حالة الارتفاع الجنوني غير المبرر التي أصابت أسعار اللحوم البلدية والتي عجز الجميع وعلي رأسهم خبراء الانتاج الحيواني ومربي الماشية عن ايجاد تفسير واقعي يبرر هذه الحالة التي ضاعفت من أعباء المواطن المصري بجميع فئاته.. لاسيما ان العالم يشهد منذ ما يزيد علي العام ونصف وتحديدا مع بداية الأزمة المالية العالمية تراجعا شديدا في أسعار الأعلاف ومستلزمات التربية وبالتالي كان من المتوقع ان تلحق بها في رحلة الهبوط أسعار اللحوم ولكن الواقع جاء مغايرا تماما عن المفترض.. ولذلك كان لابد للحكومة من ان تتحرك بشكل عاجل ممثلة في اجهزتها المختلفة وعلي رأسها الجهات التابعة لوزارة الزراعة باعتبارها المتعامل الرئيسي مع المربين بفئاتهم المختلفة.. وبدورها بحثت الزراعة في دفاترها القديمة وقررت احياء المشروع القديم الجديد لتسمين الجاموس أو ما يعرف »بمشروع البتلو«.. وذلك بجانب حزمة اخري من الإجراءات »الأخبار« رصدتها في التحقيق التالي لاستشراف جدوي تلك التحركات في اعادة الانضباط لسوق اللحوم الذي رفع شعار »الانفلات التام«. البداية كانت مع أمين أباظة وزير الزراعة واستصلاح الاراضي الذي أكد ان الوزارة اتخذت حزمة من الإجراءات في محاولة للسيطرة علي ارتفاع اسعار اللحوم ابرزها التيسيرات الجديدة التي تم الاعلان عنها مؤخرا في منح قروض تربية الجاموس البتلو مع وضع مخطط شامل لتنمية الثروة الحيوانية وحماية مربي الماشية من الاستيراد غير المنظم وتحسين السلالات المحلية من الجاموس والابقار دون الاستغناء عن السلالات الاصلية وتشجيع اقامة مشروعات الانتاج الحيواني في المناطق الصحراوية.. بالاضافة إلي تنويع مصادر استيراد اللحوم إلي جانب وضع ضوابط كاملة لتسويق اللحوم بمشاركة جميع الوزارات المعنية ومراقبة أسعارها بعد ارتفاعها ان ذلك يتطلب التدخل الفوري من الاجهزة الرقابية وعدم ترك السوق لآليات العرض والطلب.. مشيرا إلي انه يجري حاليا تفعيل اجراءات الرقابة علي مجازر الحيوانات لتفعيل قرارات حظر ذبح العجول الصغيرة التي لا تنطبق عليها قواعد الذبح.. وأوضح وزير الزراعة انه تقرر احياء مشروع انتاج الحيوانات البلدية أو ما يطلق عليه »مشروع البتلو« باعتمادات تصل إلي 001 مليون جنيه لتشجيع المربين علي الانتاج المحلي للحيوانات وتنمية الثروة الحيوانية لزيادة معدلات الاكتفاء الذاتي منها.. مضيفا ان الوزارة بصدد تقديم حزمة من التيسيرات للتوسع في انشاء مزارع الانتاج الحيواني . إحياء البتلو ومن جانبه أكد الدكتور توفيق شلبي رئيس قطاع الانتاج الحيواني بوزارة الزراعة ان عملية التنشيط الحالية لمشروع تسمين الجاموس »البتلو« ستتم عن طريق تشجيع التربية للثروة الحيوانية من خلال منح قروض ميسرة للمربين لزيادة معدلات تربية الجاموس وزيادة المعروض من اللحوم في الأسواق المحلية. وأوضح رئيس قطاع الانتاج الحيواني انه تقرر زيادة سقف القروض المقدمة للمرحلة الأولي من تربية عجول الجاموس في عمر الحضانة وحتي وزن 052كجم إلي الفي جنيه بدلا من 0051 جنيه وزيادة قروض تربية عجول الجاموس لأكثر من 052كجم إلي 3 آلاف جنيه بدلا من 0052 جنيه بهدف تشجيع المربين علي زيادة معدلات تربية الماشية والحصول علي اعلي عائد ممكن من هذه المشروعات. وشدد د.