واحدة انتقلت من الربيع الي الخريف لتذوي أوراق عمرها، عقب عملية ختان بمستشفي خاص أصابتها بنزيف حاد وهبوط في الدورة الدموية.
ولأن الجريمة مستمرة فقد حرصت «الأخبار» علي فتح الملف من جديد، خاصة أن القوانين بعقوباتها لم تستطع مواجهة العادات وما تنتجه من عاهات في جسد حواء. وكأن المجتمع يعاقبها. علي أساس أنها رمز الخطيئة والمسئول الاول عن أي انحرافات أخلاقية، وفي مجتمع كهذا يصبح من الطبيعي أن تتعرض 79٫5 من فتيات مصر للختان بين 15 و29 عاما، ولم تنج من هذه الجريمة إلا 13٫4٪ فقط وفقاً لآخر إحصائية أجريت عام 2014 عن المجلس القومي للمرأة عقب استطلاع أجراه المجلس الدولي للسكان والجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء. بينما بلغت نسبة من رفضت الإجابة 7.1٪.
خلافات ورويات وأسرار كثيرة خلف جدران كل منزل حاولنا التدقيق في تفاصيلها والكشف عنها من أجل الوصول إلي حل يحافظ علي براءة كل فتاة ويحفظ لها كرامتها في رحلة شاقة وجولة استمعنا فيها لآراء نماذج مختلفة ينتمي بعضها لمحتمع مدني كمحافظات القاهرة والإسكندرية والبعض الآخر ذو خلفية ريفية كما هو الحال في العديد القري بمنطقة « العياط» بمحافظة الجيزة وبعض الغرب والنجوع بمحافظة الشرقية.
عاهات وتقاليد !
تكمن المشكلة الحقيقية في العقلية الريفية، حيث يري معظم أهالي القري والأماكن الأقل وعيا وثقافة أن ختان البنات عادة لا يمكن قطعها فهي بمثابة الفريضة .. في قرية « بمها» بمركز العياط بمحافظة الجيزة ذاع صيتها وسط أهل القرية بل وجميع القري المحيطة، بمجرد ذكرك لاسمها يلتفت إليك المارة ويبتسمون ابتسامة ماكرة وبداخلهم يقين عن سبب السؤال عنها، بل ويبدأ التنافس بينهم في وصف قدراتها الفائقة في مجال طب النساء والتوليد وختان الإناث أيضاً .. تلك المهارات التي اكتسبتها بالخبرة - حسب وصفهم – لدرجة أن الاهالي يشترطون علي الأطباء في المستشفيات الخاصة هناك أن يصطحبوا الداية «حندوقة» معهم داخل غرفة العمليات أثناء توليد أي سيدة من نساء القرية.. الأمر يفجر الدهشة ويبعث علي التساؤل: كيف يتزامن عصر العولمة والإنفتاح الحضاري والثورة التكنولوجية في ذاك القرن مع أناس مازالوا يعتقدون أن ختان الإناث «صنعة» الشرف والطهارة وسترة المرأة بالمجتمع .. يبلغ عمر الحاجة فاطمة أو كما يطلق عليها أهل المركز « الداية حندوقة»، 60 عاماً، تولد سيدات القرية وتختن بناتهن منذ 40 عاماً .. حتي أن أحد سكان القرية أكد لنا أن قلبه لم يطمئن علي زوجته إلا حين دخلت « حندوقة» غرفة العمليات مع الطبيب أثناء الولادة.
كانت تجلس القرفصاء مرتدية جلبابها الأسود، ويلتف حولها عدد من فتيات القرية اللاتي اعتدن الذهاب يومياً إلي حجرتها للاستمتاع برواياتها القديمة .. في بداية الحدث معها كشفت الحجاب عن وجهها ثم نظرت بشيء من الخوف في البداية وتقول : «انتوا أغراب مش من اهل القرية .. ؟ في ذات اللحظة وصل محمود فتحي، وهو أحد أهالي القرية كان بمثابة حلقة الوصل بيننا وبينها، ليطمئن قلبها بعد رؤيته وتقرر الحديث قائلة: «عملت بتختين البنات لمدة 40 سنة ، وكنت باخد أجر بسيط أول أجر كان تقريباً 4 أو 5 جنيهات وعمري ما اشترطت علي حد يدفع لي مبلغ معين وأحياناً كنت بختن البنت محبة في أهلها من غير فلوس كمان لأنها كانت بتبقي فرحة في البيت كله».
