قال الشعراء " الدنيا غرورة و كدابة زى السواقى القلابه " وكان يقصد ببيت الشعر ان الدنيا كالسواقى تأتى بالأشياء من أسفل الى أعلى و العكس . هذه السواقى التى اقامها بطليموس الثانى قبل 2500 سنه ما زالت شاهدة على هذا العصر و تتوسط مدينة الفيوم حتى انها سميت ببلد السواقى . العالم البريطانى جاء الى الفيوم و انشئ بها 3 الآف ساقية منها من كان يعمل بدفع المياه مثلما هو حادث الآن بميدان قارون حيث تقبع 4 سواقى و ثلاث خلف فيلا المحافظ واربع بطريق الممشى السياحى و ثلاث عند مدخل مدينة ابشواى و أندثر الباقون بسبب نظم رفع المياه الحديثه و بالتالى ولى زمن البقرة و الحمار اللذان كانا يجران السواقى وسط الحقول لرفع المياه من البحار المنخفضة الى الآراضى المرتفعه . روبي رمضان ونجله محمد وابن شقيقه رمضان محمود ثلاثي ليس لهم رابع علي مستوي العالم هم وحدهم الذين يجيدون فن صناعة سواقي الهدير علي مستوي مصر وبالتالي علي مستوي العالم لكون هذة السواقى ليس لها مثيل على مستوى العالم . عم روبي الذي يبلغ من العمر 67 عاما قضاها في صناعه السواقي يضحك كلما سمع اسم الساقيه يطلق علي منتجهم فهي كما يقول اسمها الحقيقي كما سماها البطالمه ( التابوت ) اما الساقيه فهي تلك التي تدار بالدواب اما. ( التابوت ) فيدار بقوه دفع المياه ويؤكد ان ( التابوت ) لايوجد الا في الفيوم ويصنع من الخشب الابيض العزيزي وعروق الخشب وبعض اجزاء شجر الجزوارين ولها عده اجزاء يتم تجميعها مع بعضها لتخرج بالشكل الذى نراه حاليا وسط مدينه الفيوم . اجزاء التابوت كما يحلو له ان يسميه عباره عن دائره كبيره يختلف قطرها حسب قوه دفع المياه في المكان الذي توجد به وحسب مساحه الارض التي ترويها ويسمي هذا الجزء بالدواره ويتم تغليفه من الجانبين بالخشب الابيض ويطلق علي هذا الغلاف اسم الغطاء ويترك به فتحات ليخرج منها الماء اسمها العيون ويثبت علي الدواره قطع من الخشب علي شكل ارفف قويه تسمي البوش تستقبل قوه دفع المياه لتدفع التابوت فيدور ليحمل الماء من اسفل الي اعلي حاملا مياه بحر يوسف لتسقي الارض وتخرج كل انواع المزروعات التي يحيا عليها الفلاح واخيرا يثبت التابوت علي عرق خشبي كبير وسميك يسمي السهم . ويشير عم روبي ان عائله رمضان التي ينتمي اليها هي الوحيده التي تعمل في هذه الصناعه منذ مئات السنين و نتوارثها من جيل الى آخر . رغم حصول أبنه و ابن أخية على شهادات دراسيه ويعملون في وظائف حكوميه الا انهم لم يتركوا صناعه ابائهم واجدادهم وسوف يورثون المهنه الي ابنائهم حتي تظل قائمة ولا تنقرض وينقرض معها التابوت الذي يروي اراضي الفيوم من الاف السنين . ويؤكد عم روبي انه لم يهوي مهنه اخري سوي هذه المهنه التي يندر العمل فيها بصفه مستمره فكل فتره يقوم بصيانه تابوت او تصنيع اخر جديد بتكليف من هيئه تنشيط السياحه بالفيوم وهى التى تقوم بشراء الخامات و هم عليهم فقط التصنيع فى شهر يناير و هو موعد السدة الشتوية . ويكون الآجر مرتفع الى حد ما حيث تستهلك صناعة و صيانة السواقى و قتا طويلا خاصة انه يتم استخدام النجارة الفرعونية التى دخلت مصر منذ الآف السنين . وعن اسباب تصنيع السواقى فيقول الخبير السياحي محمود مصطفي مدير عام هيئه تنشيط السياحه السابق ,ان سواقي الهدير عمرها في الفيوم يربو علي الالفي عام وبالتحديد ابتكرت في العصر البطلمي بعد ان اتجه المصري القديم الي الزراعه في الفيوم ولان المحافظة ذات طبيعه خاصه فهي عباره عن منحدرات تبدأ في الجنوب عن ارتفاع 26 مترا فوق سطح البحر في مدخل المحافظه من الجنوب عند قريه اللاهون وتنتهي بارتفاع 44 مترا تحت سطع البحر شمال المحافظه عند شواطئ بحيره قارون ولحاجه الفلاح القديم الي ري اراضيه من منسوب ادني الي منسوب اعلي كان عليه ان يفكر في وسيله لرفع الماء الي الارض الزراعيه ولان المحافظه منحدره فقد صنعت المياه شلالات مختلفه الارتفاع في اجزاء كثيره من بحر يوسف المصدر الرئيسي للمياه في المحافظه فاستغل البطالمه هذه الشلالات في دفع سواقي الهدير التي صنعت باقطار مختلفه حسب ارتفاع الارض لتجلب هذه السواقي المياه من اسفل الي اعلي بفعل قوه دفع المياه ذاتها وسواقي الفيوم علي حد قوله لايوجد لها مثيل علي مستوي العالم الا عدد قليل جدا بسوريا ويطلق عليها ( الناعوره ) ولكنها تختلف عن سواقي الفيوم في الشكل وطريقه التصنيع والخامات المستخدمه لان ( ناعوره ) سوريا يستخدم فيها الصاج والحديد اما سواقي الفيوم فكلها من خامات البيئه المحيطه . ويؤكد مصطفي ان الفيوم كان بها عدد من السواقي يقدر ب 3 الاف انقرض هذا العدد حتي وصل الي العشرات لاتصل الي مائتى ساقيه تحاول المحافظه الحفاظ عليها من الانقراض لتظل مزارات سياحيه فقط بعد ان تم الاستغناء عن خدماتها اما لتحول الارض الزراعيه الي مباني وكتل خرسانيه كما هو الحال لسواقي وسط مدينه الفيوم التي كانت تروي الاراضي الزراعيه في مدخل المدينه علي طريق مصر الفيوم وتحولت الي مباني او لان الفلاح الان اصبح يستخدم مواتير رفع المياه التي تمل بالسولار . ويقول محمود مصطفي ان الساقيه الان اصبحت تكلف المال العام 15 الف جنيه للساقيه الواحده لاحتكار هذه الصناعه في ايدي اسره واحده من جانب ولارتفاع اسعار الخامات من جانب اخر