إن ما يمكن تفهمه بالمجهود الشخصي من التطورات المتلاحقة للموقف هو انه كان هناك غياب للإدراك السياسي وتخلف عن التفاعل السليم مع الاحداث. كل من قابلتهم وتحدثت معهم سواء الذين سيطر عليهم الحماس الوطني من الشباب أو من سيطر عليهم الخوف علي أمن واستقرار مصر.. اتفقوا علي أنه كان هناك بطء شديد في عدم التقييم السليم لأحداث ثورة شباب 52 يناير والتي تجاوبت معها بعد ذلك قطاعات كبيرة من الشعب المصري. في هذا الاطار فإن البيانات التي صدرت سعيا إلي المعالجة وتهدئة هذه الثورة كانت معكوسة. كان من المفروض أن يكون ثانيها أو ثالثها هو الاول. لقد أدي ذلك إلي ان تتجاوز الاحداث هذه البيانات وأن يرتفع سقف المطالب وأن تبرز فجوة كبيرة بين السلطة التي كانت تحاول السيطرة علي ميدان التحرير وخارجه. علي كل حال فقد حدث ما حدث ولا مجال للبكاء علي اللبن المسكوب وبقي التصدي لما تواجهه البلاد من مصاعب وأزمات نرجو الله أن يساعدنا علي عبورها واستعادة التوازن حتي تعود عجلة الحياة إلي الدوران. ليس جديدا القول أن الاشخاص إلي زوال ولا يبقي إلا وجه الله والوطن الذي يتحمل جميع ابنائه مسئولية مواجهة المستقبل لصالح الذين يعيشون حاضره والذين يستعدون لمواصلة مسيرة مستقبله. بعد كل الذي تحقق علي الساحة السياسية وهو كثير لايعد ولا يحصي. والذي ما كان أحد يحلم به أو يتخيله.. فقد حان الوقت لإعمال العقل للخروج من هذه الاوضاع وتأثيراتها السلبية علي الوطن وحياة المواطنين والتي شهدت علي مدي أكثر من اسبوعين صعوبة بالغة رغم ان لا أحد ينكر مكانتهما في تاريخ هذه الامة. هنا يثور التساؤل: ماذا بعد تنحي الرئيس مبارك وتولي قواتنا المسلحة من خلال المجلس الاعلي الذي يضم قياداتها. إنه وفي ظل ما تضمنته وعود المجلس وضماناته للمضي قدما في تنفيذ كل مراحل التغيير المأمول دعما للحرية والديمقراطية.. فإنه من المنتظر أن تتوالي القرارات والاجراءات. بالطبع هناك صعوبة في هذا المناخ السائد ومع توالي الاحداث والمفاجآت أن يأتي التحرك بالسرعة المطلوبة لانتشال الوطن من الحالة التي كان قد أصبح عليها من الفوضي والانفلات في تسيير الاعمال. إن أهم ما تنتظره جموع الشعب في المرحلة القادمة انها يجب أن تتسم بمراعاة عامل السرعة دون الاخلال باجراء الدراسة اللازمة سعيا إلي إعادة الامن والاستقرار. لابد من تضافر الجهود للمساعدة في اتمام هذه المهمة علي الوجه الأكمل. إن التطلع يتركز في الحفاظ علي الوجه الحضاري لمصر بما يضيف المزيد من الاحترام والتقدير. علي العاملين في أجهزة الحكومة وأجهزتها ومراكز الانتاج ان يؤكدوا ولاءهم لوطنهم بالعودة إلي أعمالهم وتكثيف جهودهم من أجل تعويض ما ضاع وما تم تخريبه. إنهم مطالبون وفي ظل ارتفاع فاتورة الخسائر الاقتصادية.. بتحمل مسئولية كبري تحتاج إلي الحماس والتحدي اللذين عرفا دوما عن الشعب المصري. هذا لا يمنعهم من أن يكونوا متابعين ومراقبين في نفس الوقت لما سوف يتم إنجازه من خطوات للاصلاح السياسي. إنني علي ثقة بأن القوات المسلحة وبدعم من كل أطياف الشعب سوف تواصل هذه المسيرة بصورة مشرفة وبمسئولية وطنية تتوافق مع قدر مصر ومكانتها. لم يعد لدينا وقت للسفسطة والشعارات وادعاءات البطولة من البعض الذين كان يتركز همهم الاول في البحث عن دور من خلال النفاق لثورة شباب 52 يناير النقي والتي كانوا غائبين عنها تماما عندما بدأت. من الضروري التحذير هنا من محاولات ركوب الموجة من شخصيات لديها القدرة علي التمثيل مستهدفة التغطية علي حقيقتها. إنني أستند فيما اقول إلي واقع من تجربتي الطويلة ومن خبرة أكثر من خمسين عاما أمضيتها ضمن كتيبة العمل الصحفي متدرجا في جميع وظائفها ليس لي من سند سوي حبي لوطني ولمهنتي. من المتوقع ووفقا لما اسعفتني به معلوماتي المتواضعة أن يبدأ المجلس الاعلي العسكري علي الفور في تغيير كل شيء في مصر.. إن التوجه نحو هذا الهدف يعني الاستجابة للتطلعات الشعبية في إطار من المشروعية بما يضمن انتقال السلطة وكذلك التحول إلي الحياة الديمقراطية السليمة سلميا وبسلاسة. يا شعب مصر.. يا شباب مصر. إن مهمتكم اليوم المشاركة في انقاذ الوطن بالوقوف صفا واحدا وراء قواتكم المسلحة التي لم تخذلكم وكانت سياج حماية لكم في إطار من المسئولية الملقاة علي عاتق ابنائها الذين هم أخوتنا وابناؤنا وأحفادنا. إنني علي يقين بأنكم تتمتعون بالوعي الكافي لتقدير المخاطر التي اصبحت تحيط بالوطن والتي تمثلت بعض جوانبها في الشماتة والتدخلات ومحاولات القفز علي الدور السياسي التاريخي لمصر الوطن.