تربيت أنا وأبناء جيلي علي صيحة عالية.. كان يطلقها عسكري الأمن والذي كان يسمي بعسكري الدرك.. طوال الليل منذ غروب الشمس وحتي شروقها وهو يمشي في الحارات والشوارع والأحياء.. تلك الصيحة التي كانت تجعلنا نشعر بالأمن والأمان ونحن نيام في بيوتنا سواء في ليالي الصيف أو الشتاء علي حد سواء وكانت تلك الصيحة: مين هناك؟!.. والتي يطلقها عسكري الدرك بكل حماس وشجاعة لينشر بها عبارات التخويف لكل من تخول له نفسه من اللصوص لإقتحام المنازل أو كسر أبواب وأقفال المحال أو المخازن التجارية.. هذه الصيحة والتي اختفت من حياتنا ولم نعد نشعر بعدها بهذا الأمان الذي كنا ننام ونصحو عليه آمنين علي بيوتنا وتجارتنا.. صحيح أن هناك سيارات للدوريات منتشرة هذه الأيام تجوب الشوارع العامة والميادين الكبري لتواجه المخططات الإجرامية وتضرب بيد من حديد علي اللصوص ومرتكبي جرائم الإرهاب والسرقة والقتل والعبث بالأمن العام للوطن والمواطن.. ولكن أبداً لم ننس هذه الصيحة الآمنة.. التي كان يطلقها هذا العسكري الطيب الساهر علي أمننا جميعاً والذي كان يعرف كل السكان بمنطقة حراسته بالإسم والأسرة.. وكم نتمني أن تعود هذه الصيحة إلي شوارعنا وحاراتنا مرة أخري. إنني أتذكر بكل فخر تلك المجهودات والتضحيات الرائعة التي يبذلها جهاز الشرطة لحفظ الأمن في كل المواقع السكنية والإنتاجية خاصة وإننا نحتفل بعيدهم التاسع والخمسين والذي يذكرنا بواقعة الكرامة والشجاعة والتضحية التي قدموها فداء لمصر في الإسماعيلية في يناير عام 1952.. ولعل أجمل ما قدمه رجال الشرطة لنا في عيدهم هذا العام هو التوصل لهؤلاء المجرمين الذين إرتكبت أيديهم الآثمة فعلتهم الإجرامية في حق شعب مصر وراح ضحيتها الشهداء والضحايا أمام كنيسة القديسين بالإسكندرية. محمد عرفة [email protected]