كم هي قصة إنسانية بسيطة لكنها تعبر عنا وعن مصرنا.. وعن معدننا الأصيل .. وعن حبنا.. ولائنا.. إنتمائنا لبلدنا.. نعم بلدنا الجميلة أبدا.. الراقية أبدا.. الواثقه بقدرة أبنائها أبدا.. الحالمة بالمستقبل أبدا.. القصة مكانها في محل سكني في الرحاب.. الساعة التاسعة صباحا.. حيث تعذر علّي الذهاب بنفسي للعمل، ولكني قررت أن أرسل كتاباتي للجريدة بالفاكس.. انطلقت مع ابنتي بسيارتها.. أنا أحاول البحث عن فاكس- أصبح في الحقيقة لا وجود له- ولكن انقطاع الانترنت أجبرني علي ذلك، وهي في طريقها للبحث عن بعض الاحتياجات الأساسية، يقطع علينا الطريق أطفال صغار يحملون لافتات ويطالبوننا بالتوقف- وهو ما حدث - لنجد أن اللافتة تدعونا للتبرع بالدم، أصرت ابنتي علي تركي للتبرع أولا بالدم، استحلفتها أن تدعني أولا أقوم بإرسال عملي للجريدة والعودة، وافقت علي مضض، الحمد الله ابني في المظاهرات وابنتي تقوم بواجبها تجاه الوطن، عدنا سريعا بعد إتمام مهمتي الصحفية، سيارة من الهيئة المصرية العامة للمستحضرات الحيوية واللقاحات - بنك الدم - تقف بنظام شديد تنسق مشهد كل المتبرعات في صفوف منتظمة، المتبرعات من كل الأعمار.. أعمار الزهور، ومن ربات البيوت، ومن السيدات متوسطات العمر يتسابقن بإصرار علي الحصول علي أكياس التبرع بالدم، أقف في الطابور أتطلع بعيني إلي الجانب الآخر أعداد كبيرة من الرجال والشباب يتسابقون للتبرع بالدم أيضا، أكتشف أن أخي- دون ترتيب مسيق- يقف بينهم، يتسارع نبض قلبي بشدة، أسأل عن صاحب المبادرة، يقولون لي إنها د. زينب علوب طبيبة التحاليل، وتقول أنها تعمل من خلال جمعيتها الأهلية " جنات الخلود الخيرية " وتضيف بحماس بالغ قررت ألا أقف سلبية جمعيتي تعمل في الدويقة والرحاب، وتصر علي أن المكانين »وجه لعملة واحدة هي.. مصر! «. أضافت قرر فريق العمل بالأمس أن يقدم مأكولات ومشروبات للشباب الذي يقف مدافعا عن الجميع في كل الأحياء، ثم اليوم اتصلت ببنك الدم وقلت لهم أن يرسلوا لنا سيارة لجمع التبرعات بالدم، نسقنا علي الفور مع د. أميرة ببنك الدم ، وتضيف »احنا مش ملاحقين علي التبرعات«، الأكياس لن تكفي، والطوابير لا تنتهي، وشباب يتولون العمل لجمع دماء المصريين لبثها في أجساد مصريين آخرين، نعم يعمل د. ياسر فخر الدين، وحاتم الشاذلي، وأحمد حسن، وعبد الناصر محمد، وأيمن فؤاد إلي جانب لمياء سمير وزميلتيها، شباب المجتمع المدني يحفظون دماء المصريين، وشباب اللجان الشعبية يحموننا وبلادنا وممتلكاتنا، وشباب تصادف سفرهم للخارج يصرون علي العودة لمصر والبقاء لحراسة بوابة الوطن.. الرسالة واضحة.. فمصر هي دمي وأمي.. ودمُكم وأمُكم وأمنا جميعا! مسك الكلام .. أولادنا يتنسمون الحرية، يحرسون الطرقات، يزيحون رغم إرهاقهم القمامة بأيديهم من الشوارع .. كم أحبكم يا شباب الوطن .. يا أبنائنا !