العنوان بالبنط العريض يقول إن المستوردين يعلنون الحرب علي تقييد حركة الاستيراد!! ليس في الأمر جديد. وقد قلنا مراراً وتكراراً إن أي خطوة علي الطريق الصحيح لحماية الاقتصاد المصري ستواجه بحرب شرسة من الذين تعودوا علي «المكسب السهل والحرام» حتي لو أدي إلي تدمير الصناعة الوطنية (كما حدث في النسيج وغيرها) وحتي لو استنزف ما تملكه مصر من عملات أجنبية في شراء زبالة البضائع الأجنبية أو توفير طعام كلاب البهوات في وقت لا يجد نصف الشعب المصري قوت يومه!! كل ما فعله البنك المركزي والحكومة هو محاولة تقييد استيراد السلع غير الأساسية، وإلزام المستوردين بسداد قيمة الائتمان المطلوب كاملا حتي يحصلوا علي النقد الاجنبي اللازم بعد أن كانوا لا يسددون إلا 50٪ مع بقاء الحال علي ماهو عليه بالنسبة لكل السلع الاستراتيجية ومستلزمات الانتاج. القرار أسعد رجال الصناعة، وأيده الشرفاء والجادون من المستوردين في الغرف التجارية، لكنه أثار غضب من عاشوا علي ضرب الصناعة المصرية، وتبديد احتياطي مصر من النقد الاجنبي في استيراد السلع الترفيهية أو التي يمكن لمصانعنا ان تنتجها بأفضل صورة، لو توقف هؤلاء عن التدليس والغش في الفواتير وإغراق السوق المحلية بالمنتجات الاجنبية المدعومة.. حتي لو دفعنا الثمن غاليا من مصانع تغلق وعمال لا يجدون فرصة للعيش الكريم إلا إذا تحولوا إلي باعة جائلين يملأون الميادين وتطاردهم الشرطة.. بدلا من أن يكونوا عمالا في مصانع وطنية تنتج وتضيف للاقتصاد الوطني بدلا من أن تدمره!! وربما كان الأقسي علي «سماسرة الاستيراد الفاسد» هو ما تقرر من أن يكون الاستيراد من مصانع معروفة ومسجلة لدينا بدلا من استيراد منتجات «بير السلم» في بعض البلاد التي تعطي هؤلاء السماسرة الفواتير المضروبة لكي تزداد الأرباح ولا تسدد الجمارك الحقيقية، ولكي تطرح هذه السلع بأقل الاسعار التي تضرب المنتجات المحلية. كل التأييد لقرارات البنك المركزي ووزير التجارة والصناعة ولعلهما يواصلان السير علي طريق الاصلاح رغم الحملات الضارية التي يشنها سماسرة الاستيراد ورغم العقبات الكثيرة الموجودة في طريق العودة المطلوبة لانحياز حاسم من جانب الدولة للصناعة الوطنية. أضحكني احد سماسرة الاستيراد وهو يهاجم قرارات الترشيد فيقول: ليس معني ان هناك لصا في الاوتوبيس أن يتم إحراق كل من فيه.. وبغض النظر عن أنه لا مجال للحديث عن حرائق ومحترقين في هذا المجال، فإن المشكلة التي يعرفها سماسرة الاستيراد هي الصعوبة التي نواجهها في العثور علي شريف واحد أو اثنين في أوتوبيس يحتله اللصوص والسماسرة ومافيا التهريب الذين كادوا يقتلون الصناعة الوطنية، ثم يملأون الدنيا صراخا الآن لأننا نمنعهم من إكمال جريمتهم!!