تأخذ الفيوم شهرتها من سواقى الهدير التى ليس لها مثيل فى كل بلدان العالم حتى ان مطربينا فى القرن الماضى شدوا على انغام موسيقانا العربية للسبع سواقي، وسواقى الهدير ليست مزارا سياحيا فحسب انما هى قصة كفاح. يقول عم روبى الذى يبلغ من العمر 67 عاما قضاها فى صناعه السواقي: إنه يضحك كلما سمع اسم الساقية يطلق على منتجهم فهى كما يقول اسمها الحقيقى كما سماها البطالمة «التابوت» اما الساقية فهى تلك التى تدار بالدواب اما «التابوت» فيدار بقوة دفع المياه وأكد الحاج روبى ان «التابوت» لايوجد الا فى الفيوم ويصنع من الخشب الابيض العزيزى وعروق الخشب وبعض اجزاء شجر الجزوارين ولها عدة اجزاء يتم تجميعها مع بعضها لتخرج لنا الشكل الذى نراه فى وسط مدينة الفيوم وتشتهر به وأجزاء التابوت كما يحلو له ان يسميه عبارة عن دائرة كبيرة يختلف قطرها حسب قوة دفع المياه فى المكان الذى توجد به وحسب مساحة الارض التى ترويها ويسمى هذا الجزء بالدوارة ويتم تغليفه من الجانبين بالخشب الأبيض ويطلق على هذا الغلاف اسم الغطاء وتترك به فتحات ليخرج منها الماء اسمها العيون وتثبت على الدوارة قطع من الخشب على شكل ارفف قوية تسمي البوش تستقبل قوة دفع المياه لتدفع التابوت فيدور ليحمل الماء من أسفل إلى أعلى حاملا مياه بحر يوسف لتسقى الأرض. وأشار إلى ان ابنه وابن اخيه رغم انهما حصلا على شهاداتهما الدراسية ويعملان فى وظيفتين حكوميتين الا انهما لم يتركا صناعة آبائهم واجدادهم وسوف يورثون المهنة الى أبنائهم حتى تظل المهنة فى العائلة ولا تنقرض وينقرض معها التابوت الذى يروى أراضى الفيوم من آلاف السنين . اما عن اسباب تصنيع هذه الساقية فيقول الخبير السياحى محمود مصطفى مدير عام هيئة تنشيط السياحة السابق ان سواقى الهدير عمرها فى الفيوم يزيد على الألفى عام وبالتحديد ابتكرت فى العصر البطلمى بعد ان اتجه المصرى القديم الى الزراعة فى الفيوم ولأن الفيوم ذات طبيعة خاصة فهى عبارة عن منحدرات تبدأ فى الجنوب على ارتفاع 26 مترا فوق سطح البحر فى مدخل المحافظة من الجنوب عند قرية اللاهون وتنتهى بارتفاع 44 مترا تحت سطح البحر شمال المحافظة عند شواطئ بحيرة قارون ولحاجة الفلاح القديم إلى رى أراضيه من منسوب ادنى الى منسوب أعلى كان عليه ان يفكر فى وسيلة لرفع الماء الى الارض الزراعية ولان المحافظة منحدرة فقد صنعت المياه شلالات مختلفة الارتفاع فى اجزاء كثيرة من بحر يوسف المصدر الرئيسى للمياه فى المحافظة فاستغل البطالمة هذه الشلالات فى دفع سواقى الهدير التى صنعت بأقطار مختلفة حسب ارتفاع الأرض لتجلب هذه السواقى المياه من أسفل إلى أعلى بفعل قوة دفع المياه ذاتها وسواقى الفيوم على حد قوله لايوجد لها مثيل على مستوى العالم.