لن نتوقف عن الاستمرار في كتابة الروشتة للمريض، فلا بديل إلا الموت أو الشفاء، وخيار استمرار المرض والتمارض من أسوأ الاختيارات في السياسة. فنحن لا نملك إلا النصيحة علَّ وعسي أن تجد لها منفذا لزحزحة العقول المتحجرة من زمن مبارك العفن، عن الاستمرار في الخطيئة السياسية التي مارسوها ليوصلوننا إلي البرلمان العرفي «لا الشرعي» علي أية حال.. فإنني أقترح عدة خطوات نراها ضرورية لسلامة انعقاد البرلمان هي: أولا: ضرورة انعقاد البرلمان قبل يوم 31 ديسمبر 2015م، أي لدي الرئيس مساحة زمنية يدعو فيها البرلمان للانعقاد في الفترة من الاثنين 28 ديسمبر الخميس 31 ديسمبر 2015 وأفضل الأربعاء 30 ديسمبر 2015م والخميس لقاء الرئيس مع البرلمان أو أي يوم آخر في الأسبوع التالي. والسبب في ضرورة الانعقاد قبل نهاية ديسمبر هو ما سبق أن أشرت له في مقالات عديدة بخصوص المادة 115 من الدستور، والتي لم تلفت نظر أحد قبلي، فضلا عن هجوم البعض دون وعي أو فهم لنص المادة، حيث تنص علي أن مدة البرلمان تسعة أشهر علي الأقل، ومن ثم لكي تكون دور الانعقاد الأولي تسعة أشهر كاملة علي الأقل فإن الانعقاد يجب أن يبدأ قبل نهاية ديسمبر، علي ان يستمر حتي نهاية سبتمبر 2016 وهو الذي يواكب بداية دور الانعقاد الثاني للبرلمان إذا ما استمر.. والله أعلم! ثانيا: ضرورة استقالة الحكومة للرئيس قبل دعوة البرلمان للانعقاد، وتكليف الرئيس لها بتسيير الأعمال لحين حصولها علي الثقة من البرلمان، علي ان يقوم الرئيس باختيار من يراه رئيسا للحكومة ويقوم بتشكيل حكومته ويذهب بها إلي البرلمان يعرض برنامجه ويحصل علي ثقة البرلمان خلال مدة ثلاثين يوما من انعقاد البرلمان طبقا لنص المادة «146» من الدستور، علي الأكثر وكل ما يقال خارج هذا الموضوع لغو حديث لا قيمة له، فمثلا يقول البعض ويجري وراء ذلك الاعلام بكل أسف، ان الحكومة لن تقدم استقالتها وانها ستذهب إلي البرلمان لعرض برنامجها للتصديق عليه، وهي مستمرة في عملها أو أن هذه الحكومة قد سبق لها ان حلفت اليمين، وقضي الأمر!! وعلي البرلمان ان يتقبلها كما هي، في محاولة يائسة لإعادة انتاج ما قبل الدستور. وهنا الرد الواضح والقاطع، ان مراعاة المادة «146» من الدستور تقضي بأن الرئيس مطالب بترشيح رئيس للحكومة يتولي التشكيل، حتي لو كان نفس رئيس الوزراء الحالي، ونفس تشكيلة الحكومة، المهم ان يتم الطرح من جديد، في إطار الوضع الجديد حيث تكون البرلمان وبدأ يمارس عمله ويستوجب الأمر احترامه وليس التعالي عليه من الرئيس ومستشاريه والحكومة، بل علي الجميع احترام الدستور ولو شكليا. وهذه فرصة لترجمة نصوص دستورية واضحة.. وقد يقول البعض ان الحكومة تجهز برنامجها، فكيف يتم التغيير؟ سواء تم تغيير شخص رئيس الوزراء أو عدد من أعضاء الحكومة، فإن ما يجري إعداده سيتم مراجعته من قبل الجدد لادخال بعض التعديلات أو تغيير ما تم إعداده.. فالخبراء موجودون بدون مشكلة. المهم هو احترام نصوص الدستور، وإلا فان الحكومة الحالية تسعي لفرض الأمر الواقع الأمر الذي يؤدي إلي انهيار شرعيتها وشرعية البرلمان الذي لم يستطع فرض ارادته، ويصبح الرئيس هو المسئول عن هذا الوضع أمام الشعب. ثالثا: النظر في اقرار ما سبق اصداره خلال فترتي الرئيس عدلي منصور، والرئيس عبدالفتاح السيسي من قوانين، والتي تجاوزت «400» تشريعا، فأمامنا وجهتي نظر، الأولي: ان المادة 156 من الدستور تشير إلي انه في حالة عدم انعقاد مجلس النواب «أي خلال إجازته البرلمانية» ما يوجب الاسراع في اتخاذ تدابير واصدار تشريعات، وهنا يمكن ان يخاطب الرئيس المحكمة الدستورية لتفسير النص علي وجه السرعة، والإجابة بجواز عرضها من عدمه علي البرلمان الذي عليه ان يقرها خلال 15 يوما من انعقاد المجلس الجديد. والثانية: الأخذ بمبدأ الاحوط وعرض هذه التشريعات اجمالا وفورا علي جلسات لعدة أيام لإقرار هذه التشريعات وتمرير ما تكون له مركز قانوني، ووقف مؤقت للتشريعات التي لم تكون مركزا قانونيا لحين البت فيها وهو معيار عادل، ومن ذلك «قانون التظاهر مثلا، وغيره»، ولا داعي للقلق أذن. رابعا وأخيرا: اصدار تشريعي بلائحة جديدة، وقانون للتفرغ البرلماني لكل عضو بغض النظر عن شغله وظيفة حكومية عامة أو وظيفة خاصة، والأمر هام وجاد، ولن يسمح بالاستمرار في أي وظيفة كانت عامة أو خاصة لأي عضو مهما كان صوته عاليا وإلا فإنه يقدم النموذج الأسوأ في عدم احترام الدستور وأخيرا، الثورة مستمرة حتي ظهور برلمانها الحقيقي. ومازال الحوار متصلا...