وتوضح « حندوقة» أنها كانت مقتنعة بالختان في بداية عملها بتلك المهنة وكانت تعتقد انه سُنة يحث عليها الدين من أجل الحفاظ علي شرف الفتاة وطهارتها وعفتها لذلك كانت تختن الإناث حينها لوجه الله خاصة بعد بلوغهن سن 11 عاماً وهن في مرحلة الإعدادية كي لا تحدث لهن مضاعفات أو أي انتكاسات صحية. وتؤكد أن هناك حالات لن تنساها وتقول : « أتذكر زمان قصدني رجل لأقوم بختان زوجته التي كان قد تزوجها منذ اسبوع واكتشف أن أهلها لم يقوموا بختانها وكان وجهه يسود وهو يتحدث لأن « الحكاية دي زمان كانت عار لومتعملتش للبنت».. وكنت أستخدم في الختان أدوات بسيطة جداً وكل القصة بتتلخص في إن أهل الفتاة يقومون بتكتيف ذراعيها غصب عنها وأستخدم فقط «المقص» لإجراء الختان.
وتابعت : «لكني اليوم ندمت علي ما فعلت لاني عرفت بعد العمر ده كله انه مالوش لزوم وان الدين مفرضش علينا ختان الاناث، وبيجيلي لحد انهاردة حالات ومش برضي وبنصحهم مايعملوش ختان لبناتهم لكن الجهل وحش .. بيسيبوني ويروحوا لدكاترة اليومين دول».
إجبار وتحد
تعيش إعتماد محمود في العياط، وتبلغ من العمر 56 عاماً، وتؤكد انها شخصياً تعرضت لعملية ختان عندما كانت في سن السادسة.
تروي: كنا أربع شقيقات، وجميعنا خضعنا للختان في يوم واحد، ثم وضع كل واحدة منا في ركن من أركان الحجرة، ثم أعطونا الطعام والشراب، وكان العرف المُتبع منذ ولادتي أن يتم ختان الفتاة قبل ان تبلغ عمر 6 سنوات علي يد « الداية» المتخصصة في هذا واتذكر ان زوجة أخي الكبير عقب زفافها أصرت علي ختاني يوم صباحيتها . وتؤكد أنها تزوجت حين بلغت 15 عاماً وبعدها أنجبت طفلة لكنها أصرت علي عدم ختانها وتحدت القرية كلها لأنها أدركت أن هذه العادة غير سليمة ولا علاقة لها بالدين لكنها فوجئت ذات يوم وهي خارج منزلها أن الجيران في العزبة قاموا بختان ابنتها دون علمها!». وتستكمل حديثها : «ابنتي بعدما كبرت وتزوجت انجبت هي أيضاً بنتا ولكني نصحتها بألا تعرض حفيدتي للختان وبالفعل هذا ماحدث وهي الآن طالبة بالكلية وتزوجت دون ان تُختن».
كانت سعاد محمد «50 عاماً» تجلس علي إحدي المصاطب، ولكن الحديث جذبها ودفعها للاعتراض والتحدث بنوع من الحدة قائلة : « إيه المفاهيم الجديدة دي .. ختان البنت عفة وطهارة واتربينا عليه .. والبنت التي لا تخُتن تبقي عيبة في اهلها وأهل دارها». وتتابع : « أنا لدي بنت وحيدة وخمسة أولاد وصممت ان أقوم بختانها لأني تربيت علي أن البنت التي لا تُختن تأتي لاهلها بالمصائب والبلاء في الكبر ولكن هذه الأيام الدنيا تطورت وأصبحنا نذهب بهم إلي طبيب غالباً، كي نجتنب أي مشاكل صحية كما نسمع من التليفزيون».
أهلي قاموا بختاني وانا في الصف الأول الإبتدائي، عمري لم يتعد 6 سنوات».. هكذا بدأت سمية سعيد «16 عاما» في سرد قصتها وتقول : «أتذكر أيضاً تفاصيل هذا اليوم، استيقظت مبكراً كعادتي من أجل الذهاب إلي المدرسة، ولكني فوجئت بأن والدتي تمنعني من الذهاب وأخواتي الكبار يضحكون ويمرحون ويقولون لي : «انتي النهاردة وبكرة أجازة»، وبعد العصر اصطحبتني أمي وخالتي إلي طبيب هنا في عيادة خاصة وقام بختاني وكنت حينها مرعوبة لكنهم كانوا فرحانين وبعدها تعلمت ان هذا شيء جيد وانني سوف أقوم بنفس العمل لبناتي في الكبر».
