لدينا دائما من لا يعجبهم العجب ولا الصيام في رجب، فرغم ان فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب يحظي باجماع عام علي احترامه وقوة ايمانه وعلمه وثقافته الاسلامية العصرية، وجد هواه الجدل بابا لفتح جدل عقيم لا يزال مستمراً حوله بسبب عضويته في الحزب الوطني الديمقراطي، بينما رأي البعض ان يطرح الاقتراح الذي يتجدد كل فترة علي ضرورة ان يكون منصب شيخ الازهر بالانتخاب وليس بالتعيين، سواء كان حق الانتخاب لعلماء الازهر أو لدوائر أوسع، فإن مبدأ الانتخابات نفسه يجلب معه امراض السياسة والتربيط والألعاب التي نعرفها جميعاً، وبهذا فإن من الغريب ان يدور جدل حول تأثر شيخ الأزهر بالسياسة بسبب عضويته في الحزب الوطني، ثم يحاول البعض ان يجره الي السياسة من خلال لعبة الانتخابات! إذا كان هناك مأخذ علي فضيلة الامام الاكبر شيخ الازهر، فالشيخ رجل يؤخذ منه ويرد عليه، أن اصاب سمعنا له، وإذا أخطأ ناقشناه، لكنه في كل الاحوال يظل قيادتنا الدينية التي نعتصم خلفها جميعاً في مواجهة التطرف الاعمي. وفي مواجهة الطائفية الحاقدة لا يمكن لإسلام ان يعيش في وسط هذا المجتمع الذي ترابطت كل أطرافه مقربة الاتصالات إلا إذا كان محافظا علي وسطيته واعتداله ومواجهاته للتطرف وللارهاب وللطائفية، وقد أدار فضيلة الامام الاكبر الشيخ احمد الطيب لقاءه مع قداسة البابا شنودة كأفضل ما يكون، مرحبا به حبراً أعظم يجسد حنان المسيح فمسح بكلمته الطيبة مدامع كثير من الذين عانوا من حقد الطائفية الاعمي الذي يهدد الوطن. ولكن في الانتماء الحزبي للشيخ ما يثير تحفظات فرق كثيرة تري ان الشيخ الطيب ومقامه أكبر من ان يحتويه حزب او تيار سياسي، فالازهر منذ فتوي الشيخ المراغي بتوحيد المذاهب لم يعد مجرد قيادة دينية لاهل السنة فقط ولكنه اتسع ايضا ليشمل أهل الشيعة ايضا، وبالتالي فإن مقام الامام الأكبر هو مقام دولي، ما أن يصعد إلي كرسي المشيخة حتي يصبح ملكا لكل الشعوب والأمم والمذاهب الاسلامية، فهو مصري المولد، ولكنه عالمي القيادة والانتماء، وذلك ما نتوقعه من فضيلة الإمام الاكبر. المناصب التي تتم بالانتخاب هي مناصب تشريعية، تمثل نيابة عن الشعب، اما قرار تعيين فضيلة الإمام الاكبر شيخ الازهر أو وزير أو محافظا اقليم أي اقليم يتم اختياره لكفاءته وفنيته، وقد يكون عالما جليلاً رفيع المقام لكنه لا يحسن ولا يملك فن إدارة العلاقات الاجتماعية، فيرسب في أي انتخابات لو تقدم لها، لان هذه الانتخابات تتم علي اساس منافع دنيوية وذلك ما يتنافي مع مقام الشيخ الجليل، فلو كانت هذه المناصب العلمية والروحية يتم شغلها بالانتخابات لصعد إليها محترفو الانتخابات وخبراء العلاقات العامة، ومنصب الشيخ الجليل ارفع من هذا ولا يجب أن يخضع لهذه الاعتبارات وإلا تحول إلي منصب للتشهيلات والتسهيلات والعلاقات العامة. المناصب التي يتم فيها الانتخابات هي المناصب النيابية عن الشعب، ومنصب شيخ الازهر ليس منصب نيابة عن الشعب، لانه ليس جهة تشريع وليست له رقابة علي أداء الدولة أو الحكومة، ولو سمحنا بانتخاب شيخ الازهر سنعطي شيخ الازهر صلاحيات تشريعية ورقابية تهدم اسس الحياة البرلمانية، ويجب ان يظل مقام الشيخ الجليل بمنأي عن متغيرات السياسة، صحيح أن الاسلام لا يهتم فقط بالشئون الروحية ولكنه دين حياة ومع ذلك يجب ان ننأي بعلماء الدين عن الخوض في منافسات انتخابية ويجب ايضا أن ندافع بصرامة عن التمثيل النيابي للشعب وان نحصره في إطار المجلس النيابي لأن الديمقراطية لا تتحقق بكثرة الانتخابات، ولأن نتيجة الانتخابات هي تفويض من الشعب يمنحه لممثليه في البرلمان لرقابة أعمال الحكومة، فهل ينطبق ذلك علي شيخ الأزهر، وهل هو ممثل عن الشعب في رقابة أعمال الحكومة، وهل فضيلة الإمام الأكبر بمقامه الرفيع يجوز ان يخضع لمهاترات انتخابية يرفع فيها من قيمة نفسه، وينال من سمعة منافسيه في الانتخابات! الانتخابات تهز كرامة المنصب وتدخل السياسة في الدين والدين في أمور السياسة، وعلينا أن نعمل علي تنقية الدين من أدران السياسة، ولأن الشيخ صمام أمان ضد أي فتنة طائفية فلن يحصر الشيخ نفسه في إطار حزبي ضيق، وسيعمل لمصلحة الازهر كمؤسسة دينية بعيدا عن أي توجه حزبي، لأن عضويته بالحزب لا تؤثر علي عمله كشيخ للازهر. ولانه لا علاقة بين منصب شيخ الازهر وعضويته في الحزب الوطني، يؤكد ذلك أن الازهر ليس له أجندة حزبية أو طائفية أو حركية، والأزهر ليس طرفا في أي صراع مذهبي أو طائفي، وهذا أكده فضيلة الأمام الأكبر، بل ويعد بأنه لن يحدث، فالقاعدة الحاكمة للعمل هي في ان ما يتفق مع الازهر بعراقته وأصوله وتراثه سيلتزم الامام الأكبر به بقوة، وما يعارض ذلك لن يلتفت اليه، اما ما يجده هادما للعقائد أو المذاهب فسيقف له بالمرصاد. ما اسعدني هو اعلان فضيلة الأمام الأكبر الحفاظ علي المكاسب التي تحققت للازهر علي يد الامام الراحل د. محمد سيد طنطاوي، وأن التعليم الازهري من اهم الملفات التي سنبدأ في دراستها، وسيعمل علي أن يكون الازهر هو القلعة الكبري والمرجعية الأولي في الثقافة الاسلامية والعقل الاسلامي، لأن هذه هي امانة الازهر الذي كان سبب وحدة الثقافة بين المسلمين. برقيات واسئلة التجار.. متي يصومون عن الجشع؟ المستهلكون.. الساكتون علي الابتزاز! الدعم.. همّ بالنهار وحيرة بالليل! الفضائيات.. يبقي الوضع علي ما هو عليه! الاضرابات العمالية.. اقصر الطرق للوصول للإعلام! ازمة المرور.. كارثة لا تحتمل التأجيل!