حارة ضيقة .. باعة جائلون.. منازل أثرية .. في حارة مرجوش بمنطقة الجمالية ولكن أهم ما يميزها وجود أشهر حمام بخار بلدي في مصر يرجع تاريخه الي فترة حكم السلطان الحاكم بأمر الله الفاطمي وكان ضمن 365 حمام بخار بلدياً حيث كان الحاكم يذهب للاستحمام كل يوم في حمام مختلف ولهذا سميت الحمامات بأيام الاسبوع وكان اشهرها حمام الثلاث بالاضافة الي حمامات عرفت بأسماء اخري مثل حمام بشتاج والدرب الاحمر والسكرية والمصبغة والسبعات البحرية والسبعات القبلية والجمالية .. عاد البريق إلي الحمام البلدي واصبح حالياً ملاذ الباحثات عن الجمال ومقصدا للعرائس الجدد.. من أجل الاستعداد لليلة عمرها تستعد له كل فتاه مهما اختلف مستواها الاجتماعي حيث تذهب الي اقرب مركز تجميل أو «البيوتي سنتر» من أجل جلسات المساج والبخار بالاضافة إلي رسم الحنة إستعدادا لحفل الزفاف .. ولكنها تعاني من البحث عن مركز تجميل تثق فيه و دفع مبالغ مالية في متناول يديها في ظل ارتفاع الأسعار الجنوني. الحمام الأول مرجوش الذي زرناه يقع في شارع أمير الجيوش بمنطقة باب الشعرية ويعتبر من أشهر حمامات البخار الشعبية حالياً في مصر وهو يتواجد داخل منزل قديم ومتهالك الحوائط وهناك مواعيد العمل للرجال والنساء للنساء منذ السابعة صباحا الي الخامسة مساء والرجال من الساعة السادسة مساءالي الساعة الثالثة صباحا..دخلنا الحمام ولم يكن امامنا سوي ستارة من القماش وبمجرد ازاحتها أصبحنا في قلبه، وبمجرد ان تدخل ينتابك إحساس غريب بأنك انفصلت عن الواقع .. قابلتنا سيدة مليئة القوام تدعي «أم رأفت» وفي يدها السيجارة ترتدي ملابس شفافة تجلس أعلي مصطبة رخامية أمامها مكتب خشبي عليه بعض أدوات التجميل من « ليف مغربي – مرطبات – دم الغزال – احجار للقدم وغير ذلك» ويجلس من حولها سيدات وفتيات من العاملات بالحمام وأخريات يتشحن بالعباءات السوداء يبدو من مظهرهن ذلك وأسلوب حديثهن انهن من قاطني المناطق الشعبية المجاورة للحمام البلدي ينتظرن دورهن للاستحمام ورسم الحناء وعمل جلسات المساج والتكييس أعلي مصاطب خشبية. قالت لنا «أم رأفت» ان اسعار المجموعة الخاصة بالعروسة بين 350 و450 جنيهاً وترتفع الاسعار في الاعياد الرسمية الي 500 جنيهاً وقابل للزيادة علي حسب متطلبات العروس .. داخل الحمام سألنا سيدة في الثلاثين من عمرها كانت تجلس بجوارنا تمهيداً لعمل الحناء بأن هذا الحمام البلدي من أفضل الحمامات البخارية وأكثرها شهرة والارخص ثمنا مقارنة باسعار البيوتي سنتر ومراكز التجميل الحديثة. تضيف صديقتها التي كانت بجانبها: ابنة خالتي عقدت عدة جلسات للمساج الطبيعي والبخاري في أحد المراكز التجميل في المعادي ودفعت 3000جنية وعرفنا هذا المكان بعد ذلك وكانت تكلفته للعروسة لا تتجاوز 450 جنيهاً وقالت: انتوا لازم تيجوا بالعبايات السوداء حتي لا تغالي السيدة مديرة الحمام في السعر فهي تقدر ثمن دخولك للحمام بمظهر الزبون.. تجولنا في الحمام كانت الغرف شبه مفتوحة وفي إحدي الغرف يوجد «مغطس مستدير» تتدفق اليه المياه الساخنة إلي درجة الغليان وسقف هذا الجزء علي شكل قبة كروية بها فتحات مستديرة للتهوية والي اليمين توجد غرفتان مخصصتان لخلع الملابس وارتداء البشكير الابيض الملفوف حول الجسد. أما الحمام الشعبي الثاني فاسمه «عوكل» بمنطقة السبتية ووجدنا نفس المشهد حيث تصطف المصاطب الرخامية بجوار بعضها التي تجلس عليها السيدات وبعض اقفاص العصافير، ووجدنا سيدة في السبعين من عمرها تجلس امام مكتب صغير تتابع تحركات السيدات في الحمام الزبائن وتأمر العاملات وتراقب تنفيذ طلبات والزبائن، وسألناها عن الاسعار الخاصة بالعروسة وقالت إنها تتراوح بين 200 و300 جنيه ولابد من الحجز قبلها بيوم.. راقبنا المشهد الذي تكرر سواء من حيث الادوات أو الشكل.. رصدنا وجود سيدات من طبقات راقية من المجتمع المصري وبدا ذلك من مظهرهن.. اكدت لنا واحدة منهن أنها وصديقاتها من سكان منطقة الهرم والمعادي لجأن إلي الحمام لأنه ارخص بكثير من استغلال مراكز التجميل والتي تبتز الزبائن بأسعار خيالية فقد يصل السعر الخاص بالعروسة إلي 4000 جنيه وربما أكثر بالاضافة إلي أنها ليست بنفس الجودة التي تقدم هنا في هذا الحمام البلدي وقالت إنهن يصطحبن بناتهن الصغار معهن وكأنها فسحة لا تعوض. سارة أحمد رضوي حسني