سوريا وقضايا عديدة، في انتظار اللقاء المرتقب بين الرئيس الأمريكي أوباما والروسي بوتين، علي هامش مشاركتهما في أعمال الدورة القادمة للأمم المتحده بعد أيام هل فوجئت واشنطن بانتقال روسيا من مربع البحث عن حل سياسي للأزمه السورية، إلي الدخول في خط المواجهة الشاملة، حتي لو تطلب الأمر تدخلا عسكريا مباشرا، لدعم نظام بشار الأسد؟ السؤال رغم بساطته يكشف عن استراتيجية الطرفين تجاه أوضاع المنطقة في المرحلة القادمة. إذا كان السؤال ب "نعم" وان هناك توافقا بين الطرفين حول الخطوة الروسية، خاصة وأن واشنطن تدرك المصالح الاستراتيجية القصوي لروسيا، في المنطقة العربية، بعد أن فقدت من قبل العراق، ومن بعده ليبيا. فهذا معناه بأننا اقتربنا من الحل، ونحن نعيش في مرحلة تحسين شروط التفاوض، بين الأطراف الدولية والإقليمية، حول إنهاء الأزمة، بما يضمن الاعتراف بأدوار كل طرف، ومراعاة مصالحه. أما إذا كانت الخطوة منفردة والإجابة ب "لا "، فهذا يعني أن الأزمة السورية مرشحة لمزيد من التصعيد والمواجهة، التي لن تقتصر في هذه الحالة بين بشار وحكومته، أو المعارضة المسلحة وداعش، ولن تتوقف عند بعدها الإقليمي، بدخول إيران وحزب الله أطرافا داعمة بالسلاح والأفراد لقوات النظام، بل ستصبح سوريا ساحة للصراع الكوني بين واشنطنوروسيا، مثلها مثل أوكرانيا، ومناطق نزاع عديدة في العالم، صحيح انه ليس من المتوقع أن يحدث صدام عسكري بين الطرفين، ولكن أمر الحل في هذه الحالة يخضع لمقايضات، ليس من بين أهدافها تحقيق أو مراعاة مصالح الشعب السوري. الغريب في أمر الخطوة الروسية، بالإعلان عن موقف الدعم العسكري للنظام السوري، سواء بتزويده بطائرات سوخوي25 أو ميج 31، أو الإعلان عن تحويل جزء من مطار اللاذقية المدني، إلي منطقه تمركز لخبراء عسكريين ومدربين، جاءت بعد أن تعزز دور روسيا سياسيا، وقبلت أطراف عربية وإقليمية وحتي دولية، بفكرة أن تقود موسكو جهود الحل السياسي، وبالفعل استقبلت روسيا قادة عرب، ومنهم الرئيس عبد الفتاح السيسي، والملك عبد الله ملك الأردن، والأمير محمد بن سلمان وولي ولي العهد السعودي، وكانت سوريا في مقدمة القضايا المطروحة، بل اقتربت روسيا من الائتلاف السوري، ودعت قياداته إلي موسكو، بل خرج قادة مثل أوباما ورجب طيب اردوغان، ليتحدثوا بشكل واضح، وفي تصريحات لا تقبل التأويل، عن وجود تغيير في الموقف الروسي، من عقدة حل الأزمة السورية وهي مصير بشار الأسد، ما بين تيار قوي يقول إنه لا دور له في الحل، أو تحديد مستقبل سوريا، وبين وجهة نظر، تشير إلي أنه ضمانة الاستقرار والحفاظ علي مؤسسات الدولة، وقالوا إن بوتين أصبح أقرب لفكرة التخلي عن دعم الأسد، أو الإبقاء عليه، ووصل الأمر إلي أن بوتين تحدث مؤخراً، عن ان "الأسد مستعد لتقاسم السلطة مع المعارضة البناءة" وأنه مستعد لإجراء انتخابات برلمانية مبكرة. اعتقد أن هناك سببين وراء الخطوة الروسية الدرامية، والتي قررت من خلالها دعم الأسد عسكريا، الأول "أمني " وهناك قناعة روسية بمخاطر تنظيم داعش، الذي ولد من رحم القاعدة، التي تشكلت بالأساس لمواجهة الاحتلال الروسي لأفغانستان، وحديث روسيا لا ينقطع عن وجود قيادات شيشانية بين تنظيم داعش، وعمدتهم إلي بلادهم، ومخاوف موسكو من تمدد داعش إلي أفغانستان، بعد خروج أمريكا من هناك نهاية هذا العام، وقد تحركت موسكو لمواجهة داعش في عقر دارها في سوريا، أما السبب الثاني، فيتعلق بلعبة الاحتفاظ بمناطق النفوذ الباقية لموسكو، خاصة في دولة مهمة لسوريا أو أوكرانيا، واستثمار الرغبة الأمريكية في التخلي عن دورها في الشرق الأوسط، وانسحابها في ظل انخفاض القيمة الاستراتيجية لها، من حيث المصالح الأمريكية، لحساب اهتمامات جديدة في شرق آسيا، وسعي روسيا لملء الفراغ الناتج عن ذلك، وقد ظهر الإصرار الروسي علي تقديم الدعم لبشار، فلجأت إلي استخدام المجال الجوي العراقيوالإيراني، بعد أن نجحت أمريكا في دفع كلٍ من بلغاريا واليونان، لمنع الطائرات الروسية المتجهة إلي دمشق من استخدام أجوائها. وظني أن الموقف الأمريكي الذي يفتقد الحسم، من رفض الدعم العسكري الروسي لسوريا، يرجع إلي عاملين، أن سوريا منذ البداية ليست أولية في الرؤية الأمريكية، أو في بؤرة الاهتمام من واشنطن، بعد أن نجحت بالتلويح في 2013 بضرب سوريا، في دفع النظام إلي التخلي عن كل قدراته من الأسلحة الكيماوية، وكان ذلك بواسطة روسية، ولمصلحة إسرائيلية. ومن جهة أخري تتمني واشنطن أن تكون سورياأفغانستان جديدة لروسيا، ومركز استنزاف لقدراتها العسكرية والمالية، وقد تستعد بإمداد المعارضة الإسلامية بصواريخ وأسلحة متطورة لمواجهة القوات الروسية الجديدة، كما هو الحال في أوكرانيا، وعلينا أن ننتظر. !!