شلبي ان ارتفاع اسعار اللحوم إلي الجزارين ومبالغاتهم في أسعار اللحوم مقارنة بتكلفة انتاجها التي قلت خلال العام الماضي بصورة لافتة للنظرمطالبا بوضع ضوابط لتسويق اللحوم بمشاركة جميع الوزارات المعنية. براءة المربين وفي نفس السياق اشار الدكتور سعد الحياني رئيس رابطة منتجي الجاموس إلي ان تكاليف انتاج كيلو اللحوم القائم يصل إلي 02 جنيها ترتفع بعد الذبح إلي ما يقرب من 04 جنيها لكيلو اللحوم بينما يبالغ الجزارون في رفع اسعار اللحوم للحصول علي المزيد من الأرباح الخيالية التي تحتاج إلي التدخل الفوري من الأجهزة الرقابية للحكومة.. مؤكدا ان 57٪ من أسباب ارتفاع اسعار اللحوم يرجع إلي مبالغة الجزارين في الحصول علي ارباح اضافية موضحا انه في الوقت الذي يحصل فيه المزارع أو مربي الماشية علي 02٪ من الأرباح خلال فترة تربية الحيوان لمدة تتراوح من 21 إلي 51 شهرا يحصل الجزار علي أرباح تصل إلي 51 جنيها للكيلو من اللحوم خلال 5 أيام فقط. وأشار الحياني إلي ان مصر لديها ما يتراوح من 5 إلي 6 ملايين رأس من الحيوانات الحية تحقق ما يصل إلي 3 ملايين ولدة جديدة سنويا سواء من الاناث أو الذكور موضحا ان قطاع الانتاج الحيواني يستطيع من خلال خطة للاهتمام بالتغذية الحيوانية وزيادة قدرتها علي التناسل ان يضيف 5.1 مليون رأس ذكور سنويا جاهزة للذبح الفوري . مؤكدا ان ازمة ارتفاع اسعار اللحوم ترجع الي عدة اسباب منها ما يتعلق بجشع الجزارين واسباب اخري منها ان مصر فقدت اكثر من 15٪ من رؤوس الجاموس والابقار البالغة 6 ملايين رأس اي ما يصل الي 90 الف رأس عام 2006 بسبب استيراد حيوانات حية من اثيوبيا مصابة بمرض الحمي القلاعية. و من جهة اخري كشفت مصادر بوزارة الزراعة ان احياء مشروع البتلو يأتي في اطار حزمة من الاجراءات اعدتها الوزارة للسيطرة علي ارتفاع اسعار اللحوم حيث اعلن الدكتور محمد مصطفي الجارحي رئيس الهيئة العامة للخدمات البيطرية موافقة امين اباظة وزير الزراعة واستصلاح الاراضي علي السماح لشركات القطاع الخاص باستيراد 60729 رأس حيوانات حية من الخارج بالاضافة الي 44الف طن لحوم مجمدة ومشفاة . واشار الدكتور الجارحي الي ان هناك تكليفات واضحة من وزير الزراعة بضرورة تيسير اجراءات استيراد اللحوم من الخارج وذلك وفقا للاشتراطات المصرية لاستيراد اللحوم والتأكد من الموقف الوبائي لكل دولة علي حدة عن طريق منظمة الصحة الحيوانية وموافقة اللجان العلمية بالهيئة . فجوة اللحوم وكشف الدكتور علاء رضوان رئيس رابطة مستوردي اللحوم عن ازدياد الطلب علي اللحوم بنسبة 15٪ خلال الشهرين الماضيين تمثل الشريحة التي كانت تستهلك لحوم الخنازير والتي اتجهت بكامل قوتها الشرائية الي اللحوم الحمراء بعد انتهاء المخزون المتوافر في مصر من لحوم الخنازير المجمدة مؤكدا ان الكميات المتوافرة من اللحوم حاليا في مصر لاتغطي 50٪ من الاستهلاك الحقيقي مشيرا الي انخفاض استيراد اللحوم المجمدة الي 130 الف طن فقط بدلا من 250 الي 300الف طن خلال عام 2008 و120 الف رأس عجول حية بدلا من 350 الف رأس. واوضح رضوان ان ذلك يرجع الي مخاوف المستوردين من الاتهامات والافتراءات التي تلاحقهم باستيراد لحوم فاسدة وعجول مريضة رغم التزامهم الكامل بالاشتراطات المصرية وتعدد الجهات الرقابية المشرفة علي عملية الاستيراد الي جانب اعتراض بعض الدول علي المجازر المصرية واشتراطها مجازر بمواصفات محددة ومعايير الرأفة بالحيوان في الذبح للسماح بتصدير حيواناتها الحية الي مصر.