الأمين العام للأمم المتحدة هو كبير الدبلوماسيين في العالم، ورئيس الأمانة العامة للأمم المتحدة، أحد الأجهزة الرئيسية في المنظمة الدولية. يعد الأمين العام الحامل الرسمي لكلمة الأممالمتحدة وهو أعلي منصب فيها. يعين الأمين العام للأمم المتحدة من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة بناء علي توصية من مجلس الأمن، الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن يمكنهم استخدام الفيتو للإعتراض علي المرشح للمنصب (بريطانيا - الصين - فرنسا - روسيا - الولاياتالمتحدةالامريكية). فترة تولي المنصب محددة بخمس سنوات قابلة للتجديد. لدورة ثانية، وباستثناء بطرس بطرس غالي الذي شغل المنصب لولاية واحدة، كل من تولي منصب الأمين العام شغل منصبه لولايتين متتاليتين. علي الأمين العام للأمم المتحدة أن يكون محايدا أكثر ما يمكن، ولهذا دائما ما يكون الأمين العام لا يحمل جنسية إحدي الدول الأعضاء الدائمة في مجلس الأمن. ينفذ الأمين العام للأمم المتحدة كل ما يوكل إليه أو يطلب منه من قبل الجمعية العامة ومجلس الأمن والمجلس الاقتصادي والاجتماعي وكل هيئات الأممالمتحدة. وبصفته أعلي مسؤول، يفترض للأمين العام أن يسخر مهنته وحياده لمنع قيام أي أزمات أو معارك يمكن أن تشكل خطرا علي السلم والأمن الدوليين. لكن بالرغم من أهمية هذه الوظيفة إلا انها تخضع بشكل كلي لإملاءات أعضاء مجلس الأمن، خاصة الدول الخمس دائمة العضوية. لهذا نجد الأمناء العامين حريصين دائما علي عدم اغضاب الدول الكبري لتفادي ما حدث مع سابقيهم. مشكلة الأمناء العامين أن الدول الكبري دائمة العضوية، هي من تنتخبهم ومن تجدد لهم أو تطرد من لا ينسجم مع توجهاتها، كما فعل الاتحاد السوفيتي سابقا في الأمين العام الأول تريجفي لي، حيث أجبره علي الاستقالة، وكما فعلت امريكا مع بطرس بطرس غالي بعد دورته الأولي، حيث صوت 14 عضوا لتجديد ولايته لدورة أخري، إلا أن مادلين أولبرايت، مندوبة امريكا آنذاك، استخدمت حق الفيتو منفردة، فانتهي الأمر وخرج بطرس غالي ليحل محله وكيله لشئون عمليات حفظ السلام كوفي عنان. في النصف الثاني من عام 2016 ستواجه الأممالمتحدة استحقاقا صعبا يتمثل في ضرورة انتخاب أمين عام جديد، إذ تنتهي الولاية الثانية لبان كي مون وسيتم انتخاب الأمين الجديد ليبدأ ولايته الأولي في الأول من يناير 2017. وعلي الرغم من انه من المبكر الحديث عن الأمين العام الجديد، لكن المنافسة علي المنصب قد بدأت بالفعل، وترددت علي الساحة بعض الاسماء. في هذه المرحلة لا يمكن التنبؤ بالشخص الأوفر حظا. لكن دبلوماسيين عديدين يقولون ان قائمة المرشحين تشمل رئيس ليتوانيا، واثنين من رؤساء الوزراء السابقين من أستراليا ونيوزيلندا، ورؤساء ووزراء خارجية من عدة بلدان في أمريكا اللاتينية. وكلهم يتعرضون لنداءات متزايدة بخوض المغامرة وذلك من جانب ائتلاف العديد من الحكومات وجماعات الضغط بالإضافة إلي ما يجري من محادثات عبر القنوات الخلفية مع امريكا والقوي الكبري الأخري. وذكرت صحيفة التليجراف البريطانية، أن رئيس وزراء قطر السابق، حمد بن جاسم، يسعي لتولي منصب أمين عام الأممالمتحدة في الوقت الذي ترددت فيه أنباء قوية عن أن أمير