استعيد ملامح وجهي الغائب عني من جديد.. ها هي تأتيني من وسط الضباب البعيد شاحبة باهتة غريبة .. تبدأ هلامية غامضة .. وشيئاً فشيئاً ترتسم خطوطه ببطء وعلي استحياء بقلم غير مرئي .. لا يعرف الألوان ولا يلجأ للزيف .. ولايخفي بصمات الزمن أو علامات الارهاق المتراكم .. ولدهشتي أعيد اكتشافه فرحة كطفل عاد لأمه بعد غياب طويل .. أنظر في مرآتي واتساءل بسذاجة : أهذا أنفي .. وتلك عيوني .. وذاك فمي .. أهذه أنا؟ ربما .. انها تشبهني لكني لست واثقة .. استعين بذاكرتي فتتخلي عني .. لأظل أتخبط في شكي دون أن أحسم أمري. عبر أمواج القلق وهزات التوتر افتقدت وجهي في زحام الأحداث الجسام حتي أوشك علي الضياع .. اختلف عما تعودت .. أما ذاك الوجه الكئيب الذي كنت أراه صدفة يطل علي من المرآة فكنت أنكره وأفر منه .. كان يشعرني بالغربة بدلا من الألفة .. فكنت أنزعج لرؤياه ثم أتراجع للخلف وأستدير لأهرب منه سريعا .. فلما بدأت نفسي تهدأ قليلا وحل الاطمئنان محل القلق تبدلت تلك الصورة الغريبة ، وتبددت ملامحها الدخيلة ، واستعدت بعضاً من تفاصيلها القديمة أدركت وقتها أن قدرتنا علي لمس وجوهنا ليس دليلاً علي وجودها كما عرفناها .. ليس مهماً أن تكون جميلة أو نضرة .. بل الأهم أن نشعر بالرضا والراحة كلما نظرنا الي أنفسنا هكذا تنعكس مخاوفنا وقلقنا وتوترنا علي ملامحنا فتغيرها وتجعلنا نبدو كأشخاص آخرين أكبر سناً وأكثر عبوساً فتطل همومنا من أعيننا ، وتتجمد ملامحنا لتصبح صلبة خشبية تفتقد حيوية التعبير فنغترب عن جوهرنا وعندما تزول الأزمة قد نسترد ما فقدناه .. هكذا افتقدت وجهي المألوف وهأنذا أستعيده .. لا لم استرد وجهي فقط ولكن استرددت نفسي أيضا. ميرفت شعيب [email protected]