لسنوات مضت كانت السواقي «معلما» أساسيا من معالم أي قرية مصرية، لكن أعدادها تراجعت بشكل كبير بعد ظهور ماكينات الري الحديثة.. غير أن محافظة الفيوم تظل الأكثر شهرة في هذا المجال، فسوايقها تجاوزت حدود وظيفتها لتصبح مزارات سياحية، خاصة أنها تفردت بنوع لا يتكرر كثيرا وهو «سواقي الهدير» وقد كان فلاح هذه المنطقة سباقا في الابتكار، نظرا لطبيعتها الجغرافية التي تتطلب رفع المياه من المنسوب المنخفض الي الأعلي.. لهذا تعددت وسائل الري بها حتي أصبحت تمتلك أكبر ساقية علي مستوي مصر في قرية العدوة. يقول محمود مصطفي مدير عام هيئة تنشيط السياحة الأسبق بالمحافظة أن سواقي الهدير عمرها يزيد علي الالفي عام وابتكرت في العصر البطلمي بعد أن اتجه المصري القديم الي الزراعة في الفيوم، واضاف ان للمحافظة عند ارتفاع 27 مترا فوق سطح البحر وتنتهي بارتفاع 44 مترا تحت سطح البحر شمال الفيوم عند شواطيء بحيرة قارون، وأضاف ان الفلاح قديما كان يحتاج الي ري أراضيه برفع المياه من منسوب أدني الي منسوب أعلي وكان عليه أن يفكر في وسيلة تكفل له ذلك فتم السواقي. ويضيف «مصطفي» أن الفيوم كانت تضم قديما عددا يقدر بالآلاف من السواقي لكنها انقرضت حتي وصل عددها الي نحو مائتي ساقية تحاول المحافظة الحفاظ عليها من الانقراض لتظل مزارات سياحية وواجهة حضارية لافتا الي ان تكلفة الساقية الواحدة تتخطي 15 ألف جنيه نظرا لأن صناعة السواقي تحتكرها أسرة واحدة فقط وأيضا لارتفاع الخامات. ويشير جرجس ناروس أحد صانعي السواقي بالفيوم، الي أنه يصنع السواقي من أخشاب الشجر، ويقول ورثت الحرفة عن أجدادي حيث انني أعمل نجارا بلديا وصناعة الساقية الواحدة تستغرق 15 يوما لانها تحتاج الي مجهود شاق واتقان. وأضاف ان محافظ الفيوم السابق قرر إنشاء مدرسة لتعليم صناعة السواقي لمن يرغب من النجارين وشباب وطلاب المدارس الثانوية الصناعية إلا أن هذا القرار لم يدخل حيز التنفيذ. وأضاف أن صناعة السواقي من المهن المهمة لأنها في رفع المياه لري الآلاف من الأراضي الزراعية خاصة في أحياء دار الرماد والهدير وعزبة نامو ومنشأة عبدالله. وقال لا أغالي في سعر الساقية حيث أراعي الفلاحين يسددون ثمنها من جيوبهم بالرغم من مديرية ري الفيوم هي المسئولة عن تصنيعها وصيانتها بالتنسيق مع إدارة السياحة بالمحافظة لأن الساقية الواحدة تتكلف 15ألف جنيه. الفيوم - محمود عمر