قطر يريد تعويض بن جاسم بدعمه للمنصب، بعد المناصب التي خسرها واحدا تلو الآخر عقب تولي الشيخ تميم بن حمد عرش البلاد في يونيو العام الماضي. وسبق ان لعبت قطر دوراً أساسياً في عام 2006 في إيصال بان كي مون الأمين الحالي إلي منصبه، وكان كي مون وزيراً لخارجية كوريا الجنوبية. وتكاد فرص تولي حمد بن جاسم منصب الأمين العام للأمم المتحدة، تكون منعدمة، لاسيما أن المنظمة الدولية لديها اعرافها التي تقضي بان تتناوب قارات العالم علي منصب الأمين العام، ووفقا لهذه التقاليد فيجب أن يتولي المنصب في هذه المرة إما مرشح عن أوروبا أو أمريكا اللاتينية، ومن غير المعقول أن يتولي آسيوي رئاسة المنظمة الدولية خلفا لآسيوي آخر. والمرة الوحيدة التي تولي فيها شخصان من نفس القارة منصب الأمين العام لدورتين متتاليتين حدثت بسبب استخدام امريكا لحق الفيتو ضد التجديد للمرشح الإفريقي المصري بطرس غالي، ليتم تعويض افريقيا بدورة جديدة كانت من نصيب كوفي عنان. إذا حدث والغي العرف المتبع بشأن التناوب الجغرافي بين القارات وترشح بن جاسم لمنصب الأمين العام، فستكون أمامه معركة ضروس، حيث ان الدول الخليجية المعتدلة ومصر لن تصوت في الغالب ل بن جاسم وستعمل علي عرقلة ترشيحه، لأن الجميع يعلم مواقفه السابقة. ولذلك فان اللوائح الخاصة بالامم المتحدة يجب ان تخضع لسلسلة من الإصلاحات التي يجب تنفيذها لتحديث المنظمة الدولية، وحتي لا يتم التأثير علي طريقة انتخاب الامين العام، ومؤهلات المرشحين وطريقة اتنخابهم وإشراك الجمعية العامة في انتقاء الأكثر تأهيلا، رجلا كان أم امرأة. فمنصب الأمين العام يجب أن يخضع لمعايير جديدة، بحيث يكون هناك أكثر من مرشح وتقوم الجمعية العامة بلعب دور أساسي في اختيار المرشح النهائي، بعيداعن صفقات الدول الكبري. فلا يجوز أن تبقي الآليات التي وضعت في السنوات الأولي للامم المتحدة، حيث كان عدد أعضائها 51 عضوا تبقي هي نفسها معمولا بها بعد أن وصلت عضويتها إلي 193 دولة. وكذلك فان مفهوم القوة الذي يستند إلي القوة العسكرية وامتلاك السلاح النووي قد تغير إلي القوة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. كما يجب عدم الاستهانة بالقوي المتوسطة ذات الأوزان الإقليمية والدولية. وقد تشكل ائتلاف من المنظمات غير الحكومية تحت مظلة واسعة أطلق عليها «1 من أجل سبعة مليارات». «نحن نسعي لاختيار شخص واحد يمثل سكان الكرة الأرضية بملياراتها السبعة أو يزيد»، لكي لا يتم التأثير علي طريقة انتخاب الامين العام، ومن بين المشاركين في الحملة منظمات: العفو الدولية، والمساواة الآن، ومنبر آسيا، ولجنة المحامين للسياسة النووية، وشبكة العالم الثالث، ومنظمة المرأة للبيئة والتنمية، والفيدرالية الدولية لروابط الأممالمتحدة وغيرها الكثير. وقد وجهت المنظمة رسالة إلي سام كونتيسا رئيس الجمعية العامة الحالي ووزير خارجية أوغندا سابقا والي الدول الأعضاء ال193 تطالبهم فيها بتحمل مسؤولياتهم في إيجاد آلية فعالة لاختيار رجل أو امرأة لمثل هذا المنصب الحساس، يتناسب مع عالم اليوم وتحدياته المعقدة لدورة واحدة فقط مدتها سبع سنوات. فهل سيتحقق الحلم ويتم إصلاح آلية انتخاب الأمين العام في هذه الدورة؟