اليوم أريد الانضمام الي تلك الاصوات الحكيمة التي نادت بالتنبه وطالبت بالالتفات إلي ذلك الدرك الذي انزلقت إليه بعض القنوات الفضائية التي تطل علينا كل مساء وتدخل كل بيت وتشاهدها كل الاسر حاملة معها بعض المعاني والمفاهيم التي لا تتوافق مع القيم والتقاليد المصرية العريقة. وللحقيقة لقد اصبح لافتا للانتباه ومثيرا لكثير من الاندهاش والعجب، ذلك الكم المتزايد من البرامج الحوارية «التوك شو» التي تطل علينا متناولة بالطرح والنقاش المستفيض العديد من الموضوعات الجنسية، وما يتصل بها وما يتفرع عنها من علاقات وممارسات انسانية واجتماعية. ومصدر الاندهاش والعجب يعود الي غرابة طرح هذه القضية أو تلك المشكلة للنقاش العام الآن عبر البرامج الحوارية، وكأنها أصبحت من القضايا أو المشاكل الاساسية والرئيسية في المجتمع المصري، وتشغل بال الاسر المصرية، وتحتل مساحة واسعة من الاهتمام لدي العامة والخاصة، مما يتطلب طرحها للنقاش العام، وأخذ الآراء حولها، حيث ان السكوت عليها نوع من التخلف والجهل الاجتماعي.. الذي لم يعد مقبولا الآن. ويتجاهل هؤلاء ان طرحهم هذا غير صحيح بالمرة، فضلا عن كونه يخالف طبيعة وعادات وتقاليد الشعب المصري في عمومه، كما يتصادم مع الكثير من قيمه الاخلاقية المحافظة، التي تؤمن ان مثل هذه القضايا وتلك المشاكل مكان طرحها هو عيادات الأطباء او المصحات، وليس للنقاش العام علي شاشات القنوات الفضائية. كما يتجاهل هؤلاء، حقيقة أولية يدركها القاصي والداني في مصرنا المحروسة، وهي إننا نعاني بالفعل حاليا من العديد من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، تتصدرها مشكلة الأمية التي يعاني منها حوالي ثلاثين مليون مصري، ومشكلة سوء وتخلف منظومة التعليم في جميع مراحله ومستوياته، ومشكلة البطالة التي تؤرق كل شاب وكل أسرة، فضلا عن مشاكل الطرق والمواصلات والمرور والاسكان والمياه والصرف الصحي، وارتفاع الاسعار وقلة الانتاج وزيادة الاستهلاك، وغيرها.. وغيرها. لذلك وجب علينا القول لهؤلاء بكل صراحة ودون تردد، ان طرح مثل هذه الموضوعات الآن، والادعاء بأنها قضايا هامة هو نوع من الاستسهال بحثا عن اثارة الاهتمام بأي وسيلة، حتي ولو كانت مثل هذه الموضوعات،...، وهذا لا يصح ولا يليق.