كل الآباء مثلي يجب أن يكونوا فخورين بشباب التحرير.. لأنهم استطاعوا ان يفعلوا في النظام ما لم نستطع نحن فعله عندما وقفنا في ميدان التحرير أكثر من مرة. ماذا فعل هؤلاء الشباب؟! ببساطة.. حطموا أساطير عديدة تربوا عليها وتربينا نحن عليها أيضاً.. وهي أن الرئيس أب للجميع وسيد للجميع وليس موظفا لديهم وخادما لهم. ان الرئيس يبقي إلي آخر نفس يخرج من صدره وانه لايصح أن يكون بيننا شخص يحمل لقب الرئيس السابق. ان الرئيس يخلفه ولي عهده سواء كان نائبا أو رفيق كفاح أو كان احد ابنائه. حطموا أساطير عديدة من بينها ان مجلس الشعب سيد قراره.. وان احكام القضاء في شئون عضوية النواب مصيرها سلة المهملات.. وان الانتخابات البرلمانية اقرب للتعيين وان مسئول التنظيم في الاتحاد الاشتراكي أو حزب مصر أو الحزب الوطني هو المنوط به هندسة العملية الانتخابية من عبدالمجيد فريد إلي أحمد عز. وان كرسي البرلمان لا يفوز به الا صاحب منصب أو جاه أو عزوة أو سطوة أو ملايين.. وممنوع المرور أو الوقوف قطعيا لصاحب رأي أو موقف أو كلمة.. أو حتي ارادة شعبية. حطموا أساطير عديدة.. من بينها ان الوزراء آلهة.. يحيطهم كهنة من المنافقين يغرفون وينهبون القرابين باسم الاله امون الذي هو شعار كل وزير. من يحسن نفاقهم اقترب وحلق في السماء.. ومن ابدي رأيا »مش علي المزاج« غاب وراء الشمس. وبالمناسبة قال رجل انه يريد الذهاب الي المريخ ولكن ليس معه سوي جنيه واحد.. نصحه صديقه بان يعارض رئيسه في العمل.. هايوديه ورا الشمس.. ومن هناك يأخذ توك توك بجنيه للمريخ. هؤلاء الشباب الذين نطلق عليهم شباب الفيس بوك حطموا اسطورة ان الدستور لايمس وغير قابل للتعديل الا بمزاج الرئيس.. وغالبا يجيء له مزاجه اذا اراد التمديد أو اراد التوريث.. ولم يكن هناك أي تعديل تم لصالح الشعب. حطموا اسطورة ان مصر ليس بها من يصلح نائبا للرئيس وحطموا اسطورة ان أمين عام الحزب الحاكم يكون هو نفسه رئيس لجنة السماح بتكوين الاحزاب أو رفضها.. وطبعا الاحزاب الحقيقية كانت ترفض.. ويبقي في الساحة احزاب لايعرفها احد. هؤلاء الشباب حطموا اسطورة ان طريق الوزراء إلي عالم المليارديرات مفروش بالورود.. وان طريق المليارديرات الي مقاعد الوزراء مفتوح علي البحري.. ويابخت من نفع واستنفع.. وما اكثر الذين نفعوا.. واستنفعوا حطموا اسطورة الاستهانة باحكام القضاء.. والالتفاف حولها.. من اجل ارضاء حفنة من الناهبين لاموال الشعب علي حساب الشعب نفسه. حطموا اسطورة ان الباشا أمين الشرطة هو بطل فيلم »هي فوضي«.. هو الحاكم بامره في كل شيء.. ميكروباصات يملكها.. أو يفرض عليها اتاواته حماية سارقي الاراضي ومخالفي قانون البناء.. وحماية الذين يفترشون الارض ويحتلون الارصفة.. وتطبيق القانون علي الذين هم ليسوا علي هواهم.. ويغمضون اعينهم عن الذين يفتحون امخاخهم. واللي مش عاجبه.. قانون الطوارئ موجود.. وزي الحديد. كل هذا وأكثر فعله شباب الفيس بوك.. بوقفة صامدة في ميدان التحرير.. نعم حاولت احزاب ميتة ان تركب الثورة.. لكن الشعب كشفها.. حاول الاخوان ان يلبسوها رداءهم لكنهم رفضوا.. حاول البرادعي ان يتحدث باسمهم لكنهم لفظوه.. حاول اصحاب الخيول والجمال ان يرهبوهم ويفرقوهم لكنهم صمدوا. والآن.. بعد ان تحقق كل هذا.. بعد ان تحقق ما لم يتوقعه احد في هذا البلد.. رغم ان كثيرين ادعوا بانهم توقعوه.. فإن التفكير في الخطوة القادمة يصبح ضروريا. وأنا أري ان الحوار خطوة طيبة لصياغة معالم المستقبل. مصر لن تعود كما كانت قبل 52 يناير.. وهناك 48 مليون مصري سيتضامنون مع مليون ميدان التحرير لو نقض أحد العهد معهم. أو التف حول مطالبهم.. أو تهرب من التزاماته نحوهم.. رياح التغيير لها اتجاه واحد.. ولن تعود إلي الوراء.