بقدر الخير الموجود في الوادي الجديد كبري محافظات مصر، يواجه سكانها لدغات الثعابين وخاصة «الطريشة» التي تعد الأكثر انتشارا فيها، ورغم ما هو معروف بأن الوادي الجديد اكبر معقل للأفاعي، إلا أن الواقع الأليم يؤكد أنها بلا مركز لعلاج السموم، ولايوجد أمام «الملدوغ» سوي الذهاب إلي أقرب مركز في جامعة اسيوط لتلقي العلاج وذلك ان كان في عمره بقية! ولاتنقطع اتصالات المزارعين هذه الأيام بصائد الثعابين عم سعيد أو صاحب لقب «أبوقلب طيب»، حيث بدأ هجوم الثعابين مع بدء فصل الصيف وخروجها من بياتها الشتوي الذي يستمر ما يقرب من 6 شهور تقضيها في جحورها، ويوضح لنا «أبوقلب طيب» أن أهالي الوادي الجديد يعرفون ذلك الخطر جيدا، ويتخذون جميع الاحتياطات التي تحميهم من شر لدغات الأفاعي التي تتركز في الساق والقدمين، ويرتدي جميع المزارعين هذه الأيام الحذاء ذا الرقبة الطويلة المعروف باسم «الكترلك» لتأمين أنفسهم من أي لدغة غدر! انتقل معنا عم سعيد من حي المروة بمدينة الخارجة حيث يسكن إلي خارج الزراعات ليرينا كيف يعرف جحور الأفاعي ويصطادها، ويقول لنا إن هذه المهنة بالنسبة له هواية يمارسها منذ صغره، وتوارثها عن والده الحاج علي حمزة الذي كان يصطاد الثعابين ويقتلها امامه دون أن تهاجمه، ويحرص علي أن يؤكد لنا أنه لايتقاضي أجرا عن عمله، فهو مجرد وسيلة لنجدة الملهوفين، ويستخدم النعمة التي انعم الله عليه بها من أجل انقاذ ارواح الملدوغين، وكان ذلك سببا في حب الناس له. ويشير عم سعيد إلي أن الطريشة هي الاكثر انتشارا ولدغاتها تؤدي إلي الوفاة إذا لم يتم سرعة التعامل مع الملدوغ بنقله إلي اقرب مستشفي لحقنه بالمصل الخاص بالافاعي اولا ثم وضعه تحت الملاحظة باحدي مراكز السموم لان لدغات الطريشة قاتلة وتأثيرها علي الجسم يبدأ بعد ساعة واحدة من لدغة الافعي ويمكن تجنب كل ذلك اذا ماقدمت الاسعافات الاولية للمصاب في حينه ومن اهمها عدم تحرك المصاب نهائيا والحفاظ علي هدوئه تماما لأن التوتر الذي يصاب به الفرد المصاب والحركة الزائدة تؤدي إلي سرعة سريان السم في الدم. وحول مظاهر لدغات الطريشة يقول سعيد إن طفلة كان عمرها 4 سنوات كانت تلعب في الحقل مع والدها امسكت بثعبان. فلدغها في اصبعها الكبير وعندما صرخت اسرع لها والدها ورأي الثعبان وهو يزحف بعيدا عنها. وهنا جن جنون الاب بعد ان اسرع بها إلي مستشفي الخارجة العام فاعطوها المصل وتركوها تحت مايسمي بالملاحظة. أما الادوات التي يستخدمها عم سعيد في صيد الافاعي فهي أولا بصره حيث يتعين عليه أن يحدد اين تختبيء الأفعي، كما قام بتصنيع «ماسك» للثعابين يساهم الان بنسبة كبيرة في تفادي لدغات الثعابين وهو مصنوع بيد من الحديد الصلب مزود في نهايته بمقبض حديدي للتحكم والضغط بها علي منطقة الرأس تمهيدا للقبض عليها. ويوضح أن الثعابين التي يصطادها يقوم بسلخها وتجميع دهونها ثم اضافة زيت الزيتون الصافي إلي تلك الدهون. ليتم غليهما بعد ذلك علي النار وينتج عن ذلك بها علاجا ناجحا لتخفيف الام العظام وزيادة نمو الشعر لدي السيدات وشفاء آلام الأسنان، ويطالب عم سعيد وزير الصحة بضرورة انشاء مركز لعلاج السموم في اكبر محافظات مصر التي تنتشر بها اخطر انواع الثعابين مشيرا إلي ان هناك الكثيرين من ابناء الوادي الجديد يفقدون ارواحهم لعدم وجود مركز متخصص لنجدة المصابين بلدغات الافاعي بالوادي الجديد. خالد عز الدين