قلة وعي
يبدو الأمر أكثر سوءا في محافظة الشرقية بعد استطلاعنا لآراء العديد من سكان العزب والنجوع .. ففي عزبة «القمرونة» سيطرت علي ملامح الأهالي نكهة الاستسلام للأمر الواقع، حيث تؤكد سيدة عبد الغفار، انها تعتزم الذهاب لإجراء ختان لطفلتها علي يد طبيب عندما تصل ابنتها لسن المراهقة، وأضافت: «في الماضي كان هناك جهل وكان الناس يأتون بمن يزاولون مهنة الحلاقة لمنازلهم لإجراء ختان لبناتهن، لكننا الآن أكثر حداثة وأصبحنا نذهب إلي طبيب». وتابعت: «تتراوح أسعار عملية الختان في العيادات الخاصة بين 100و300 جنيه وعيبة كبيرة لو حد عرف إن في بنت في هذا المنزل مازالت لم تُختن، والأطباء هنا يرحبون بالفكرة ويقومون بها دون مشكلة، ومهما خرجت قوانين ستظل عاداتنا هي الأبقي.
بينما تروي زينب عصام، 53 عاماً، مأساة جديدة بعد أن أصرت علي تحدي العادات وصارعت التقاليد بالقرية وقررت عدم خضوع ابنتها الوحيدة للختان إلي أن بلغت عمرها 18 عاماً وتمت خطبتها وكتب كتابها وتواصل : « وصل خبر لاهل العريس قبل الزفاف بيوم، وحينها جاءت مجموعة من نساء عائلة العريس وأخذوا ابنتي في ليلة « الحنة» من وسط فرحتها ل « تمرجي الصحة» وصمموا انهم يختنوها، وهددوني في حالة عدم موافقتي لن يتم الزفاف بل إنها سوف تكون فضيحة للأسرة كلها وحاولوا إقناع ابنتي بأن الختان شرف وعفة».
الختان ممنوع
في المقابل اختلفت وجهة نظر أهالي المدن ، سواء في القاهرة أو الإسكندرية، حيث أكد معظم الأهالي أن فكرة الختان ممنوعة في مجتمعهم، انها كانت عادة قديمة انتهت منذ القدم، وتقول سارة منعم، مهندسة، 40 عاماً : « أعتقد أن قضية ختان الإناث أوشكت علي الانتهاء، فأنا وعائلتي بالكامل تربينا علي رفض هذه الفكرة، لذلك حين تزوجت وانجبت ثلاث بنات لم يخطر ببالي مرة واحدة أن أجري عملية ختان لاحداهن، لأن هذا يُعد نوعا من انتهاك كرامة البنت قبل انتهاك جسدها أيضاً».
« الكلام ده كان زمان ايام جدتي « .. هكذا عبرت غادة عادل، موظفة بهيئة قضايا الدولة عن رفضها لختان الإناث وتابعت : « إنه شيء يضر بالفتيات فلا داعي له، واعتقد ان الجميع اصبحوا يعلمون ان ما كان يقوم به أجدادنا ما هو إلا عادات ولا صلة له بالدين، كما أن القانون يجرم من يفعل هذه الجريمة لأنها انتهاك لبراءة اي فتاة».
تحذير طبي:
ويؤكد الدكتور حاتم عبد الله، استشاري أمراض النساء والتوليد أن عملية الختان تؤثر بالسلب علي الأنثي خاصة بعد الزواج، وقد تفقدها شيئاً من ثقتها بذاتها لأنها غالباً ما تُصاب بمرض البرود الجنسي وقد يؤدي سوء العلاقة بين الزوجين إلي الطلاق، مشيراً إلي أن الختان قد يعرض المرأة للاكتئاب، ويزيد من احتمالية تعرضها للتوتر والقلق، كما يثير عددا من الاضطرابات النفسية عند المرأة خاصة في الفترات الأولي للزواج . ويوضح أنه لا توجد اي دوافع طبية ولا دينية تدعم ختان الإناث، علي عكس ختان الذكور الذي أكد عليه الدين وأثبتت الأبحاث العلمية حديثاً أن الذكور الذين لم يتم ختانهم يصابون بفيرس معدي «HPV» وهي مجموعة متنوعة من الفيروسات التي تلحق ب «DNA»، وتعدي الجلد والأغشية المخاطية للإنسان .
