لا أحد فوق القانون ولا أحد كبير علي الوقوف امام القضاء للمحاسبة علي أي جريمة أو خطأ ارتكبه في حق وطنه أو في حق أي مواطن. العدل وحده هو الذي يجب ان يسود في كل أوجه الحياة.. في هذا الاطار فإن كل انسان برئ حتي تثبت ادانته بالوثائق والمستندات والبراهين وليس بالشبهات والبلاغات الكيدية والتشكيك التي قد يكون هدفها تصفية الحسابات او النزعات الانتقامية. انطلاقا من هذه الحقيقة فانه من الطبيعي ان يشعر الشرفاء في هذا البلد والذين يهمهم إحقاق الحق وان لا يكون هناك مجال لباطل.. بموجة المغالاة في تقديم البلاغات الي النيابة العامة عمّال علي بطّال ودون مراعاة الله والضمير والامانة في توزيع الاتهامات يمينا وشمالا ودون ان تطمئن قلوبهم الي سلامتها والتأكد منها.. في نفس الوقت واذا كان اصحاب البلاغات والاتهامات علي غير ثقة من صحة هذه الاتهامات فإن عليهم ان يدركوا انهم بذلك يساهمون في تضييع وقت المحققين الذين كان يمكن ان يستغلوها في تحقيق اتهام آخر تدعمه القرائن والدلائل الدامغة. إن التسرع في تقديم هذه البلاغات وهذه الاتهامات غير المؤكدة وغير الموثقة يترتب عليه شغل وقت هؤلاء المحققين الذين اصبح وقتهم ملكا مهما للصالح العام في هذه المرحلة الفارقة من التاريخ المصري. من السهل علي أي شخص ان يمسك بورقة وقلم ليسطر بهما بلاغا الي النائب العام متهما شخصا آخر دون سند يؤيده.. ليس معني هذا انه ليس من حق أحد ان يقدم علي مثل هذه الخطوة.. ولكن ما هو مطلوب ان يتجرد هذا الأحد من مشاعره الدنيوية ويتذكر ان الله شاهد علي كل ما يكتب .. عليه ان يؤمن بأن المولي سوف يجازيه خيرا اذا كان بلاغه صحيحا يعيد الحق الي نصابه. عليه في نفس الوقت ان يزداد ايمانه بأن المولي جل جلاله لن يغفر له ولن يسامحه اذا كانت نيته غير صافية في هذا الاجراء وانه كان يعلم مسبقا ان اتهاماته لا تتسم بالمصداقية والامانة الواجبة. وسط هذا الكم الهائل من البلاغات والاتهامات سواء كانت بحق او بعد اجراء التحقيقات بغير حق فإن ما يشغل بال الجموع المتابعة باهتمام هو .. ماذا يمكن ان يحدث اذا ما اثبتت التحقيقات القضائية عدم الصحة او ارتكاب تجاوز في توجيه هذه الاتهامات الي البعض ممن استهدفتهم؟ . هل من يحصلون علي البراءة بعد ما تم من اهدار لكرامتهم وشرفهم أو ما اصابهم من ضغوط نفسية وجسدية .. يمكن ان يعيد إليهم ما خسروه؟؟ من المؤكد ان الخسارة في هذه الحالة لايمكن استعادتها ؟؟ وعلي أساس أن ما يتعرض للكسر لا يمكن ان يعود الي حالته الاولي بعد الاصلاح. هنا يثور التساؤل: كيف يمكن للعدالة الدنيوية التي يتم الاعتماد عليها لتحقيق التوازن والامن والاستقرار في المجتمع استيفاء حق من تم ممارسة الظلم البَّين ضده عن عمد ولأسباب بعيدة كل البعد عن متطلبات الحق والعدالة. قد يري البعض ان محاسبة هذا الظالم متروكة لله عز وجل.. بينما يري البعض الآخر أنه لابد ان يكون هناك حساب وفقا لما تقضي به القوانين التي تجرم كيدية وانتقامية الاتهام. لا جدال ان اتخاذ الاجراء العادل هو من حق البرئ الذي يتعرض للظلم والاتهام دون أي دليل او اثبات. ان ضبط وانضباط هذا الواقع يعني سد الطريق امام الفوضي التي تقود الي عدم الامان وعدم الاستقرار وتؤدي إلي تفشي القلق وممارسات الارهاب وتدعم الشعور بالتوجس تجاه المستقبل.. من المؤكد ان التوصل الي صيغة تنتصر لوطن ونظام يقومان علي العدالة والقانون .. هو ما يجب ان تتبناه مسيرة التغيير والاصلاح باعتبارها اساس الترجمة الدقيقة والسليمة للمباديء الاصيلة لثورة 25 يناير التي تجاوب معها ابناء هذا الشعب .