الاصدقاء في واشنطن لا ينسون رفض النظام المصري قبول قاعدة امريكية علي ارض مصر، مثلما لا ينسون رفض استخدام الارض المصرية في عملية عسكرية ضد ليبيا ايام الازمة الامريكية مع الاشقاء هناك مثلما رفض النظام المصري ذلك بالنسبة للسودان الشقيق. ولم يعجب الاصدقاء في واشنطن امتناع القوات المسلحة المصرية المتواجدة في حفر الباطن بالسعودية متصدية لقوات صدام حسين التي احتلت الكويت من متابعة الانسحاب العراقي والدخول إلي الاراضي العراقية والاعلان عن ان القوات المصرية لا تشارك في غزو العراق. ولم تنجح اغراءات العم سام في تغيير الموقف المصري المعارض لرغبات واشنطن مثلما لم تنجح الضغوط المباشرة وغير المباشرة من عينة حماية الاقليات واطلاق الحريات وحقوق السيدات. وابقي النظام المصري ارادة مصر لشعب مصر، مثلما أبقي العم سام علي علاقاته الطيبة بالقاهرة رافعا شعارا امريكيا يماثل قول اولاد البلد »لا أحبك ولا اقدر علي بعدك« فقد كانت مصالح الولايات المحدة متوافقة مع السياسة الخارجية لمصر ازاء ايران والسلام في الشرق الاوسط ومكافحة الارهاب.. ومن هذا المنطلق استمرت المساعدات الامريكية لمصر خاصة المساعدات العسكرية التي تم اعتمادها منذ اتفاقية السلام للتغطية علي زيادة المساعدات الامريكية لاسرائيل مع استخدام ذلك في التلويح بين الحين والاخر بموقف الكونجرس منها وإعادة النظر فيها بزعم معاناة النساء واضطهاد الاقليات والتباطؤ في اطلاق الحريات. وحرص العم سام علي بقاء العلاقات مع مصر في هذا الاطار واطلاق التصريحات عن الشراكة المصرية الامريكية والحديث عن الصداقة بين الشعبين، مثلما حرص النظام المصري علي رفض كل أشكال التدخل في الشئون الداخلية المصرية. وشهدت التصريحات الامريكية ارتفاعا وانخفاضا فقد ارتفعت في عهد بوش الابن وهدأت عقب تولي الرئيس باراك أوباما مقاليد البيت الابيض وزيارة مصر وإلقاء خطابه الشهير من جامعة القاهرة، لكنها لم تكن في يوم من الايام علي هذه الدرجة المحمومة التي لمسناها الآن. ولست أدري هل ينطلق الموقف الامريكي الآن من رغبة ساذجة في تصفية حسابات قديمة ليعرف الاصدقاء ان عدم الرضوخ لرغبات واشنطن له ثمنه، ولو بعد حين، ام انهم لم يتفهموا طبيعة شعب مصر الذي لن يقبل وجود مندوب سامي امريكي في القاهرة ووجود شخصيات نظنها محترمة تبدي سعادتها واعتزازها بان السفارة الامريكية اجرت معها اتصالا تليفونيا من جاردن سيتي، ودار الحديث عن امور لا يجوز الاعلان عنها. وليس صحيحا ان النظام في مصر لم يتفهم ما جري، لكن الحقيقة ان العم سام لم يتفهم طبيعة شعب مصر الذي رفض علي مدي تاريخه الرضوخ لرغبة الخواجات.