وتشير الدكتورة مايا مرسي، رئيس المجلس القومي للمرأة إلي أن أزمة «ختان الإناث» زادت في الفترة التي تلت ثورة 25 يناير، بنسب كبيرة جدًا، نظرًا لعدم تطبيق القانون في هذه الفترة، ما أدي لانتكاسة في مواجهة هذه الظاهرة التي اعتبرتها انتهاكًا لحقوق الأطفال من الإناث. وأوضحت أن الظاهرة تتفشي في المجتمع المصري بقوة، وخاصة في المناطق الريفية، وفقًا للعادات والتقاليد هناك، مشددة علي أن المجلس القومي للمرأة يضع علي عاتقه مسئولية الدفاع عن الإناث ضد هذه الظاهرة، والعمل علي نشر وسائل توعوية مختلفة، للتعريف بأخطار ومشاكل وأضرار «الختان».
الدين بريء
من جهته أكد الشيخ عبد العزيز النجار، عضو المجمع الإسلامي، أن ختان المرأة هو عادة جاهلية وجاء الإسلام لكي يهذب هذه العادة ويقاومها ولم يأمر بها. وأكد « النجار» ان ختان الإناث ما هو إلا عادة جاهلية وفرعونية وأشار إليها الكثير من علماء الآثار بعد ان وجدوها مدونة في رسومات علي جدران المعابد وليس لها اي صلة بالدين، لأن القدماء كانوا يعتمدون أن الفتاة إن ظلت دون ختان من السهل ان تقع في الرذيلة ولكن الحقيقة انه علينا زرع القيم والمباديء وتهذيب السلوكيات داخل نفوس بناتنا وليس بختانهن .
وتدين الدكتورة رضوي سعيد، استشاري الطب النفسي، كل من يساهم في جريمة ختان لأي فتاه لأنه يترك بها تشويها جسديا ونفسيا، مشيرة إلي ان قضية ختان الإناث ما هي إلا تمثيل لصراع المجتمع ضد المرأة بشكل عام لكونه مازال ينظر للانثي علي انها المسئولة عن الانحرافات ويضع دائماً في ذهنه صورة ان حواء هي سبب خروج ادم من الجنة، أي أن المجتمع يرمز للخطيئة بحواء، لدرجة أنه في العصور الوسطي كان يشترط علي المرأة ان ترتدي « حزام العفة» وهو حزام حديدي تنام به ويغطي منطقة الحوض منعاً لاختراق جسدها . واستطردت قائلة : «دائما نجد أن المجتمعات التي يحد ث بها الفصل بين السيدات والرجال يكثر بها ختان الإناث.. يكثر بها في نفس الوقت الانتهاكات الجنسية، وما يؤلمني في حادث وفاة الفتاة ميار وهي آخر ضحايا الختان وقع داخل مستشفي خاص بين أطباء من المفترض أنهم يمتلكون قدرا كافيا من التعليم وهذا يعني أن كل أضلع الجريمة متفقتون ومدركون أي اننا في مأساة اجتماعية والكل يتساوي ويتوحد ضد المرأة وأن الثقافة السائدة بالمجتمع هي ثقافة هتك عرض المرأة سواء بالختان أو بالتحرش.
وواصلت: عملية الختان ما هي إلا هتك عرض وهنا يحدث صدمة خاصةً لو كانت الفتاة كبيرة ولديها وعي بما يحدث، أما لو صغيرة بالسن وغير مدركة تكون هنا المصيبة أكبر بكثير، لأنها تتبني بعد ذلك القضية وتفعل هذا ببنتها في المستقبل لأن في الريف يقوم الاهالي بعمل مراسم للختان واحتفال وكأنه عُرس للفتاة، كي تسير الفتاة علي نفس النهج فيما بعد».
قانون غير مفعل
توجد أكثر من مادة في القانون المصري تجرم العنف ضد المرأة بشكل عام، وختان الإناث بشكل خاص وظاهر. ويوضح محمود عبد السلام، خبير قانوني « أن المادة 240 من قانون العقوبات، تؤكد أن الختان جريمة جنائية تعاقب بالسجن من 3 سنوات إلي 5 سنوات، إذا نشأ عن الجرح قطع أو انفصال عضو أو فقد منفعته أو نشأ عنه عاهة مستديمة، فإذا كان هذا الجرح صادراً عن سبق إصرار أو ترصد تكون عقوبته عقوبة الجناية بالسجن المشدد من 3 سنوات إلي 10 سنين، وتكون العقوبة السجن المؤبد إذا نشأ عن الفعل وفاة المجني عليها».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.